1. المقالات
  2. قضايا معاصرة
  3. الرد على بلال فضل

الرد على بلال فضل

الكاتب : دكتور محمد علي يوسف
تحت قسم : قضايا معاصرة
1491 2011/10/20 2024/03/28

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كنا عند عمر رضي الله عنه فقال : أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن ؟ فقال قوم : نحن سمعناه : فقال لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره ؟ قالوا : أجل ، قال : تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة . ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر ؟ فقال حذيفة : فأسكت القوم ، فقلت : أنا . قال : أنت ؟ لله أبوك.
قال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا ، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا ، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض ، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا ، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ))

 

 

إن للفتن تأثيرا كبيرا على عقيدة المؤمن، وقد تأثر كثير من الناس بسبب هذه الفتن المتلاحقةِ والمتسارعةِ؛ فغيروا وبدلوا، ومالوا وحوّلوا، فوقعوا في كثير من العقائد المُردية، والمناهج المُزرية؛ فكان واجب على العلماء ان يدحضوا هذه الفتن لكي لا يقع فيها عوام المسلمين

 

بدأ الأمر متدرجا بمقالين متتابعين للأستاذ بلال أظن أنه كتبهما متأثرا بالقضية التى صارت بفعل فاعل قضية الساعة و هى قضية كفر النصارى لكن الأمر تطور مع الأستاذ بلال إلى ما هو أعجب لقد امتد إلى غير المسلمين مطلقا . نعم..

 

 

غير المسلمين بعمومهم بما يشمل الكتابى و الوثنى و الملحد أو هكذا بدا من تعميمه

لقد بدأ المقالين بعنوان صادم و هو " المرحوم ستيف جوبز"و ستيف جوبز هو مؤسس شركة أبل ماكنتوش العالمية و الذى توفى حديثا

 

 

و المعلوم أن ستيف جوبز مات على البوذية و ليس حتى على ملة أهل الكتاب لنقول أن هنالك شبهة ( و هى شبهة حديثة لم يكن المتقدمون يعدونها إلا مخالفة لما علم من الدين بالضرورة و هو كفر اليهود و النصارى المنصوص عليه فى القرآن(

 

لكن قلنا لعله لم يعلم بموضوع البوذية و دفعه تأثره بالنجاح الدنيوى المبهر الذى ناله ستيف إلى الترحم عليه ناسيا أو متناسيا قول الله تعالى : " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والّذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهم أنَّهم أصْحَابُ الجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ " و متجاهلا أن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء كما قال هو عن نفسه فى غير آية

 

 

نقب الأستاذ بلال فى بطون الكتب التى أعرف جيدا أن لديه الكثير منها و لديه أهم من ذلك القدرة على مطالعتها و البحث فيها عما يوافق وجهة نظره ثم خرج إلينا فى المقال بنقول عن بعض السادة العلماء و المشايخ توافق ما ذهب إليه أو هكذا تصورفأورد كلاما للشيخ محمد رشيد رضا و الشيخ محمد عبده و الشيخ محمد عبد الله دراز نقلا عن كتاب للكاتب الصحفى الأستاذ فهمى هويدىو لقد أجاد الكاتب الأستاذ خالد المرسى بالمصريون تفنيد هذه النقول و إثبات أنها حملت على غير محملها ممن أوردها فى مقال بعنوان ( إياك و علماءنا يا أستاذ بلال   )و هذا رابطه 

 

https://almesryoon.com/news.aspx?id=81848

 

و أضيف عليه من نقل واضح أورده الأستاذ بلال عن الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله بيد أنه لم يلحظ كلمة محورية ذكرها الشيخ رشيد شرطا لدخول الجنة و هى كلمة " وهو متلبس بالإيمان " و الجملة بتمامها أى أن كل من يعمل ما يستطيع عمله من الصالحات، وهو متلبس بالإيمان مطمئن به، فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر يدخلون الجنة بزكاء أنفسهم وطهارة أرواحهم

 

 

فالشيخ رشيد بين أن شرط الإيمان لا يمكن التنازل عنه لدخول الجنة فلا أدرى كيف يصلح مثل هذا النقل لتأصيل للعقيدة التى يدعو إليها الأستاذ بلال !!! و كذا باقى النقول التى فند أغلبها الأستاذ خالد مرسى جزاه الله خيرو العلماء حتى و إن نصوا على هذا كما توهم الكاتب و يكون هذا فى عشرات غيرهم أجمعوا إجماعا قطعيا على بطلان ذلك و ما دام الأمر بالنقول فإليك يا أستاذ بلال نقولا من أئمة أعظم و أعلم ممن ذكرتنص علماء المذاهب بما قضت به هذه النصوص ، وإليك أقوالهم:قال القرطبي المالكي رحمه الله : "فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز".

