رد شبهات حول حكم ساب النبي صلى الله عليه وسلم إننا مع كل ما قدمنا من أدلة نجد أنفسنا اليوم أمام تراكماتٍ من الشبهات وسُحب التضليل التي تريد أن تتقدم بين يدي الله ورسوله برأي، وأن تواجه نصوص الشريعة باجتهاد تزين لها أنفسها أنه أنسب لروح العصر وأوفى بمتطلباته وأليق بحضارته، وحسبنا في هذا المقام أن نضع نصب أعيننا منهج الصحابة رضوان الله عليهم في التعامل مع نصوص الوحي ولو كان حديث النفس وداعية الرأي على خلافها، ففي الصحيح عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال:"يا أيها الناس، اتهموا رأيكم على دينكم، لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته"، أي ومع ذلك لم أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وحديث سهل بن حنيف وعمر بن الخطاب وإن كان يدل على ذم الرأي لكنه مخصوص بما إذا كان معارضاً للنص، فكأنه قال اتهموا الرأي إذا خالف السنة"، قلت: وهذه قاعدة كلية يجدر بالمسلم أن يعيها ويعمل بها : اتهم الرأي إذا خالف السنة. إن ما تقدم من أدلة مستفيضة متضافرة تدل دلالة محكمة لا ريب فيها على أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم منتقض الأمن والإيمان مستحق للقتل ليس رأياً لنا نزينه للناس، وليس رأياً شاذاً استخرجناه من خفايا الكتب والشروح، بل هو دليل القرآن الذي نتلوه صباح مساء، ودليل السنة المطهرة التي تركها النبي صلى الله عليه وسلم نقيةً بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، ولقد بيَّنا تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم العملي قولاً وفعلاً للأصول القرآنية الدالة على هذا، وليس بعد السنة الشارحة المبينة للقرآن قولاً وفعلاً مجال للتقدم برأي أو تأويل أو تفسير لكتاب الله تعالى. بقي أننا في زمان تراكمت فيه الشبهات إما لجهلٍ أو ضلال أو تضليل فمنعت صدور الموحدين من تلقي نور الوحي، فلم تنقدح في قلب المؤمن عقيدةُ لا إله إلاالله محمد رسول الله على الوجه الذي انقدحت به في قلوب الصحابة رضوان الله عليهم، فإذا بهم يسودون العالم فاتحين ومحررين للإنسان كل الإنسان من عبودية الطاغوت إلى عبودية الرحمن الرحيم، ولا بد لنا اليوم ونحن نجابه هذه الحملة الشرسة على الإسلام، والتي يتمحور كثير منها حول الطعن في نبي الرحمة ومصباح الهدى عليه أفضل الصلاة والسلام، من أن ننتصر لنبينا صلى الله عليه وسلم حباً وفداءً له، وقياماً بواجب الجهاد في سبيل الله وفي سبيل إعلاء كلمته ونشر سنته صلى الله عليه وسلم، وتحقيقاً لمصداقيتنا المفقودة أمام الأمم إذ ندَّعي أننا أتباع خير الأنبياء ثم نتقاصر عن تفديته بالأموال والدماء. ولما كان الانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم على الوجه المذكور تنتابه بعض الشبهات رأيت من المناسب استعراض شيء من ذلك استعراضاً سريعاً كي نتحرر من كل الموانع التي تعوق نهضتنا لنصرة خاتم الأنبياء على الوجه الذي سنه لنا صلوات الله وسلامه عليه، لا سيما وأن معظم هذه الشبهات مما له علاقة بواقعنا المعاصر؛ واقع الخذلان أقول لا واقع الضعف، فإن ما نحن فيه اليوم خذلان لا ضعف عند النظر والتأمل، ولن نستطيع أن ننهض من هذا الواقع إلا بهبة رجل واحد ننتصر فيها لنبينا صلى الله عليه وسلم ونقطع دابر كل متطاول خبيث على مقام خير خلق الله أجمعين،والله المستعان