1. المقالات
  2. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ نداءُ اللهِ تعالَى للمؤمِنينَ :علي بن نايف الشحود
  3. النداء الثاني و الثلاثون : وجوب ذكر نعم الله علينا

النداء الثاني و الثلاثون : وجوب ذكر نعم الله علينا

 

النداء الثاني و الثلاثون :  وجوب ذكر نعم الله علينا

 

قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (11) سورة المائدة

رُوِيَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عيه وسلم نَزَلَ مَنْزِلاً ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي العَضاةِ يَسْتَظِلُّونَ تَحْتَها ، وَعَلَّقَ النَّبِيُّ سِلاَحَهُ عَلى شَجَرَةٍ ، فَجَاءَ أعْرَابِيٌّ إلى سَيْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأخَذَهُ وَسَلَّهُ ، وَأقْبَلَ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ : مَنْ يَمْنَعَكَ مِنِّي؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اللهُ . وَكَرَّرَ الأَعْرَابِيّ مَقَالَتَهُ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاَثاً ، وَالنَّبِيُّ يُجِيبُهُ بِقَوْلِهِ : اللهُ . فَرَدَّ الأَعْرَابِيُّ السَّيْفَ إلى مَكَانِهِ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ .

 

 

وَقِيلَ أَيْضاً : إنَّ اليَهُودَ حَاوَلُوا قَتْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ ، فَأَنْجَاهُ اللهُ مِنْهُمْ وَخَذَلَهُمْ .

وَفِي هَذِهِ الآيَةِ تَذْكِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِنِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَيهِمْ إذْ دَفَعَ الشَّرَّ وَالمَكْرُوهَ عَنْ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم وَعَنْهُمْ ، حِينما هَمَّ قَوْمٌ أنْ يَمُدُّوا أَيْدِيَهُمْ إِلَيْهِمْ بِصُنُوفِ الشَّرِّ وَالإِيذَاءِ ، فَكَفَّ اللهُ تَعَالَى بِلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ أيْدِيَهُمْ عَنِ المُؤْمِنِينَ ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا تَنْفِيذَ مَا هَمُّوا بِهِ .

وَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِأنْ يَتَّقُوهُ ، وَهُوَ تَعَالَى الذِي أرَاهُمْ قُدْرَتَهُ عَلَى أعْدَائِهِمْ وَقْتَ ضَعْفِ المُؤْمِنِينَ ، وَقُوَّةِ أعْدَائِهِمْ ، وَيَأمُرُهُمْ بِأنْ يَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ وَحْدَهُ ، بَعْدَ أنْ أرَاهُمْ عِنَايَتَهُ بِمَنْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَيهِ .

وأيا ما كان الحادث , فإن عبرته في هذا المقام هي المنشودة في المنهج التربوي الفريد , وهي إماته الغيظ والشنآن لهؤلاء القوم في صدور المسلمين . كي يفيئوا إلى الهدوء والطمأنينة وهم يرون أن الله هو راعيهم وكالئهم . وفي ظل الهدوء والطمأنينة يصبح ضبط النفس , وسماحة القلب , وإقامة العدل ميسورة . ويستحي المسلمون أن لا يفوا بميثاقهم مع الله ; وهو يرعاهم ويكلؤهم , ويكف الأيدي المبسوطة إليهم .

ولا ننس أن نقف وقفة قصيرة أمام التعبير القرآني المصور:

إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم , فكف أيديهم عنكم . .

في مقام:إذ هم قوم أن يبطشوا بكم ويعتدوا عليكم فحماكم الله منهم . .

إن صورة و"حركة " بسط الأيدي وكفها أكثر حيوية من ذلك التعبير المعنوي الآخر . . والتعبير القرآني يتبع طريقة الصورة والحركة . لأن هذه الطريقة تطلق الشحنة الكاملة في التعبير ; كما لو كان هذا التعبير يطلق للمرة الأولى ; مصاحبا للواقعة الحسية التي يعبر عنها مبرزا لها في صورتها الحية المتحركة . . وتلك طريقة القرآن .

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day