 

 

وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله :" وأما أهل الحرب فلا يُصلى عليهم ؛ لأنهم كفار ، ولا يَقبل فيهم شفاعة ، ولا يُستجاب فيهم دعاء ، وقد نُهينا عن الاستغفار لهم ، وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :" ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره" ، وقال :" إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " .

 

وقال السرخسي الحنفي :" وإذا وُجد ميتٌ لا يُدرى أمسلم هو أم كافر ؛ فإن كان في قرية من قرى أهل الإسلام فالظاهر أنه مسلم فيغسل ويصلى عليه ، وإن كان في قرية من قرى أهل الشرك فالظاهر أنه منهم فلا يُصلى عليه إلا أن يكون عليه سيما المسلمين"

 

 

وقال النووي الشافعي :" ولا تجوز الصلاة على كافر حربياً كان أو ذمياً"و لولا أن يطول المقام لأوردت مئات الأقوال لأئمة أهل العلم من السلف و الخلف تدحض مزاعم بلال لكنها كلها لا تعدل كلام الله الذى نهى بتصريح فى غير موضع عن الاستغفار لمن مات على الشرك

كقوله تعالى :" مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ 113 وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ"

 

قال ابن حجر رحمه الله :" قوله " ما كان للنبي ..." : خبر بمعنى النهي"

ومن الأدلة القرآنية قوله تعالى :" اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين " .

 

 

فهي ظاهرة الدلالة على عدم جواز الاستغفار للكفار.

قال الإمام الطبري[7] :" ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حين نزلت هذه الآية قال : لأزيدن في الاستغفار لهم على سبعين مرة ؛ رجاءً منه أن يغفر الله لهم ، فنزلت " سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ".

ومن الآيات قوله تعالى :"وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ"

 

 

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصلِّ عليه ، واستغفر له . فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، فقال : (( آذني أصلي عليه )) ، فآذنه ، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال : أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين ؟ فقال :((أنا بين خيرتين . قال :" استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم" ))، فصلى عليه فنزلت :"ولا تصل على أحد منهم مات أبداً " . أخرجه الشيخان

 

 

 

هذا بالنسبة للمقالين  و كنت سأكتفى برد الأستاذ خالد مرسى مع تعليق بسيط لولا أن تطور الأمر إلى مرحلة أشد خطورة و أصرح مما فى المقالين السابقين لدرجة لم تعد تحتمل التأول أو محاولة حمل الكلام على الغفلة أو النسيانلقد صرح الأستاذ بلال بعد منتصف ليل الأربعاء الثانى عشر من أكتوبر على حسابه على تويتر بتصريحات فى منتهى الشطط لا أظن أحدا من أهل العلم سلفا أو خلف سبقه إليها بل لا أبالغ إن قلت من أهل الفهم البسيط لدين الله عز و جل .

 

 

لقد حطم الأستاذ بلال ثوابت و أصول يكاد يكون جل القرآن دليلا عليها و مرسخا لهالقد تعدى الأستاذ على قضية الإيمان و الكفر من الأساس فزعم أنه حتى البوذى الوثنى أو الهندوسى عابد البقر لا يوجد ما يمنع من دخوله الجنة و أننا لا يحق لنا أن نقول أن أصحاب الديانات الأخرى سماوية كانت أو أرضية هم من أهل النارمخالفا بذلك صريح القرآن و آتيا بمعايير عجيبة لدخول الناس الجنة أو النار مبناها فى الأساس على النجاح و التقدم الدنيوى.

