يطبق بعض الناس في مجتمعات مختلفة بعض الأخلاق الحسنة التي أوصى بها الله تعالى في كتابه العزيز، وهؤلاء الناس متصفون بالتضحية واللين والرحمة والعدل وحبّ مساعدة الغير، لكن مهما ادّعى هؤلاء بأنهم أصحاب أخلاق عالية فلن تكتمل أخلاقهم إلاّ إذا تحلّوا بصفة الصّبر. مثلا، يمكن أن يستغرق الإنسان صباحا في النوم، ولديه امتحان مهم، وفجأة يفيق من نومه ويحاول اللحاق بموعد الامتحان فيفاجأ بتعطل حركة المرور، ولا يمكنه إخبار مركز الإمتحان بتأخره نظرا لعدم وجود هاتف قريب من مقرّ سكناه. هكذا، وفي خضم هذا الجو المتوتر يسأله صخص ما عن أمر معين فيجيبه بغلظة أو أنه لا يجيبه وينظر بشزر بالرغم من أن الشخص يدّعى دائما أنه محبّ للخير متفهّم للآخرين ومتسامح معهم. إنّ المؤمن الحق لا يحيد أيضا مهما كانت الظروف عن الأخلاق القرآنية، فلا يتصرف تصرّفات خاطئة ولا تصدر عنه ألفاظ بذيئة، ويتعامل مع الآخرين بصبر جميل( لمزيد من التفصيل أنظر: كتاب هارون يحيى، أهمية الصبر في القرآن ) . ومثال ذلك أن يدفعه أحد ما أثناء صعوده الحافلة أو يسمعه كلاما لا يحبه، أو أن تمرّ بجانبه سيارة فتلطخ ثيابه بالطين. هذه النماذج موجودة بكثرة في حياتنا. هنا يكون ردّ فعل المؤمن الملتزم بالأخلاق القرآنية كالتالي: المؤمن يؤمن بأن هذه الأحداث مقدّرة ولا يمكنه منع حدوثها، لذلك فهو يتحلّى بالصبر الجميل ويبتعد عن الغضب والانفعال ويحاول تجنب مثل هذه الأحداث في المستقبل، ويحاول بكلّ ما أوتي من قوّة تجنب التوتر وتصعيد الخصام ويجيب بكلمات طيبة تطبيقا للأخلاق القرآنية لأنّ المؤمن يتسلح بالصبر لإبعاد الضرر عنه نزولا عند قوله تعالى: "وَلاَ تَسْتَوِى الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَِإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" ( فصّلت، 34-35 ).