1. المقالات
  2. الجزء الخامس_زاد المعاد
  3. حكم رسول الله في تخيير أزواجه بين المقام معه وبين مفارقتهن له

حكم رسول الله في تخيير أزواجه بين المقام معه وبين مفارقتهن له

5316 2007/11/28 2024/04/16

 
حكم رسول الله في تخيير أزواجه بين المقام معه وبين مفارقتهن له


ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت لما أمر رسول الله بتخيير أزواجه بي فقال إني ذاكر لك أمرا فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت وقد علم أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه ثم قرأ ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) (الأحزاب:28)الأحزاب 28 فقلت في نفسي  أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة قالت عائشة ثم فعل أزواج مثل ما فعلت فلم يكن ذلك طلاقا قال ربيعة وابن شهاب فاختارت واحدة منهن نفسها فذهبت وكانت ألبتة قال ابن شهاب بدوية قال عمرو بن شعيب وهي ابنة الضحاك العامرية رجعت إلى أهلها وقال ابن قد كان دخل بها انتهى وقيل لم يدخل بها وكانت تلتقط بعد ذلك البعر وتقول أنا الشقية واختلف الناس في هذا التخيير في موضعين أحدهما في أي شيء كان والثاني في حكمه الأول فالذي عليه الجمهور أنه كان بين المقام معه والفراق وذكر عبدالرزاق في عن الحسن أن الله تعالى إنما خيرهن بين الدنيا والآخرة ولم يخيرهن في الطلاق القرآن وقول عائشة رضي الله عنها يرد قوله ولا ريب أنه سبحانه خيرهن بين ورسوله والدار الآخرة وبين الحياة الدنيا وزينتها وجعل موجب اختيارهن الله والدار الآخرة المقام مع رسوله وموجب اختيارهن الدنيا وزينتها أن يمتعهن سراحا جميلا وهو الطلاق بلا شك ولا نزاع   

 

 

 وأما اختلافهم في حكمه ففي موضعين أحدهما في حكم اختيار الزوج والثاني في حكم النفس فأما الأول فالذي عليه معظم أصحاب النبي ونساؤه كلهن ومعظم الأمة أن اختارت زوجها لم تطلق ولا يكون التخيير بمجرده طلاقا صح ذلك عن عمر وابن مسعود عباس وعائشة قالت عائشة خيرنا رسول الله فاخترناه فلم نعده طلاقا وعن أم وقريبة أختها وعبدالرحمن بن أبي بكر وصح عن علي وزيد بن ثابت وجماعة من الصحابة أنها إن اختارت زوجها فهي طلقة رجعية قول الحسن ورواية عن أحمد رواها عنه إسحاق بن منصور قال إن اختارت زوجها يملك الرجعة وإن اختارت نفسها فثلاث قال أبو بكر انفرد بهذا إسحاق بن منصور على ما رواه الجماعة قال صاحب المغني ووجه هذه الرواية أن التخيير كناية بها الطلاق فوقع بمجردها كسائر كناياته وهذا هو الذي صرحت به عائشة رضي الله والحق معها بإنكاره ورده فإن رسول الله لما اختاره أزواجه لم يقل وقع بكن ولم يراجعهن وهي أعلم الأمة بشأن التخيير وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها لم يكن ذلك طلاقا وفي لفظ لم نعده طلاقا وفي لفظ خيرنا رسول الله أفكان والذي لحظه من قال إنها طلقة رجعية أن التخيير تمليك ولا تملك المرأة نفسها إلا طلقت فالتمليك مستلزم لوقوع الطلاق وهذا مبني على مقدمتين إحداهما أن التخيير والثانية أن التمليك يستلزم  الطلاق وكلا المقدمتين ممنوعة فليس التخيير بتمليك ولو كان تمليكا لم يستلزم الطلاق قبل إيقاع من ملكه فإن غاية أمره أن تملكه الزوجة كما كان الزوج يملكه يقع بدون إيقاع من ملكه ولو صح ما ذكروه لكان بائنا لأن الرجعية لا تملك نفسها