 

و يدور كلامه حول شبهات ثلاث نرد عليها بحول الله و قوته

الأولى:

 

أن دخول جميع غير المسلمين يتنافى مع حكمة الله و عدله و هذا يظهر فى قوله نصا (( من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة ، كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا))

 

 

و الثانية:

أن دخولهم النار يتنافى مع رحمة الله التى وسعت كل شىء و هذا يظهر فى قوله ((لما إنت ضامن إنك هتخش الجنة بتتعصب ليه لما تلاقي حد عايز كل البشر يخشوها خليك في ضمانك وسيبنا في ضلالاتنا يا أخي إحنا بنراهن على رحمة ربناكيف أؤمن برحمة الله وأنا أكره مجرد الإقرار أن رحمته يمكن أن تسع جميع الذين عملوا صالحا وأن جنته يمكن أن تسع كل الصالحين والمحسنيننعم أؤمن أن الدين عند الله الإسلام وأنه هو الحق المبين لكني أؤمن بالقرآن الذي قال لنا أن الله سيشمل برحمته كل من أحسن وعمل صالحا ))

 

 

و الثالثة:

شبهة المعيار لدخول الجنة و قصره على النجاح و التقدم الدنيوى و هو ما يظهر فى قوله : (( نحن الأمة التي تحملت الظلم والإستبداد وتعايشت مع الفساد والزيف ولم تقدم للعالم شيئا يذكر منذ قرون ومع ذلك سندخل الجنة ويدخل غيرنا النارهل كنت أمينا على استخلافك في الأرض؟ لا  ...

 

هل عشت حرا كريما؟ لا هل قدمت شيئا للبشرية؟ لا ....

 

هل عشت عالة على غيرك من الأمم؟ نعم ...

 

لماذا تستحق الجنة إذايجلس المتعصب على شاشة كمبيوتر اخترعه مسيحي وجمعه بوذي وصمم برامجه يهودي ونفذها هندوسي ليكتب أنه وحده سيدخل الجنة والباقون في النار

إذا كان هناك من يستحق النار حقا فهم الذين كانوا أسوأ حملة لأعظم دين ونفروا الناس من دينهم بالتعصب والكراهية وكانوا نموذجا للفشل في الدنيا ))

 

و لنأت لشبهة شبهة مما ساقها الأستاذ الكاتب

أولا : شبهة العدل و الحكمة:

لا شك أن الأصل هو اليقين فى أن الله هو الحكم العدل و ما من مسلم إلا و من المفترض أنه يؤمن إيمانا جازما أن الله لا يظلم مثقال ذرة وأنه لا يظلم ربك أحدا

هذا الأصل يطمئن المؤمن إلى أفعال الله حتى و إن لم يبلغ بعلمه القاصر إدراك حكمتها لكنه الأمر المحكم الذى لا يشك فيه من تشرب قلبه حلاوة الإيمان و قد أصل النبى صلى الله عليه و سلم لذلك اليقين بقوله " لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه ، لعذبهم وهو غير ظالم لهم " الحديث صححه الالباني رحمه الله في مشكاة المصابيح وصحيح ابن ماجةوقد رواه الامام أحمد وابن حبان وقال عنه شعيب الأرنؤوط (اسناد قوي(ورواه الطبراني في الكبير والبيهقي في سننه وغيرهم

 

و لهذا فالمسلم يعتقد أنه ما من شىء يا سيد بلال إلا بحكمة و لحكمة " و كل شىء خلقناه بقدر " ،  " حكمة بالغة فما تغن النذر"

فلا يتصور طبعا أن هناك " كومبارس " فى هذه الدنيا كما يقول الأستاذ بل الكل يتعرض للأدلة و الحجج التى تميل إليها فطرته و يقبلها عقله لو تدبرها كل بقدره و هناك من يتلقى تلك الحجج و البراهين بالترحاب و يذعن إليها و هناك من يصد عنها و يرفضها و يعرض  " و إن يروا آية يعرضوا و يقولوا سحر مستمر"

 

 

و إذا ما افترضنا أن هناك من لم تبلغه تلك الحجة و هذا افتراض جدلى أو حتى بلغه خبر الإسلام بطريقة مغلوطة و منفرة فإنا نطمئن لعدل الله معهم و معاملتهم معاملة أهل الفترة لكن مع هذا يثبت له لفظ الكفر فى الدنيا كاصطلاح

