النبي والمسلمون بالحِـجر قال ابن إسحاق : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر نزلها ، واستقى الناس من بئرها . فلما راحوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا من مائها شيئا ، ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له . ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر في طلب بعير له فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيئ . فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألم أنهكم أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي أصيب على مذهبه فشفي وأما الآخر الذي وقع بجبلي طيئ فإن طيئا أهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة . والحديث عن الرجلين عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي ; وقد حدثني عبد الله بن أبي بكر أن قد سمى له العباس الرجلين ولكنه استودعه إياهما ، فأبى عبد الله أن يسميهما لي . قال ابن هشام : بلغني عن الزهري أنه قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر سجى ثوبه على وجهه واستحث راحلته ثم قال لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون خوفا أن يصيبكم مثل ما أصابهم . قال ابن إسحاق : فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل الله سبحانه سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء . قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن رجال من بني عبد الأشهل قال قلت لمحمود هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم ؟ قال نعم والله إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عمه وفي عشيرته ثم يلبس بعضهم بعضا على ذلك . ثم قال محمود لقد أخبرني رجال من قومي عن رجل من المنافقين معروف نفاقه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سار فلما كان من أمر الناس بالحجر ما كان ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا ، فأرسل الله السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس قالوا : أقبلنا عليه نقول ويحك ، هل بعد هذا شيء قال سحابة مارة .