 

 

 وقد اختلف الفقهاء في التخيير هل هو تمليك أو توكيل أو بعضه تمليك وبعضه توكيل أو تطليق منجز أو لغو لا أثر له ألبتة على مذاهب خمسة التفريق هو مذهب أحمد ومالك أبو الخطاب في رؤوس المسائل هو تمليك يقف على القبول وقال صاحب المغني فيه إذا أمرك بيدك أو اختاري فقالت قبلت لم يقع شيء لأن أمرك بيدك توكيل فقولها في قبلت ينصرف إلى قبول الوكالة فلم يقع شيء كما لو قال لأجنبية أمر امرأتي فقالت قبلت وقوله اختاري في معناه وكذلك إن قالت أخذت أمري نص عليهما أحمد في إبراهيم بن هانيء إذا قال لامرأته أمرك بيدك فقالت قبلت ليس بشيء حتى يتبين إذا قالت أخذت أمري ليس بشيء قال وإذا قال لامرأته اختاري فقالت قبلت نفسي أو نفسي كان أبين انتهى وفرق مالك بين اختاري وبين أمرك بيدك فجعل أمرك بيدك واختاري تخييرا لا تمليكا قال أصحابه وهو توكيل وللشافعي قولان أحدهما أنه تمليك وهو الصحيح عند أصحابه والثاني أنه توكيل وهو وقالت الحنفية تمليك وقال الحسن وجماعة من الصحابة هو تطليق تقع به واحدة وله رجعتها وهي رواية ابن منصور عن أحمد

 

 


وقال أهل الظاهر وجماعة من الصحابة لا يقع به طلاق سواء اختارت نفسها أو اختارت ولا أثر للتخيير في وقوع الطلاق ونحن نذكر مآخذ هذه الأقوال على وجه الإشارة إليها قال أصحاب التمليك لما كان البضع يعود إليها بعد ما كان للزوج كان هذا حقيقة قالوا وأيضا فالتوكيل يستلزم أهلية الوكيل لمباشرة ما وكل فيه والمرأة ليست بأهل الطلاق ولهذا لو وكل امرأة في طلاق زوجته لم يصح في أحد القولين لأنها لا الطلاق والذين صححوه قالوا كما يصح أن يوكل رجلا في طلاق امرأته يصح أن يوكل في طلاقها قالوا وأيضا فالتوكيل لا يعقل معناه ها هنا فإن الوكيل هو الذي يتصرف لموكله إلا والمرأة ها هنا إنما تتصرف لنفسها ولحظها وهذا ينافي تصرف الوكيل قال أصحاب واللفظ لصاحب المغني وقولهم إنه توكيل لا يصح فإن الطلاق لا يصح تمليكه ينتقل عن الزوج وإنما ينوب فيه غيره عنه فإذا استناب غيره فيه كان توكيلا لا قالوا ولو كان تمليكا لكان مقتضاه انتقال الملك إليها في بضعها وهو محال فإنه لم عنها ولهذا لو وطئت بشبهة كان المهر لها لا للزوج ولو ملك البضع لملك عوضه كمن منفعة عين كان عوض تلك المنفعة له قالوا وأيضا فلو كان تمليكا لكانت المرأة مالكة للطلاق وحينئذ يجب أن لا يبقى مالكا لاستحالة كون الشيء الواحد بجميع أجزائه ملكا لمالكين في زمن واحد مالك للطلاق بعد التخيير فلا تكون  مالكة له بخلاف ما إذا قلنا هو توكيل واستنابة كان الزوج مالكا وهي نائبة عنه

 

 