أخرج الإمام أحمد بن حنبل في " مسنده " والبيهقي في كتاب " الاعتقاد " ـ وصححه ـ عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربعة يمتحنون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئًا ، ورجل أحمق ، ورجل هرِم ، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا ، وأما الأحمق فيقول : رب لقد جاء الإسلام والصبيان يقذفوني بالبعر ، وأما الهرِم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا ، وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن لم يدخلها يسحب إليها )

 

 

فمن لم تبلغه الدعوة لا يكون من أهل النار بإطلاق على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ استدلالاً بقوله تعالى: (وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً)، وقوله: (رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، فكأنّه يكون للناس حجّة قبل الرسل، ومن يُبلّغ الدعوة يقوم مقام الرسل، وذلك لانقطاع الرسل بعد النبيّ الخاتم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفي هذا المعنى يقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم في المتّفق عليه: (ولا أحد أحبّ إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين، ولا أحد أحبّ إليه الْمِدْحة من الله، ومن أجل ذلك وَعَدَ الله الجنة) .

 

لكن لا يتصور أبدا أن تصل الحجة لإنسان يا سيد بلال كما هو الأصل مع عدل الله ثم نقول أنه بعد رفضها و جحودها من الممكن أن يدخل الجنة!إن هذا هو عين الظلم إن تصورنا وقوعه و حاشا لله " أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون"

 

 

و لنأت للشبهة الثانية: أن دخولهم النار يتنافى مع رحمة الله التى وسعت كل شىء و هذا يظهر فى قوله : " إحنا بنراهن على رحمة ربناكيف أؤمن برحمة الله وأنا أكره مجرد الإقرار أن رحمته يمكن أن تسع جميع الذين عملوا صالحا وأن جنته يمكن أن تسع كل الصالحين والمحسنين(

وما أجمل أن يثق الإنسان فى رحمة الله و يحسن الظن بها يا أستاذ بلال لكن الأجمل أن يلزم حدود كل صفة من صفات الله و لأن يدور مع النص الذى أنزله الله لا أن يكيف الصفة حسبما يتراءى له

من الواضح أن الأستاذ بلال يستدل هنا بالآية الكريمة " و رحمتى وسعت كل شىء"

لكن من حقنا أن نتساءل...لماذا لم يكمل الآية و الشرط الذى اشترطه الله على نفسه لمت تسعه هذه الرحمة العظيمة

الآية بتمامها : " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ "

 

أظن أن الآية من الوضوح بحيث لا تحتاج إى تعليق من فقير مثلى و شروطها تظهر لكل ذى لبومن المستيقن أن البوذى الذى جمع الكمبيوتر الذى أجلس أمامه و الهندوسى الذى نفذ برمجته التى أعدها اليهودى بعد أن اخترعه المسيحى كما قلت أنت لم يحققوا أهم هذه الشروط التى تجعلهم أهلا لرحمة الله التى وسعت كل شىء لكنه أبى كما قال إلا أن يكتبها لمن حققها و نسأل الله أن نكون نحن و أنت ممن فعلوا

طبعا بخلاف آيات أخرى كثيرة بين الله فيها من يستحقون الرجاء فى تلك الرحمة الواسعةكقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"

 

 

و على العكس نجد من لم يحقق الشروط و على رأسها الإيمان يقول الله عنه:" وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"

أما عن الشبهة الثالثة : و هى ربط دخول الجنة بالنجاح الدنيوى بل و قصر الأمر عليه حتى يصل به الأمر إلى أن يصرح فيقول " هل كنت أمينا على استخلافك في الأرض؟ لا

هل عشت حرا كريما؟ لا

هل قدمت شيئا للبشرية؟ لا

هل عشت عالة على غيرك من الأمم؟ نعم

 لماذا تستحق الجنة إذا???!!!

