53 ـ إسلام ثمامة بن أثال * عن أبي هريرة قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له تمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم " ما عندك ياثمامة " ؟ قال : عندي خير يامحمد إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت . فتركه حتى كان الغد ثم قال له : " ما عندك يا ثمامة " ؟ فقال : عندي ما قلت لك ، إن تنعم تنعم على شاكر ، فتركه حتى بعد الغد فقال: " ما عندك يا ثمامة" ؟ فقال : عندي ما قلت لك . فقال " " أطلقوا ثمامة" ؟ فأنطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه أبعض إلىمن وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلى ، والله ما كان دين أبغض إلى من دينك فأصبح دينك أحب الدين إلى ، والله ما كان من بلد أبغض لى من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلى ، وإن خيلك أخذني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : أصبوت ؟ قال : لا ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم ولا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم . غريب القصة : - بعث خيلا : أي فرسان خيل . - بنو حنيفة : قبيلة مشهورة بين مكة واليمن . - ما عندك : أي أي شيء عندك ؟ وماذا استقر في ظنك أن أفعله بك ؟ - عندي خير : أي لأنك لست ممن يظلم بل يحسن وينعم ويعفو . - إن تقتلني تقتل ذا دم : قال القاضي عياض (12/88نووي ) : معناه إن تقتل تقتل صاحب دم أي صاحب دم لدمه موقع يشتفي بقتله قاتله ويدرك قاتله به ثأره أي لرياسته وفضيلته وحذف هذا لأنهم يفهمونه في عرفهم ، وقال آخرون معناه تقتل من عليه دم ومطلوب به وهو مستحق عليه فلا عتب عليك في قتله " قلت : والاحتمال الثاني هو اختيار القسلاني (6/433). - صبوت : أي خرج من دين إلى دين . الفوائد والعبر : 1- ربط الكافر في المسجد . 2- المن على الأسير الكافر . 3- تعظيم أمر العفو عن المسيء لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبا في ساعة واحدة لما أسداه النبي صلى الله عليه وسلم إليه من العفو والمن بغير مقابل . 4- الاغتسال عند الإسلام وأن الإحسان يزيل البغض ويثبت الحب . 5- إن الكافر إذا أراد عمل خير ثم أسلم شرع له أن يستمر في عمل ذلك الخير . 6- الملاطفة بمن يرجى إسلامه من الأسارى إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام . ولا سيما من يتبعه على إسلامه العدد الكثير من قومه . 7- بعث السرايا إلى بلاد الكفار ، وأسر من وجد منهم ،والتخيير بعد ذلك في قتله أو الإبقاء عليه ( الفوائد من الفتح 8 /89.88 ) .