1. المقالات
  2. أروع القيم الحضارية في سيرة خير البرية
  3. أروع القيم الحضارية في شمائله الكريمة

أروع القيم الحضارية في شمائله الكريمة

الكاتب : انجوغو امبكي صمب
المقال مترجم الى : English 中文


الفصل الثالث :


أروع القيم الحضارية في شمائله الكريمة
يحسن بنا بعد سرد القيم الحضارية النبيلة التي تضمنها زواج النبي الكريم وجهاده , أن نتعرض لبعض شمائله الكريمة، لنشاهد من جمال خلقه ومكارم خلقه ما لم يحوه قط أحد من البشر قبله ولا بعده، ((فقد كان يمتاز من جمال خلقه وكمال خلقه بما لا يحيط بوصفه البيان، وكان من أثره أن القلوب فاضت بإجلاله، والرجال تفانوا في حياطته وإكباره، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره، فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام ولم يبالوا أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر...))(1).

 


 
المبحث الأول:

 

 

 

جمال خلقه وحسن هندامه
أجمع كل من رأى رسول الله  من المسلمين والكفار، والعرب والعجم، على وصفه بأجمل الصفات وأحسن النعوت، مما يدل على تبوئه على أعلى منزلة من الكمال البشري.
النبي الكريم في ريشة علي بن أبي طالب:
قال وهو ينعت رسول الله : (لم يكن بالطويل الممغط، ولا بالقصير المتردد، وكان ربعة من القوم، ولم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، وكان جعدا رجلا، ولم يكن بالمطهم، ولا بالمكلثم، وكان على الوجه تدوير، وكان أبيضا مشربا، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، دقيق المسربة، أجرد ششن الكفين، والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي من صبب، وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله(1).

 


رسول الله في عيني أم معبد:


قالت أم معبد عن رسول الله وهي تصفه لزوجها حين مر بخيمتها مهاجرا إلى المدينة: ظاهر الوضاءة أبلج(2) الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة(1)، ولم تزر به صلعة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف(2)، وفي صوته صحل(3)، وفي عنفه سطح، أحور، أكحل، أزج(4)، أقرن(5)، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن، ربعة لا تقحمه عين من قصر، ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا...(6).

 


 
مقارنة بين الوصفين:


 

لا ريب أن كلا من أم معبد وعلي بن أبي طالب ذكر ما شاهده من الجمال و الكمال في شخص رسول الله ، وهناك بين الوصفين اختلاف تنوع اقتضه اختلاف الواصفين وهاكم مقارنة لطيفة بين الوصفين:

 


1- إن وصف أم معبد لرسول الله  لا يمت إلى أي معتقد ديني في رسول الله، حتى يقال أن وصفها له جاء من باب الغلو والإطراء الذي يحدث غالبا عندما يصف الإنسان من يقدسه من نبي أو رجل صالح، وعليه فإن موافقتها لما قاله علي بن أبي طالب في وصف الرسول  يدل أيضا على أنه لم يكن مبالغا في ذكر محاسنه عليه الصلاة والسلام.

 


2- إن لكل من الرجال والنساء مقاييس قد تتحد وقد تختلف في اعتبار الجمال والكمال في الإنسان، ومع ذلك لم يذكر واحد منهما ما يدل على صفة غير مرغوبة في رسول الله.

 


3- إن وصف أم معبد لرسول الله كان في أول لقاء له وهو في سفر خائفا يترقب، وجائع و عطشان، أضف إلى ذلك أنه في الثالث والخمسين من عمره، ولم يختلف وصفها إياه عن قول من عرفه شابا يافعا، مقيما بين أهله مطمئنا، مما يشهد على استواء أحواله في الحل والترحال، والخوف والأمن، والشباب والشيخوخة، نور على نور.


حسن هندامه:


كان رسول الله حسن الهندام وكامل الزينة ومرتب الأزرة، غير مفرط في تجمل، ولا مفرط في تقشف، بل كان كل أمره وسطا.

 


وهذه بعض الصور الجميلة لهندامه بأبي هو وأمي:
عنايته بشعره: فقد كان يرتب شعره ويعتني به (فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أرجل رسول الله وأنا حائض)(1)، وعنها رضي الله عنها أيضا قالت: (إن كان رسول الله ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر، وفي ترجله إذا ترجل...)(2)، وذلك ليجمع بين جمال الظاهر والباطن، وبين رعاية حق الله في استعمال يمينه في المحترمات، وبين حق الخلق في الظهور أمامهم بشكل أنيق.

 


صفة ثوبه: حيث كان له ذوقه الخاص في جنس الثياب وألوانها (فعن أم سلمة رضي الله عنها كان أحب الثياب إلى رسول الله يلبسه القميص)(1)، وعن أنس بن مالك قال: (كان أحب الثياب إلى رسول الله يلبسه الحبرة)(2) ، (وعن أبي جحيفة قال رأيت النبي وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه)(3)، (وعن ابن عباس قال رسول الله  عليكم بالبياض من الثياب ليلبسها أحيائكم، وكفنوا فيها موتاكم، فإنها من خير ثيابكم)(4).

 

 


نوع نعله وخفه: فقد لبس منهما شتى الصناعات والماركات (فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النجاشي أهدى النبي خفين أسودين ساذجين فلبسهما، ثم توضأ ومسح عليهما)(5)، (وعن عيسى بن طهمان قال: أخرج إلينا أنس بن مالك نعلين جرداوين لهما قبالان، قال: فحدثني ثابت – بعد – عن أنس: أنهما نعلي النبي (1).


نوع خاتمه: وكان للفضة حضورا في زيته وهندامه، غير أنها لم تطغه أو تلحقه في عداد المسرفين، وكان تزينه بها من جانب آخر يعكس حاجته إليه، (فعن بن عمر رضي الله عنهما أن النبي اتخذ خاتما من فضة وجعل فصه مما يلي كفه، ونقش فيه محمد رسول الله، ونهى أن ينقش أحد عليه...)(2).

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day