 

و طبعا ما يدعو إليه الستاذ بلال بكلامه أمر فى غاية الأهمية و ما أحوج الأمة لأن تستجيب لندائه إلى تحقيقه و هو العمل و النجاح و إعمار الأرض التى استخلفنا الله فيها و هذا بلا شك من طاعة الله و عبادته إن صحت فيه النية

 

و لولا تآلى الأستاذ بلال على الله أو هكذا أوحت كلماته بعد ذلك بأن جزم أن من لم يفعلوا ذلك يستحقون النار هكذا بتعميم مؤسف لما وسعنا إلا أن نضم أصواتنا إلى صوته مطالبين بما يطالب – و بالفعل ننادى بذلك - فهو عين الشرع " هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"لكن هذا ليس نهاية الأمر و أصل السبب من الخلق كما يصور الأستاذ بلال حتى يقتضى عدمه العدمبمعنى إن لم يوجد فلا جنةهذا المعيار بهذه الطريقة قاصرو لو قال أن من قصر فى عمارة الأرض و حق الاستخلاف و إعداد القوة آثم مثلا أو أنه على قدر وسعه و ما يسره له الله محاسب أمامه على ما قدم لكان أولى لكن ربط دخول الجنة بهذا المعيار و حسب كما بدا من كلامه أمر غير صحيح و لا دليل عليه بل الأدلة على خلافه .

 

 

يصف الله المشركين فى سورة الروم قائلا:  " يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ"

و يقول عن أناس قدموا أعمالا فى الدنيا ظنوا أنها تنجيهم من عذاب الأخرة :  " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا"

 

و يقول أيضا :  " ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾

 

و مع أن التقدم الدنيوى أمر جلل و طريق لامناص من سلوكه إلا أن النبى أخبر أن هناك من البسطاء و المساكين الذين لم يوفقوا لذلك و مع هذا هم سابقون إلى الجنة عظيموا القدر عند مولاهم جل و علايقول النبى صلى الله عليه و سلم :  " رب أشعث أغبر ذى طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره"

 

و قوله للأعرابى البسيط الذى قال لا أزيد " أفلح إن صدق"

 قوله عن الرجل الذى كان يبيت و ليس فى صدره غلا لأحد من المسلمين " يدخل عليك الآن رجل من أهل الجنة"

و إخباره عن السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب و لا عذاب لتوكلهم على الله

و غير ذلك من أمثلة لا أريد ذكرها جميعا كى لا أبدو كمن يؤصل للتأخر و عدم إعمار الدنيا و هذا ليس مهنى كلامى بفضل الله لكننى ألفت الانتباه فقط إلى خطورة التآلى و قصر دخول الجنة على الناجحين المتقدمين .

 

 

طبعا هذا فى حال المسلمأما غير المسلم فكما قدمنا لا و ألف لاممكن قبل بعثة النبى و نزول رسالة الإسلام.لكن بعد الإسلام ؟ بعد الرسالة الخاتمة ؟و نقول أن كافرا أو ملحدا من الممكن أن يدخل الجنة ؟هذه فعلا أعجوبة الأعاجيب

كما قدمت فى المقال إن الأدلة على بطلان هذا التصور أكثر و أو ضح من أن أحصيها

و إلا فلمن خلقت النار يا أستاذ بلال ؟

قال تعالى  : " أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"

 و قال تعلى ايضا "فاتقوا النار التي وقودها الناس و الحجارة أعدت للكافرين"

 

فالنار معدة للكافرين و إن كان دخول عصاة المسلمين و المقصرين من أمثالنا ممكنا فإنه أمر مستيقن بالنسبة لغير المسلمين ما لم يسلموا و يتوبوا إلى الله قال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ "  

 

و قد قال صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه الإمام مسلم: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار). وقال عليه وآله الصلاة والسلام في الحديث المتّفق عليه: (لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعه إلاّ اتّباعي  (

 

 

وليست العبرة أن تكون أخلاقهم حميدة ، بل العبرة انقيادهم لله تعالى ولأوامره ، ألا ترى إلى المجوسي أو البوذي الذي يعبد النار مثلا أو الأصنام من دون الله ، ولم يعبد الله ، ويقر له بالعبودية دونما سواه ، وكذلك النصارى الذين قالوا إن الله إتخذ ولدا ، وغيرهم من المشركين هؤلاء أساءوا الأدب مع الله تعالى ، وسبوه وشتموه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفئاً أحد ) رواه البخاري ،

 

 

 فهؤلاء كيف تكون أخلاقهم حميدة وهم يسيئون الأدب مع الله عز وجل ، مع أن الله عز وجل جعل لهم الأسماع والأبصار ، ويسر لهم كل شي ، وأرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ، وأسبغ عليهم نعمه ، فكان حقه عليهم أن يشكروه فلا يكفروه ، فلما لم يمتثلوا ذلك استحقوا غضب الله ونقمته ، قال تعالى : " وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً "

