1. المقالات
  2. حقوق الرسول على أمته - أبو يوسف محمد زايد
  3. عـــلامـــة مـحـبـتـه

عـــلامـــة مـحـبـتـه

عـــلامـــة مـحـبـتـه

اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته ، وإلا لم يكن صادقاً في حبه ، وكان مدعياً . فالصادق في حب النبي   من تظهر علامة ذلك عليه ، وأولها الاقتداء به ، واستعمال سنته ، واتباع أقواله وأفعاله ،     واجتناب نواهيه ، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ، ومنشطه ومكرهه ، وشاهد هذا قوله تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 ).
وإيثار ما شرعه وحض عليه على هوى نفسه وموافقة شهوته ، قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر : 9 ).
و إسخاط العباد في رضا الله تعالى .
               وقفة مع الحافظ ابن كثير ثم مع الإمام السعدي في تفسير الآيتين
1- مع ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ]قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرّسُولَ فإِن تَوَلّوْاْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْكَافِرِينَ[

هذه الاَية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي, والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله, كما ثبت في الصحيح عن رسول الله  , أنه قال «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ولهذا قال: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم, وهو أعظم من الأول, كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تحب, إنما الشأن أن تَحب. وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله, فابتلاهم الله بهذه الاَية, فقال {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا علي بن محمد الطنافسي, حدثنا عبيد الله بن موسىَ عن عبد الأعلى بن أعين, عن يحيى بن أبي كثير, عن عروة, عن عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله  «وهل الدين إلا الحب والبغض» قال الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} قال أبو زرعة عبد الأعلى هذا منكر الحديث.
ثم قال تعالى: {ويغفر لكم ذنوبكم, والله غفور رحيم} أي باتباعكم الرسول  , يحصل لكم هذا كله من بركة سفارته, ثم قال تعالى آمراً لكل أحد من خاص وعام {قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا} أي خالفوا عن أمره {فإن الله لا يحب الكافرين} فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر, والله لا يحب من اتصف بذلك, وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويتقرب إليه حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل ورسول الله إلى جميع الثقلين: الجن والإنس, الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون بل أولو العزم منهم في زمانه ما وسعهم إلا اتباعه, والدخول في طاعته, واتباع شريعته, كما سيأتي تقريره عند قوله تعالى:]وإذ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ (آل عمران : 81 - 82), إن شاء الله تعالى.
 - قال : يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام لمهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة, وبلغ أي مبلغ, ثم جاءه رسول من بعده ليؤمنن به ولينصرنه, ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته ولهذا قال تعالى وتقدس {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة} أي لمهما أعطيتكم من كتاب وحكمة {ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري} وقال ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس وقتادة والسدي يعني عهدي وقال محمد بن إسحاق (إصري) أي ثقل ما حملتم من عهدي أي ميثاقي الشديد المؤكد {قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك} أي عن هذا العهد والميثاق {فأولئك هم الفاسقون}, قال علي بن أبي طالب وابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق, لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به وينصرنه, وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه, وقال طاوس والحسن البصري وقتادة: أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً, وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه, بل يستلزمه ويقتضيه, ولهذا روى عبد الرزاق عن معمر, عن ابن طاوس, عن أبيه, مثل قول علي وابن عباس, وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, أنبأنا سفيان, عن جابر, عن الشعبي, عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى النبي , فقال: يا رسول الله, إني مررت بأخ لي يهودي من قريظة, فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك ؟ قال, فتغير وجه رسول   قال عبد الله بن ثابت, قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله ؟ فقال عمر: رضينا بالله رباً, بالإسلام ديناً, وبمحمد رسولاً, قال: فسري عن النبي وقال «والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام, ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم, إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين».
(حديث آخر) قال الحافظ أبو بكر: حدثنا إسحاق حدثنا حماد عن مجالد عن الشعبي عن جابر قال: قال رسول الله  «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا, وإنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق, وإنه والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني». وفي بعض الأحاديث «لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي» فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين, هو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد, لكان هو الواجب طاعته المقدم على الأنبياء كلهم, ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس, وكذلك هو الشفيع في المحشر في إتيان الرب جل جلاله لفصل القضاء بين عباده, وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له, والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين حتى تنتهي النوبة إليه فيكون هو المخصوص به صلوات الله وسلامه عليه.
 