قالوا وأيضا فلو قال لها طلقي نفسك ثم حلف أن لا يطلق فطلقت نفسها حنث فدل على نائبة عنه وأنه هو المطلق ،قالوا وأيضا فقولكم إنه تمليك إما أن تريدوا به أنه ملكها نفسها أو أنه ملكها أن فإن أردتم الأول لزمكم أن يقع الطلاق بمجرد قولها قبلت لأنه أتى بما يقتضي بضعها عن ملكه واتصل به القبول وإن أردتم الثاني فهو معنى التوكيل وإن غيرت قال المفرقون بين بعض صوره وبعض وهم أصحاب مالك إذا قال لها أمرك بيدك أو جعلت إليك أو ملكتك أمرك فذاك تمليك وإذا قال اختاري فهو تخيير قالوا والفرق حقيقة وحكما أما الحقيقة فلأن اختاري لم يتضمن أكثر من تخييرها لم يملكها وإنما خيرها بين أمرين بخلاف قوله أمرك بيدك فإنه لا يكون بيدها إلا وهي وأما الحكم فلأنه إذا قال لها أمرك بيدك وقال أردت به واحدة فالقول قوله مع وإذا قال اختاري فطلقت نفسها ثلاثا وقعت ولو قال أردت واحدة إلا أن تكون غير بها فالقول قوله في إرادته الواحدة قالوا لأن التخيير يقتضي أن لها أن تختار ولا يحصل لها ذلك إلا بالبينونة فإن كانت مدخولا بها لم تبن إلا بالثلاث وإن تكن مدخولا بها بانت بالواحدة وهذا بخلاف أمرك بيدك فإنه لا يقتضي تخييرها بين وبين زوجها بل تمليكها أمرها وهو أعم من تمليكها الإبانة بثلاث أو بواحدة بها عدتها فإن أراد بها أحد محتمليه قبل قوله وهذا بعينه يرد عليهم   اختاري فإنه أعم من أن تختار البينونة بثلاث أو بواحدة تنقضي بها عدتها بل أمرك أصرح في تمليك الثلاث من اختاري لأنه مضاف ومضاف إليه فيعم جميع أمرها بخلاف فإنه مطلق لا عموم له فمن أين يستفاد منه الثلاث وهذا منصوص الإمام أحمد

 

 

 قال في اختاري إنه لا تملك به المرأة أكثر من طلقة واحدة إلا بنية الزوج ونص أمرك بيدك وطلاقك بيدك ووكلتك في الطلاق على أنها تملك به الثلاث وعنه رواية أنها لا تملكها إلا بنيته وأما من جعله تطليقا منجزا فقد تقدم وجه قوله وضعفه وأما من جعله لغوا فلهم مأخذان أحدهما أن الطلاق لم يجعله الله بيد النساء إنما بيد الرجال ولا يتغير شرع الله باختيار العبد فليس له أن يختار نقل الطلاق من لم يجعل الله إليه الطلاق ألبتة قال أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا حبيب بن أبي ثابت أن قال لامرأة له إن أدخلت هذا العدل إلى هذا البيت فأمر صاحبتك بيدك فأدخلته ثم هي طالق فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأبانها منه فمروا بعبدالله مسعود فأخبروه فذهب بهم إلى عمر فقال يا أمير المؤمنين إن الله تبارك وتعالى الرجال قوامين على النساء ولم يجعل النساء قوامات على الرجال فقال له عمر فما قال أراها امرأته قال وأنا أرى ذلك فجعلها واحدة

 

 