 

 

و لقد ظلم الأستاذ بلال المسلمين حين عمم اتهامه لم يقول بتلك العقيدة الثابتة المجمع عليها بتزكية النفس و الجزم بدخول الجنة و هذا ليس صحيحا من حيث الأفراد و صحيح على العمومو قد كثرت الأحاديث الدالة على أن أكثر أهل الجنة من أمة النبى ( أمة الإجابة كما يسميها الأستاذ ) و ذلك بشكل عام

 

 

أما الأفراد فلا يحل لهم الجزم بذلك قطعا و قد نهى النبى عن ذلك فى أحاديث كثيرة و قبلها قول الله " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"

المشكلة الحقيقية فى رأيى مع الأستاذ بلال هو منهجه فى الاستدلال العقلى البحت دون الرجوع إلى النصوص و إن رجع فإنه يرجع إلى نصوص بعينها دون الجمع بينها كما هى عادة أهل العلم

بل حينما نأتى له بنصوص قطعية ثابتة توضح ما استدل به و تفصله تجده يسارع بتصدير الكلمة المنسوبة لسيدنا عى رضى الله تعالى عنه و هى " القرآن حمال أوجه"

للأسف يستعمل الأستاذ بلال هذه العبارة كثيرا  و الأخطر أنه يضعها فى مقام مقتضاه إبطال الاستدلال بالقرآن بالكلية لأنه بهذا الفهم نسبى كثير الاحتمالات

و قد أرسلت إليه سؤالا فقلت: إن كان القرآن حمال اوجه و لا تقبل الاستدلال بهفبم نستدل إذا؟

إن هذا سيكون طريقا لا محالة لهدم العلم برمته بعد تحييد لأصله و تجفيف منبعه الصافى

و قد قال الله -تعالى-: " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ"

 

 

فالآيات المحكمات التي ليس لها أوجه هي "أصل الكتاب" الذي يُرجع إليه عند الاختلاف. وعامة أمور الاعتقاد، ثم أمور العمل الكبرى: عبادة، ومعاملة، وأخلاقًا مِن هذا النوع.

 

والآيات المتشابهة التي لها أوجه؛ لابد مِن ردها إلى المُحكمة، ثم إلى بيان السنة؛ لمعرفة حقيقة معناها وما أريد بها؛ وإلا فهذه العبارة يقولها: "مَن يحاول منع الاحتكام إلى نصوص الوحي"، وجعل كل المسائل اجتهادية!

 

 

ثم هم يحاولون إلغاء قواعد الاجتهاد المستنبطة مِن طريقة الصحابة والسلف -رضي الله عنهم- في فهم نصوص الكتاب والسنة والجمع بينهما؛ ليكون كل أمر مسألة اجتهادية لها وجوه؛ فلا يكون الكتاب فصلاً وفرقانًا وحكمًا كما أنزل الله! فلابد في الآيات التي لها أوجه مِن الالتزام بقواعد الاجتهاد في فهمها.

 

 

