1. المقالات
  2. الرسول المعلم وأساليبه في التعليم _ عبد الفتاح أبو غُدّة
  3. تعليمُه صلى الله عليه وسلم الشرائعَ بالتدريج

تعليمُه صلى الله عليه وسلم الشرائعَ بالتدريج

تعليمُه صلى الله عليه وسلم الشرائعَ بالتدريج

وكان صلى الله عليه وسلم يُراعي التدريجَ في التعليم ، فكان يقدِّمُ الأهمَّ فالأهمَّ ، ويُعلِّمُ شيئاً فشيئاً نَجْماً نجماً ، ليكون أقربَ تَناولاً ، وأثبتَ على الفُؤاد حفظاً وفهماً .

 

ـ روى ابنُ ماجه1عن جُنْدَب بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال : ((كُنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن فِتْيان حَزاوِرة2، فتعلَّمنا الإيمان قبل أن نتعلَّم القرآن ، ثم تعلَّمنا القرآن ، فازدَدْنا به إيماناً)) .

 

 ـ وروى البخاري ومسلم3، واللفظ له ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ((أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مُعاذاً إلى اليمن ، فقال : إنك ستأتي قوماً من اهل الكتاب ، فادعُهم إلى شهادة أنْ لا إله إلاّ الله وأني رسولُ الله ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعْلِمْهُم أن الله افتَرَض عليهم صدقةً ، تُؤخَذ من أغنيائِهم فتُرَدُّ على فُقرائِهم ، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكَرائِمَ أموالِهم ، واتَّق دعوةَ المَظلومِ ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))4.

 

 ـ وروى الإمام أحمد في ((مسنده))5عن محمد بن فُضَيلٍ عن عطاء ـ هو ابنُ السائب ـ ، عن أبي عبد الرحمن ـ هو السُّلَمي المقرىء ـ قال : ((حَدَّثَنا من كان يُقرِئُنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يَقْتَرئونَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم عَشْرَ آياتٍ ، فلا يأخذون في العَشْرِ الأُخرى حتى يَعلَموا ما في هذه من العلم والعمل)) .

 

 ـ وأخرج الطَّبَري في ((تفسيره))6عن الحُسين بن واقد ، حدَّثنا الأعمشُ ، عن شَقيق ، عن ابن مسعود ، قال : ((كان الرجل منا إذا تعلَّم عشرَ آياتٍ لم يُجاوِزهُنَّ حتى يَعرِفَ معانيَهُنَّ والعَمَل بِهنَّ)) .

 

-------------------------------------------

1 ـ 1 :23 في المقدِّمة (باب في الإيمان) .

2 ـ حزاورة جمعُ حَزْوَرٍ وحَزَوَّر ، وهو الذي قارَبَ البلوغ .

3 ـ البخاري 3 :357 في كتاب الزكاة (باب أخذ الصدقة من الأغنياء ...) ، ومسلم 1 :196 في كتاب الإيمان .

4 ـ ومن فوائد هذا الحديث الكثيرة : البدءُ بالاهمِّ فالأهمِّ في الدعوةِ والتعليم ، إذ المطالبةُ بجميع الشرائع مرةً واحدةً توجبُ التَنفيرَ ، وكذا إلقاءُ جميع العُلوم على المتعلِّم دفعةً واحدةً يؤدّي إلى تضييع الكلِّ .

قال الإمام البخاري في ((صحيحه)) 1 :160 في كتاب العلم (بابٌ العلمُ قبلَ القولِ والعمَل) : ((يُقال : الرَّبّانيُّ : الذي يُرَبّي الناسَ بِصِغارِ العلم قبل كبارِه)) . قال الحافظ ابنُ حجر في ((فتح الباري)) 1 :162 :

((المرادُ بصغار العلم ما وَضَح من مسائِلِه ، وبِكبارِه ما دقَّ منها ، وقيل : يُعلِّمُهم جزئياتِه ، قبل كلّياتِه ، أو فُروعَهُ قبل أصولِه ، أو مقدِّماتِه قبل مَقاصِدِه)) .

وروى ابن عبد البر في ((جامع بيانِ العلم)) 1 :431 ، عن يونس بن يزيد قال : قال لي ابنُ شهاب : ((يا يونس ، لا تُكابِِرْ العلمَ ، فإن العلمَ أودِيةٌ ، فأيُّها أخذتَ فيه قَطَع بك قبل أن تَبلُغَهُ ، ولكنْ خُذْه مع الأيام والليالي ، ولا تأخذ العلمَ جملةً ، فإن من رام أخذَه جملةً ذَهَب عنه جملةً ، ولكن الشَّيءَ بعد الشَّيءِ مع الأيّامِ والليالي)) .

5 ـ 5 :410 .

6 ـ 1 :35 .

 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day