أبشروا فنصر الله قريب . إنه وإنْ استهزأت صحف غربية بالحبيب صلى الله عليه وسلم ، وسخرت منه ، فإنَّ ذلك لحسرة عليهم ما بعدها حسرة ، فإنَّه – بإذن الله – لمؤذن بخراب ديارهم ، وتمزق ملكهم ، وذهاب دولتهم . لقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسائل إلى كسرى ملك الفرس ، وإلى قيصر ملك الروم ، وكلاهما لم يسلم ، ولم يتبع الهدى ، لكنَّ قيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله ، فثبت ملكه ، واستمر في الأجيال اللاحقة ، وأمَّا كسرى فمزَّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ به ، فقتله الله بعد قليل ، ومزَّق ملكه كل ممزق ، ولم يبق للأكاسرة ملك ولم تقم لهم قائمة . وانظر لهذه البشارة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : " إِنَّ اللهَ مُنتَقِمٌ لِرَسولِهِ ممَّن طَعَنَ عَلَيهِ وَسَبَّهُ ، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكَاذِبِ ، إِذَا لم يُمكِنِ النَّاسَ أَن يُقِيمُوا عَلَيهِ الحَدَّ ، وَنَظِيرُ هذا ما حَدَّثَنَاهُ أَعدَادٌ مِنَ المُسلِمِينَ العُدُولِ ، أَهلِ الفِقهِ وَالخِبرَةِ ، عَمَّا جَرَّبُوهُ مَرَّاتٍ متعددةٍ ، في حَصْرِ الحُصُونِ وَالمَدَائِنِ التي بِالسَّوَاحِلِ الشَّامِيَّةِ ، لمَّا حَصَرَ المسلمون فيها بَني الأَصفَرِ في زَمانِنا ، قالوا : كُنَّا نحنُ نَحْصُرُ الحِصْنَ أَوِ المدينةَ الشَّهرَ أَو أَكثَرَ مِنَ الشَّهرِ وَهُو ممتَنِعٌ عَلَينَا ، حتى نَكَادُ نَيأَسُ مِنهُ ، حتى إِذَا تَعَرَّضَ أَهلُهُ لِسَبِّ رَسولِ اللهِ وَالوَقِيعَةِ في عِرضِهِ ، تَعَجَّلْنَا فَتحَهُ وَتيَسَّرَ ، وَلم يَكَدْ يَتَأَخَّرُ إِلا يَومًا أَو يَومَينِ أَو نحوَ ذَلك ، ثم يُفتَحُ المَكانُ عُنوَةً ، ويَكُونُ فِيهِم مَلحَمَةٌ عَظِيمَةٌ ، قَالوا : حتى إِنْ كُنَّا لَنَتَبَاشَرُ بتَِعجِيلِ الفَتحِ إِذَا سَمِعنَاهُم يَقَعُونَ فيه ، مَعَ امتِلاءِ القُلُوبِ غَيظًا عَلَيهِم بما قَالوا فِيهِ .. " [ الصارم المسلول ] التوبة إلى الله من تقصيرنا في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى: }إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا {[ الفتح : 8-9 ] فإننا لو عظمنا رسول الله وقمنا بحقه من التعزير والتوقير ما كان لأحد أن تسول له نفسه أن يتفوه ببنت شفة ، ولكن سرنا خلف كل ناعق ، وانهزمنا نفسيًا ، وروجوا لنا أنَّ الرخاء والحضارة والمدنية ستكون لنا إذا اتبعنا الغرب ، فنستغفر الله من غفلتنا هذه ، ونعاهد الله أن نكون من اليوم أتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، نمضي على خطاه ، ولا نحيد عن سنته .