قلت يحتمل أنه جعلها واحدة بقول الزوج فأمر صاحبتك بيدك ويكون كناية في الطلاق أنه جعلها واحدة بقول ضرتها هي   ولم يجعل للضرة إبانتها لئلا تكون هي القوامة على الزوج فليس في هذا دليل لما إليه هذه الفرقة بل هو حجة عليها ،وقال أبو عبيد حدثنا عبدالغفار بن داود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن الفارسية كانت تحت محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر فملكها أمرها فقالت أنت ثلاث مرات فقال عثمان بن عفان أخطأت لا طلاق لها لأن المرأة لا تطلق وهذا أيضا لا يدل لهذه الفرقة لأنه إنما لم يوقع الطلاق لأنها أضافته إلى غير وهو الزوج وهو لم يقل أنا منك طالق وهذا نظير ما رواه عبدالرزاق حدثنا ابن أخبرني أبو الزبير أن مجاهدا أخبره أن رجلا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما ملكت امرأتي أمرها فطلقتني ثلاثا فقال ابن عباس خطأ الله نوءها إنما الطلاق عليها وليس لها عليك قال الأثرم سألت أبا عبدالله عن الرجل يقول لامرأته أمرك بيدك فقال قال عثمان رضي الله عنهما القضاء ما قضت قلت فإن قالت قد طلقت نفسي ثلاثا قال القضاء ما قلت فإن قالت طلقتك ثلاثا قال المرأة لا تطلق واحتج بحديث ابن عباس رضي الله خطأ الله نوءها ورواه عن وكيع عن شعبة عن الحكم عن ابن عباس رضي الله عنه في جعل أمر امرأته في يدها فقالت قد طلقتك ثلاثا قال ابن عباس خطأ الله نوءها طلقت

 


قال أحمد صحف أبو مطر فقال خطأ الله فوها ولكن روى عبدالرزاق عن ابن جريج سألت عبدالله بن طاووس كيف كان أبوك يقول في رجل ملك امرأته أمرها أتملك أن نفسها أم لا قال كان يقول ليس إلى النساء طلاق فقلت له فكيف كان أبوك يقول في ملك رجلا أمر امرأته أيملك الرجل أن يطلقها قال لا فهذا صريح من مذهب طاووس لا يطلق إلا الزوج وأن تمليك الزوجة أمرها لغو وكذلك توكيله غيره في الطلاق أبو محمد بن حزم وهذا قول أبي سليمان وجميع أصحابنا الحجة الثانية لهؤلاء أن الله سبحانه إنما جعل أمر الطلاق إلى الزوج دون النساء ناقصات عقل ودين والغالب عليهن السفه وتذهب بهن الشهوة والميل إلى الرجال كل فلو جعل أمر الطلاق إليهن لم يستقم للرجال معهن أمر وكان في ذلك ضرر عظيم فاقتضت حكمته ورحمته أنه لم يجعل بأيديهن شيئا من أمر الفراق وجعله إلى فلو جاز للأزواج نقل ذلك إليهن لناقض حكمة الله ورحمته ونظره للأزواج والحديث إنما دل على التخيير فقط فإن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة كما كن أزواجه بحالهن وإن اخترن أنفسهن متعهن وطلقهن هو بنفسه وهو السراح الجميل أن اختيارهن لأنفسهن يكون هو نفس الطلاق وهذا في غاية الظهور كما ترى قال هؤلاء والآثار عن الصحابة في ذلك مختلفة اختلافا شديدا فصح عن عمر وابن مسعود بن ثابت في رجل جعل أمر امرأته   فطلقت نفسها ثلاثا أنها طلقة واحدة رجعية وصح عن عثمان رضي الله عنه أن ما قضت ورواه سعيد بن منصور عن ابن عمر وغيره عن ابن الزبير وصح عن علي وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنها إن اختارت نفسها فواحد بائنة وإن زوجها فواحدة رجعية

 


وصح عن بعض الصحابة أنها إن اختارت نفسها فثلاث بكل حال وروي عن ابن مسعود فيمن أمر امرأته بيد آخر فطلقها فليس بشيء قال أبو محمد ابن حزم وقد تقصينا من روينا عنه من الصحابة أنه يقع به الطلاق فلم بين من صح عنه ومن لم يصح عنه إلا سبعة ثم اختلفوا وليس قول بعضهم أولى من بعض ولا أثر في شيء منها إلا ما رويناه من طريق النسائي أخبرنا نصر بن علي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد قال قلت لأيوب السختياني هل علمت قال في أمرك بيدك إنها ثلاث غير الحسن قال لا اللهم غفرا إلا ما حدثني به عن كثير مولى ابن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي قال ثلاث قال فلقيت كثيرا مولى ابن سمرة فسألته فلم يعرفه فرجعت إلى قتادة فأخبرته فقال قال أبو محمد كثير مولى ابن سمرة مجهول ولو كان مشهورا بالثقة والحفظ لما هذا الخبر وقد أوقفه بعض رواته على أبي هريرة انتهى