2- مع الإمام السعدي في تفسير قوله تعالى :] وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ[
 
ذكر تعالى ، الحكمة والسبب الموجب لجعله تعالى أموال الفيء ، لمن قدرها له ، وأنهم حقيقون بالإعانة ، مستحقون لأن تجعل لهم ، وأنهم ما بين مهاجرين قد هجروا المحبوبات والمألوفات ، من الديار والأوطان ، والأحباب والخلان ، والأموال ، رغبة في الله ، ومحبة لرسول الله . فهؤلاء هم الصادقون الذين عملوا بمقتضى إيمانهم ، وصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة ، والعبادات الشاقة ، بخلاف من ادعى الإيمان ، وهو لم يصدقه بالجهاد والهجرة وغيرهما من العبادات ، وبين أنصارهم الأوس والخزرج الذين آمنوا بالله ورسوله طوعا ومحبة واختيارا وآووا رسول الله ، ومنعوه من الأحمر والأسود ، وتبوأوا دار الهجرة والإيمان حتى صارت موئلا ومرجعا يرجع إليه المؤمنون ، ويلجأ إليه المهاجرون ، ويسكن بحماه المسلمون إذ كانت البلدان كلها بلدان حرب وشرك وشر . فلم يزل أنصار الدين يأوون إلى الأنصار ، حتى انتشر الإسلام ، وقوي ، وجعل يزداد شيئا فشيئا ، حتى فتحوا القلوب بالعلم والإيمان والقرآن ، والبلدان بالسيف والسنان . الذين من جملة أوصافهم الجميلة أنهم " يحبون من هاجر إليهم " ، وهذا لمحبتهم لله ورسوله ، وأحبوا أحبابه ، أحبوا من نصر دينه . " ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا " ، أي : لا يحسدون المهاجرين على ما آتاهم الله من فضله ، وخصهم به ، من الفضائل والمناقب ، التي هم أهلها ، وهذا يدل على سلامة صدورهم وانتفاء الغل والحقد والحسد عنها . ويدل ذلك على أن المهاجرين أفضل من الأنصار ، لأن الله قدمهم بالذكر ، وأخبر أن الأنصار لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ، فدل على أن الله تعالى ، آتاهم ما لم يؤت الأنصار ولا غيرهم ، ولأنهم جمعوا بين النصرة والهجرة . وقوله : "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " ، أي : ومن أوصاف الأنصار التي فاقوا بها غيرهم ، وتميزوا بها عمن سواهم ، الإيثار ، وهو أكمل أنواع الجود ، وهو الإيثار بمحاب النفس ، من الأموال وغيرها ، وبذلها للغير مع الحاجة إليها ، بل مع الضرورة والخصاصة . وهذا لا يكون إلا من خلق زكي ، ومحبة لله تعالى ، مقدمة على شهوات النفس ولذاتها ، ومن ذلك قصة الأنصاري الذي نزلت الآية بسببه ، حين آثر ضيفه بطعامه ، وطعام أهله وأولاده ، وباتوا جياعا . والإيثار عكسه الأثرة ، فالإيثار محمود ، والأثرة مذمومة ، لأنها من خصال البخل والشح . ومن رزق الإيثار ، فقد وقي شح نفسه " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " ، ووقاية شح النفس ، يشمل وقايتها الشح ، في جميع ما أمر به ، فإنه إذا وقي العبد شح نفسه ، سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله ، ففعلها طائعا منقادا ، منشرحا بها صدره ، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه ، وإن كان محبوبا للنفس ، تدعو إليه وتتطلع إليه . وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله ، وابتغاء مرضاته ، وبذلك يحصل الفلاح والفوز . بخلاف من لم يوق شح نفسه ، بل ابتلي بالشح بالخير ، الذي هو أصل الشر ومادته . فهذان الصنفان الفاضلان الزكيان ، هم الصحابة الكرام ، والأئمة الأعلام ، الذين حازوا من السوابق والفضائل والمناقب ، ما سبقوا به من بعدهم ، وأدركوا به من قبلهم ، فصاروا أعيان المؤمنين ، وسادات المسلمين ، وقادات المتقين . وحسب من بعدهم من الفضل أن يسير خلفهم ، ويأتم بهداهم ،ولهذا ذكر الله من اللاحقين ، من هو مؤتم بهم ، فقال " والذين جاؤوا من بعدهم " أي : من بعد المهاجرين والأنصار " يقولون " على وجه النصح لأنفسهم ولسائر المؤمنين ، " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " . وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين ، من السابقين ، من الصحابة ، ومن قبلهم ومن بعدهم ، وهذا من فضائل الإيمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض ، ويدعو بعضهم لبعض ، بسبب المشاركة في الإيمان ، المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض ، وأن يحب بعضهم بعضا . ولهذا ذكر الله في هذا الدعاء ، نفي الغل عن القلب ، الشامل لقليله وكثيره ، الذي إذا انتفى ثبت ضده ، وهو : المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح ، ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين . فوصف الله من بعد الصحابة بالإيمان ، لأن قولهم : " سبقونا بالإيمان " دليل على المشاركة فيه ، وأنهم تابعون للصحابة في عقائد الإيمان وأصوله ، وهم أهل السنة والجماعة ، الذين لا يصدق هذا الوصف التام إلا عليهم . ووصفهم بالإقرار بالذنوب ، والاستغفار منها ، واستغفار بعضهم لبعض ، واجتهادهم في إزالة الغل والحقد لإخوانهم المؤمنين لأن دعاءهم بذلك ، مستلزم لما ذكرنا ، ومتضمن لمحبة بعضهم بعضا ، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه ، وأن ينصح له حاضرا وغائبا ، حيا وميتا . ودلت الآية الكريمة على أن هذا من جملة حقوق المؤمنين بعضهم لبعض . ثم ختموا دعاءهم بإسمين كريمين ، دالين على كمال رحمة الله ، وشدة رأفته وإحسانه بهم ، الذي من جملته ، بل أجله ، توفيقهم للقيام بحقوقه وحقوق عباده . فهؤلاء الأصناف الثلاثة هم أصناف هذه الأمة ، وهم المستحقون للفيء الذي مصرفه راجع إلى مصالح الإسلام . وهؤلاء أهله الذين هم أهله ، جعلنا الله منهم ، بمنه وكرمه .
 
