الدرس السادس : خوض بعض الصالحين في الشائعات . بعض أهل الصلاح قد يقعون ضحايا الشائعات المنتشرة في المجتمع ، وذلك لاستعجالهم وغفلتهم عن المنهاج الشرعي في التعامل مع الأخبار ، فيصدقون الأكاذيب المروجة ، ويصيبون أقواما في أديانهم وأعراضهم بغير حق كما قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [1]. وممن خاض من الصحابة في الإفك مع الخائضين حسان بن ثابت و مسطح بن أثاثة ، و حمنة بنت جحش رضيَ الله عنهم أجمعين ، حدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجلدهم ثمانين جلدة ، قال ابن القيم رحمه الله : ولما جاء الوحي ببراءة عائشة رضيَ الله عنها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن صرح في الإفك فحدوا ثمانين ثمانين ... )) [2]. أما الذي تولى كبر الفرية العظيمة والإفك المبين فهو عبد الله بن أبي بن سلول ، وبذلك تظاهرت الروايات عن عائشة رضيَ الله عنها وهي صاحبة القصة ، فقد بوب البخاري بقوله : باب قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [3] ثم ساق بسنده : حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضيَ الله عنها { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ } قالت : عبد الله بن أبي سلول ، وعنده أيضا من رواية صالح بن كيسان عن الزهري : وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي بن سلول )) [4]. وأما ذكر بعض الروايات لحمنة وحسان ومسطح مع عبد الله بن أبي بن سلول فيفسر ذلك على أنهم من باب التبعية ، لا أنهم تولوا كبر الإفك أصالة ، وإنما الذي تولاه هو ابن أبي بن سلول المنافق ، لكنهم حين قالوا بقالته ذكروا معه تبعا ... )) [5]. وكان موقف هؤلاء الثلاثة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم استثناء من حال غيرهم من أهل الإيمان الذين ذكر الله موقفهم من الإفك في قوله : { لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ } [6]. -------------------------------------------------------------------------------- [1]سورة الحجرات الآية 6 [2]زاد المعاد ( 3 / 229 ) [3]سورة النور الآية 11 [4]مرويات غزوة بني المصطلق ص 228 [5]مرويات غزوة بني المصطلق ص 234 [6]سورة النور الآية 12