يقول الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله : يأتي بعضهم مثلاً في تفسير القرآن، فيقول: القرآن حمّال أوجه، هذه الكلمة في التفسير ممكن تعني معنى صحيح، أن القرآن غني وثري بالمعاني، ممكن الآية يكون لها ثلاث أو أربع أو خمس معاني كلها صحيحة،يمكن أن تفسر مثلاً {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}(سورة الفاتحة:6)، الإسلام، القرآن، الطريق الحق، طريق الجنة، الصراط المستقيم، هذا صحيح وهذا صحيح، وكله يؤدي إلى شيء واحد، وهنالك آيات أو قراءات كل قراءة لها معنى، فالآية على القراءة الفلانية لها معنى، والقراءة الفلانية لها معنى آخر، ولا تعارض بين المعاني، يعني اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، مثلاً قول الله عز وجل : " وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ "(سورة الفجر:3)، قيل الشفع: يوم عرفة ويوم الأضحى، والوتر ليلة النحر، وقيل الشفع: اليومان بعد يوم النحر، والوتر اليوم الثالث، وقيل الشفع: الخلق كله، والوتر: الله عز وجل، وقيل الشفع: الصلوات الثنائية والرباعية، مثل الفجر والظهر والعصر والعشاء، والوتر: كصلاة المغرب، وقيل الشفع: عشر ذي الحجة، والوتر: أيام منى الثلاثة وهي أيام التشريق، فيمكن أن تحتمل الآية هذا وهذا، بحسب أساليب اللغة العربية وروايات التفسير، ويمكن أن نخرج بمعاني غنية، ويمكن حمل الآية عليها جميعاً، وكلها صحيحة، " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ"(سورة البقرة:219)، قرأ حمزة والكسائي فيها إثم (كثير) بالثاء، لأن شرب الخمر يحدث معه عدة آثام، إثم كثير، فيحدث معه لغط وسب وشتم طلاق، قتل، ضرب، إيذاء، عداوة، خيانة، تفريط في الفرائض، إثم كثير متنوع، وقرأ القراء الباقون إثم كبير بالباء، كبير من الكبَر والعظم، هذا صحيح وهذا صحيح، فعلاً الخمر فيها إثم كثير ومتنوع، وفيها إثم كبير وعظيم، فهنا لا مانع لكن عندما يأتي بعضهم بمعنى للآية لا علاقة له باللغة العربية ولا وردت به روايات في التفسير، ولا يسير على قواعد التفسير، بحجة أن القرآن حمّال أوجه يفسرونه على غير مراد الله، كما فسر المبتدعة " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً "( سورة البقرة:67)، البقرة عائشة، "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ"(سورة الرحمن:19)، علي وفاطمة، "يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ"(سورة الرحمن:22) الحسن والحسين، "وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ" (سورة الإسراء:60) شجرة بني أمية، فإذا صار الباب مفتوحاً صارت فوضى، وكل واحد يفسر ويقول: القرآن حمّال أوجه، فما هو الحال الذي سنصل إليه، وما هي النتيجة؟ كفر بغي ظلم، ولذلك القرآن فيه آيات محكمات هن أم الكتاب، وأصله الذي ترد إليه المشتبهات، عندنا محكمات واضحة ظاهرة، ومشتبهات ممكن تخفى على بعض الناس، فالذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابه، والذي يريد الحق يتبع المحكم، فإذا اشتبه علينا شيء رددناه إلى المحكم. انتهى كلامه

 

 

و مثال ذلك استدلال بلال المستمر بقول الله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"

و الآية من المشتبهات التى تكلم فيها أهل العلم كلاما طويلا و فصلوها تفصيلا كان الأولى بالأستاذ أن ينظر إلى هذا التفصيل ليرى كيف يرد المتشابه إلى المحكم و كيف أن للآية سبب نزول يطول المقام لشرحه و خلاصته إما أن الآية المقصود بها من آمن من هذه الأصنافأو أن اليهود الذين كانوا على دين موسى عليه السلام ولم يبدلوا ، والنصارى الذين كانوا على دين عيسى عليه السلام ولم يغيروا ولم يدركوا الرسول صلى الله عليه وسلم وماتوا على ذلك فهم من المؤمنين .... لأن اليهودية والنصرانية الحقة غير المحرفة كانت تشهد أن (لا إله إلا الله) ... فقد كانوا على الحق كالإسلام لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، والصابئون زمن استقامة أمرهم من آمن منهم (أي من مات منهم وهو مؤمن موحد بالله قد عمل صالحا) فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم في الدنيا ولا هم يحزنون في الآخرة

 

فهذه الآية : "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" هى المحكمة التى رد إليها العلماء المتشابه من الآيات

و فيها إخبار عن أن الله تعالى لن يقبل من أحد طريقة ولا عملا إلا ما كان موافقا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثه الله بما بعثه به ، وأما قبل ذلك فكل من اتبع رسوله في زمانه والتزم بكتاب الله المنزل عليه من غير تحريف فهو على هدى مستقيم وسبيل قويم وله النجاة من النار

ولا تعنى أبدا دخول غير المسلمين الجنة بعد الإسلام .... لأنهم إن أدركوه وجب عليهم الدخول فيه وإلا هلكوا كما بالنصوص السالف ذكرها.

 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day