 


وقال المروذي سألت أبا عبدالله ما تقول في امرأة خيرت   نفسها قال قال فيها خمسة من أصحاب رسول الله إنها واحدة ولها الرجعة عمر مسعود وابن عمر وعائشة وذكر آخر قال غير المروذي هو زيد بن ثابت ..قال أبو محمد ومن خير امرأته فاختارت نفسها أو اختارت الطلاق أو اختارت زوجها أو تختر شيئا فكل ذلك لا شيء وكل ذلك سواء ولا تطلق بذلك ولا تحرم عليه ولا لشيء ذلك حكم ولو كرر التخيير وكررت هي اختيار نفسها أو اختيار الطلاق ألف مرة وكذلك ملكها نفسها أو جعل أمرها بيدها ولا فرق ولا حجة في أحد دون رسول الله وإذا لم يأت في القرآن ولا عن رسول الله أن قول لامرأته أمرك بيدك أو قد ملكتك أمرك أو اختاري يوجب أن يكون طلاقا أو أن لها تطلق نفسها أو تختار طلاقا فلا يجوز أن يحرم على الرجل فرج أباحه الله تعالى له بأقوال لم يوجبها الله ولا رسوله وهذا في غاية البيان انتهى كلامه قالوا واضطراب أقوال الموقعين وتناقضها ومعارضة بعضها لبعض يدل على فساد أصلها كان الأصل صحيحا لاطردت فروعه ولم تتناقض ولم تختلف ونحن نشير إلى طرف من

 


فاختلفوا هل يقع الطلاق بمجرد التخيير أو لا يقع حتى تختار نفسها على قولين تقدم ثم اختلف الذين لا يوقعونه بمجرد قوله أمرك بيدك هل يختص اختيارها أو يكون في يدها   لم يفسخ أو يطأ على قولين أحدهما أنه يتقيد بالمجلس وهذا قول أبي حنيفة ومالك في إحدى الروايتين عنه الثاني أنه في يدها أبدا حتى يفسخ أو يطأ قول أحمد وابن المنذر وأبي ثور والرواية الثانية عن مالك ثم قال بعض أصحابه ما لم تطل حتى يتبين أنها تركته وذلك بأن يتعدى شهرين ثم اختلفوا هل عليها أنها تركت أم لا على قولين

 


ثم اختلفوا إذا رجع الزوج فيما جعل إليها فقال أحمد وإسحاق والأوزاعي والشعبي وعطاء له ذلك ويبطل خيارها وقال مالك وأبو حنيفة والثوري والزهري ليس له وللشافعية خلاف مبني على أنه توكيل فيملك الموكل الرجوع أو تمليك فلا يملكه بعض أصحاب التمليك ولا يمتنع الرجوع وإن قلنا إنه تمليك لأنه لم يتصل به فجاز الرجوع فيه كالهبة والبيع واختلفوا فيما يلزم من اختيارها نفسها فقال أحمد والشافعي واحدة رجعية وهو قول عمر وابن مسعود وابن عباس واختاره أبو عبيد وإسحاق وعن علي واحدة بائنة وهو أبي حنيفة وعن زيد بن ثابت ثلاث وهو قول الليث وقال مالك إن كانت مدخولا بها وإن كانت غير مدخول بها قبل منه دعوى الواحدة واختلفوا هل يفتقر قوله أمرك بيدك إلى نية أم لا فقال أحمد والشافعي وأبو حنيفة إلى نية وقال مالك لا يفتقر إلى نية واختلفوا هل يفتقر وقوع الطلاق إلى نية إذا قالت اخترت نفسي أو فسخت نكاحك فقال أبو حنيفة لا يفتقر وقوع الطلاق نيتها  نوى الزوج وقال أحمد والشافعي لا بد من نيتها إذا اختارت بالكناية ثم قال مالك إن قالت اخترت نفسي أو قبلت نفسي لزم الطلاق ولو قالت لم أرده وإن قالت أمري سئلت عما أرادت فإن أرادت الطلاق كان طلاقا وإن لم ترده لم يكن طلاقا ثم مالك إذا قال لها أمرك بيدك وقال قصدت طلقة واحدة فالقول قوله مع يمينه وإن لم له نية فله أن يوقع ما شاء وإذا قال اختاري وقال أردت واحدة فاختارت نفسها ثلاثا ولا يقبل قوله

