مكان النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الدين النصيحة". قلنا: لمن؟ قال:" لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، قال الإمام النووي رحمه الله:"وأما النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصديقه على الرسالة، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته فى أمره ونهيه، ونصرته حياً وميتاً، ومعاداة من عاداه وموالاة من والاه، وإعظام حقه وتوقيره، وإحياء طريقته وسنته، وبث دعوته ونشر شريعته، ونفى التهمة عنها، واستثارة علومها، والتفقه في معانيها، والدعاء إليها، والتلطف في تعلُّمها وتعليمها، وإعظامها وإجلالها، والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها، والتخلُّق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ومحبة أهل بيته وأصحابه، ومجانبة من ابتدع فى سنته أوتعرض لأحد من أصحابه ونحو ذلك"، وقال القاضي عياض رحمه الله :" وقال أبو بكر الآجري وغيره: النصح له يقتضي نصحين؛ نصحاً في حياته، ونصحاً بعد مماته. ففي حياته نصحَ أصحابُه له بالنصر والمحاماة عنه، ومعاداة من عاداه، والسمع والطاعة له، وبذل النفوس والأموال دونه، كما قال تعالى:"رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم مَن قضى نَحبَه ومنهم من ينتظر وما بدَّلوا تبديلاً"، وقال:"وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون"، وأما نصيحة المسلمين له بعد وفاته فالتزام التوقير والإجلال، وشدة المحبة له، والمثابرة على تعلم سنته، والتفقه في شريعته، ومحبة آل بيته وأصحابه، ومجانبة مَن رغب عن سنته وانحرف عنها وبغضه والتحذير منه، والشفقة على أمته، والبحث عن تعرف أخلاقه وسيره وآدابه والصبر على ذلك". قال أبو عبدالله المروزي رحمه الله :"قال بعض أهل العلم: جِماع تفسير النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له مَن كان، وهى على وجهين أحدهما فرض والآخر نافلة" ثم قال :"وأما النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته، وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته والبحث عن أخلاقه وآدابه، وتعظيم أمره ولزوم القيام به، وشدة الغضب والإعراض عن من يدين بخلاف سنته، والغضب على من ضيعها لأثرة دنيا وإن كان متديناً بها، وحُبُّ من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه ولباسه". فهذه أقوال أهل العلم متضافرة على وجوب النصيحة له صلى الله عليه وسلم، والنصيحة في اللغة الإخلاص، وهي لرسولنا صلى الله عليه وسلم الإخلاص في متابعته بحيث تكون مجردةً له صلى الله عليه وسلم لا يدخل على هذه المتابعة شيء من البدعة والحدث والرأي والهوى، وهذا كما جاء في الأثر :"جعل رجلٌ يقول لابن عمر رضي الله عنهما: أرأيت أرأيت؟ قال: اجعل أرأيت باليمن، إنما هي السنن".