1. المقالات
  2. القصص في السيرة
  3. غزوة هوازن يوم حنين

غزوة هوازن يوم حنين

10623 2008/01/24 2024/03/19

 
50 ـ غزوة هوازن يوم حنين


* قال ابن إسحاق : ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة جمعها ملكها مالك بن عوف النصري ، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلهم واجتمعت نصر وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بني هلال ، وهم قليل , ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء ، وغاب عنها ولم يحضرها من هوازن كعب وكلاب ، ولم يشهدها منهم  أحد له اسم ، في بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب ، وكان شيخاً مجرباً ، وفي ثقيف سيدان لهم ؛ وفي الأحلاف قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب ، وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث وأخوه أحمر بن الحارث ، وجماع أمر الناس إلىملك بن عوف النصري .


فلما أجمع المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحضر مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ، فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد بة ، فلما نزل قال : بأي واد أنتم ؟ قالوا : بأوطاس . قال : نعم مجال الخيل لاحزن ضرس ولاسهل دهس ، مالي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، الخيل لاحزن ضرس ولاسهل دهس ، مالي أسمع رغاء البعير ن ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ؟ قالوا : ساق مالك بن عفو مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم . قال : أين مالك ؟ قالوا : مالك . ودعي له


قال يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك وإن هذا يوم كائن له بعده من الأيام ، مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ؟ قال : سقت مع الناس أبناءهم وأموالهم . قال : ولم ؟ قال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم .


        قال: فأنقض به ، ثم قال : راعى ضأن والله ! هل يرد المنهزم شيء ؟ ! إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك .


        ثم قال : ما فعلت كعب وكلاب ؟ قال : لم يشهدها منهم أحد . قال : غاب الحد والجد لو كان يوم علاء ورفعته لم تغب عنه كعب وكلاب ،ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب ، فمن شهدها منكم ؟ قالوا : عمرو بن عامر وعوف بن عامر . قال : ذانك الجذعان من عامر لا ينفعان ولا يضران . ثم قال : يا مالك إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً .


        ثم قال دريد المالك بن عوف : ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعلياء قومهم ثم الق الصباء على متون الخيل ، فإن كانت لك لحق بك من وراءك وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالك .


قال : والله لا أفعل ، إنك قد كبرت وكبر عقلك ! ثم قال مالك . والله لتطيعنني يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري . وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي . فقالوا : أطعناك .


فقال دريد : هذا يوم لم أشهده ولم يفتني .


ياليتني فيها جذع                أخب فيها وأضع


اقود وطفاء الزمع               كأنها شاة صدع


 ثم قال مالك للناس : إذا رأيتموهم فأكسروا جفون سيوفكم ثم شدوا شدة رجل واحد.


·   عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين حين رأى من الناس ما رأى : " ياعباس ناد : يامعشر الأنصار يا أصحاب الشجرة " فأجابوه : لبيك لبيك . فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره فلا يقدر على ذلك فيقذف درعه عن عنقه ويأخذ سيفه وترسه ثم يؤم الصوت ، حتى اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائه ، فأستعرض الناس فأقتتلوا ، وكانت الدعوة أول ما كانت للأنصار ، ثم جعلت آخراً للخزرج ،وكانوا صبراً عند الحرب ، وأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه فنظر إلى مجتلد القوم فقال :" الآن حمي الوطيس " .


·   قال : فوالله ما راجعه الناس إلا والأسارى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتفون ، فقتل الله منهم من قتل ، وأنهزم منهم من انهزم ، وأفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم أموالهم وأبناءهم .


·   عن العباس بن عبد المطلب قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث لا نفارقه . ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغله بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي ، فلما التقى الناس ولى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار ، قال العباس : وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة الا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .


·   وقال رسول الله : " أي عباس ن ناد أصحاب السمرة " قال : فوالله لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ! فقالوا : يالبيكاه يالبيكاه !


·   قال : فأقتتلوا هم والكفار ، والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار . ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا : يا بني الحارث ابن الخزرج .


فنظر رسول الله وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال : " هذا حين حمى الوطيس " ثم أخذ حصيات فرمى بهن في وجوه الكفار ، ثم قال : " أنهزموا ورب محمد " قال : فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، قال : فوالله ما هو إلى أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلاً ، وأمرهم مدبراً .

 

 


غريب القصة :


-       يا أصحاب الشجرة : أي شجرة بيعة الرضوان .


-       مجتلد القوم :  موضع جلادهم وقتالهم .


-       حمى الوطيس : الوطيس يعني التنور أي أن الحرب اشتدت حرراتها كما تشتد حرارة التنور .


-       فروة بن نفاثة : من بني الدول ، من بكر بن وائل ملك جاهلي .


-       يركض بغلته : أي يضربها برجله .


-   السمرة : السمر شجر معروف في الجزيرة العربية ، وهذه الشجرة بايع تحتها الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان على الموت يوم الحديبية .


الفوائد والعبر :


1-   الاسفادة  بأهل الخبرة والتيمن بآرائهم من عادات العرب القديمة .


2-   استعداد المشركين بكل ما يملكون من مال وخطط دليل حقد وكراهية للإسلام والمسلمين .


3-   الانتحار وإزهاق الروح لا يفعله إلى الكافرون .


4-   للانصار وأصحاب بيعة الرضوان مكانة ومنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .


5-   المؤمن يصبر حين البأس في أرض القتال .


6-    وجوب وجود القائد بين جنده وفي مقدمتهم لهم في التضحية ، وحثاً لهم على القتال ودافعاً لهم للاستشهاد .


7-   شجاعة ورباطة جأش الرسول الكريم في مواجهة الأعداء .


8-   نصر الله تعالى لرسوله الكريم والمسلمين .


9- الإيجار في الخطاب دليل بلاغة المتحدث ؛ قوله : ( حمى الوطيس ) كلام موجز لهم يسبق إليه صلى الله عليه وسلم ، وكم له من هذه الكلمات الموجزة البديعة .


10-  فيه معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم  أحدهما فعليه ، والأخرى خبرية فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بهزيمتهم ورماهم بالحصيات فولوا مدبرين ، وذكر مسلم في الراوية الأخرى أنه صلى الله عليه وسلم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل بها وجوههم فقال : شاهت الوجوه ، فما خلق الله منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً من تلك القبضة ، وهذا أيضاً فيه معجزتان خبرية وفعلية (النووي 12 / 116) .


11-   جواز التعرض إلى الهلاك في سبيل الله ولا يقال كان النبي صلى الله عليه وسلم متيقنا للنصر لوعد الله تعالى له بذك وهو حق ، لأن أبا سفيان بن الحارث قد ثبت معه آخذاً بلجام بغلته وليس هو في اليقين مثل النبي صلى الله عليه وسلم .


12-  فيه ركوب البغلة إشارة إلى مزيد الثبات، لأن ركوب الفحولة مظنة الاستعداد للفرار والتولي ، وإذا كان رأس الجيش قد وطن نفسه على عدم الفرار ، وأخذ بأسباب ذلك كان أدعى لأتباعه على الثبات .


فيه من شهرة الرئيس نفسه في الحرب مبالغة في الشجاعة وعدم المبالاة بالعدو .
 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day