 

 

 


ثم هاهنا فروع كثيرة مضطربة غاية الإضطراب لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ولا والزوجة زوجته حتى يقوم دليل على زوال عصمته عنها قالوا ولم يجعل الله إلى النساء شيئا من النكاح ولا من الطلاق وإنما جعل ذلك إلى وقد جعل الله سبحانه الرجال قوامين على النساء إن شاؤوا أمسكوا وإن شاؤوا فلا يجوز للرجل أن يجعل المرأة قوامة عليه إن شاءت أمسكت وإن شاءت طلقت ولو أجمع أصحاب رسول الله على شيء لم نتعد إجماعهم ولكن اختلفوا فطلبنا لأقوالهم من غيرها فلم نجد الحجة تقوم إلا على هذا القول وإن كان من روي عنه روي عنه خلافه أيضا وقد أبطل من ادعى الإجماع في ذلك فالنزاع ثابت بين الصحابة كما حكيناه والحجة لا تقوم بالخلاف فهذا ابن عباس وعثمان بن عفان قد إن تمليك الرجل لامرأته أمرها ليس بشيء وابن مسعود يقول فيمن جعل أمر امرأته آخر فطلقها ليس بشيء   إنما عرضت عليها أتطلقها أم لا ولم تملكها أمرها ولولا هيبة أصحاب رسول الله لما عدلنا عن هذا القول ولكن أصحاب رسول الله هم وإن اختلفوا في حكم التخيير ففي ضمن اختلافهم اتفاقهم على اعتبار التخيير إلغائه ولا مفسدة في ذلك والمفسدة التي ذكرتموها في كون الطلاق بيد المرأة تكون لو كان ذلك بيدها استقلالا فأما إذا كان الزوج هو المستقل بها فقد تكون له في تفويضها إلى المرأة ليصير حاله معها على بينة إن أحبته أقامت معه كرهته فارقته فهذا مصلحة له ولها وليس في هذا ما يقتضي تغيير شرع الله وحكمته فرق بين توكيل المرأة في طلاق نفسها وتوكيل الأجنبي ولا معنى لمنع توكيل في الطلاق كما يصح توكيله في النكاح والخلع وقد جعل الله سبحانه للحكمين النظر في حال الزوجين عند الشقاق إن رأيا التفريق وإن رأيا الجمع جمعا وهو طلاق أو فسخ من غير الزوج إما برضاه إن قيل هما أو بغير رضاه إن قيل هما حكمان وقد جعل للحاكم أن يطلق على الزوج في مواضع النيابة عنه فإذا وكل الزوج من يطلق عنه أو يخالع لم يكن في هذا تغيير لحكم ولا مخالفة لدينه فإن الزوج هو الذي يطلق إما بنفسه أو بوكيله وقد يكون أتم للرجل من نفسه وأعلم بمصلحته فيفوض إليه ما هو أعلم بوجه المصلحة فيه منه جاز التوكيل في العتق والنكاح والخلع والإبراء وسائر الحقوق من المطالبة بها واستيفائها والمخاصمة فيها فما الذي حرم التوكيل في الطلاق نعم   يقوم مقام الموكل فيما يملكه من الطلاق وما لا يملكه وما يحل له منه وما عليه ففي الحقيقة لم يطلق إلا الزوج إما بنفسه أو بوكيله


 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day