3- إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه * عن محمد بن كعب القرظي قال : كان إسلام حمزة رضي الله عنه حمية ، وكان يخرج من الحرم فيصطاد ، فإذا رجع مر بمجلس قريش , وكانوا يجلسون عند الصفا والمروة فيمر بهم فيقول : رميت كذا وكذا ، وصنعت كذا وكذا ، ثم ينطلق إلى منزله فأقبل من رميه ذات يوم ، فلقيته امرأة فقال : يا أبا عمارة ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل بن هشام شتمه وتناوله وفعل وفعل فقال : هل رآه أحد ؟ قالت : أي والله لقد رآه ناس ، فأقبل حتى أنتهى إلى ذلك المجلس عند الصفا والمروة فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم فاقبل فاتكأ على قوسه وقال : رميت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا ، ثم جمع يديه بالقوس فضرب بها بين أذني أبي جهل فدق سنتها ثم قال : خذها بالقوس وأخرى بالسيف أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بالحق من عند الله قالوا : يا أبا عمارة إنه سب آلهتنا وإن كنت أنت وأنت أفضل منه ما أقررناك وذلك وما كنت با أبا عمارة فاحشاً . * قال يونس بن بكير : عن محمد بن إسحاق : حدثني رجل من أسلم ـ وكان واعية ـأن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه ، فذكر ذلك لحمزه بن عبد المطلب ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شحه منها شجه منكره . وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل منه . وقالوا ما نراك ياحمزة إلاقد صبأت . قال حمزة . ومن يمنعني وقد أستبان لي منه ما أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الذي يقول حق . فوالله لا أنزع ، فامنعوني إن كنتم صادقين . فقال أبو جهل : دعو أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً . فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، فكفوا عما كانوا يتناولون منه . قال حمزة في ذلك شعراً . قال ابن إسحاق : ثم رجع حمزه إلى بيته فأتاه الشيطان فقال : أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك للموت خير لك مما صنعت . فأقبل حمزة على نفسه وقال : ما ضعت اللهم إن كان رشداً فاجعل تصديقه في قلبي وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا . فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان . حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه ، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد أم هو غي شديد فحدثني حديثاً ، فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني . فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه ، وخوفه وبشره فألقى الله في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : أشهد أنك الصادق شهادة الصدق ، فأظهر يا ابن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول . فكان حمزة ممن أعز الله به الدين . غريب القصة : ـ شجه : شق جلد رأسه أو وجهه ، ويقال شج رأسه ، وشجه في رأسه أو وجهه . ـ صبأت : أي أسلمت . ـ الصابئ : بالياء اللينة ، وكانوا يسمون من أسلم صابيا لأنه يصبو إذا انتقل من شيء إلى شيء ( فتح الباري 7/175/176 ) . الفوائد والعبرة : 1- الصبر علىالإيذاء في سبيل الدعوة إلى الله . 2- الإيمان حلاوة ولذة لا يساويها شيء . 3- الشيطان عدو الإنسان يحاول أن يغويه بكل سبيل . 4- صاحب العقيدة ثابت وصاحب الرأي شاك وسريع التحول . 5- الانتفاع بالعصبية القبلية لنصرة الدين .