 
قال القاضي أبو الفضل رحمه الله : حدثنا القاضي أبو علي الحافظ ، حدثنا أبو الحسن الصيرفي ، وأبو الفضل ابن خيرون ، قالا : حدثنا أبو يعلى البغدادي ، حدثنا محمد بن محبوب ، حدثنا أبو عيسى ، حدثنا مسلم بن حاتم ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أبيه عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال أنس بن مالك رضي الله عنه : قال لي رسول الله : يا بني ، إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل . ثم قال لي : يا بني ، و ذلك من سنتي ، ومن أحيا سنتي فقد أحبني ،    و من أحبني كان معي في الجنة .
~ قلت : أخرجه الترمذي في سننه ،وقد مر منذ قليل ... ولفظه : قال لي رسول الله : يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل ثم قال لي يا بني وذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة ...
فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبة لله ورسوله ، و من خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة ، ولا يخرج عن اسمها .

ودليله قوله للذي حده في الخمر فلعنه بعضهم ، وقال : ما أكثر ما يؤتى به !
فقال النبي  : لا تلعنه ، فإنه يحب الله و رسوله .
~ قلت : رواه البخاري في كتاب الحدود باب: ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة.
*حدثنا يحيى بن بكير: حدثني الليث قال: حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد ابن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب: أن رجلاً على عهد النبي   ، كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حماراً، وكان يضحك رسول الله r ، وكان النبي   قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به؟ فقال النبي : (لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله).
 
* حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر: حدثنا أنس بن عياض: حدثنا ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: أتي النبي   بسكران، فأمر بضربه، فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه، فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله، فقال رسول الله : (لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم).
 
قال القاضي أبو الفضل رحمه الله : ومن علامات محبة النبي كثرة ذكره له ، فمن أحب شيئاً أكثر ذكره ...
-ومنها كثرة شوقه إلى لقائه ، فكل حبيب يحب لقاء حبيبه .
-وفي حديث الأشعريين عند قدومهم المدينة أنهم كانوا يرتجزون : غداً نلقى الأحبهْ. محمداً وصحبهْ .
وتقدم قول بلال .
-ومثله قال عمار قبل قتله . و ما ذكرناه من قصة خالد بن معدان .
-ومن علاماته مع كثرة ذكره رسول الله تعظيمه له وتوفيره عند ذكره   وإظهار الخشوع والإنكسار مع سماع إسمه .
قال إسحاق التجيبي : كان أصحاب النبي بعده لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا .
وكذلك كثير من التابعين منهم من يفعل ذلك محبة له وشوقاً إليه ، ومنهم من يفعله تهيباً وتوقيراً .
ومنها محبته لمن أحب النبي ، ومن هو بسببه من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار ،     وعداوة من عاداهم ، وبغض من أبغضهم وسبهم ، فمن أحب شيئاً أحب من يحبه .
-وقد قال النبي في الحسن والحسين : اللهم إني أحبُّهما فأحبَّهما .
~ قلت : رواه الترمذي في سننه ، قال :
 1 * حدثنا سفيان بن وكيع وعبد بن حميد قالا حدثنا خالد بن مخلد حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي عن عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر أخبرني مسلم بن أبي سهل النبال أخبرني الحسن بن أسامة بن زيد أخبرني أبي أسامة بن زيد قالطرقت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي   وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو فلما فرغت من حاجتي قلت ما هذا الذي أنت مشتمل عليه قال فكشفه فإذا حسن وحسين عليهما السلام عليهما السلام على وركيه فقال : هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما...
 
 قال هذا حديث حسن غريب   
 2 * حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أسامة عن فضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت عن البراءأن النبي أبصر حسنا وحسينا فقال : اللهم إني أحبهما فأحبهما...
 قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح  
-وفي رواية -في الحسن : اللهم إني أحبُّه فأحبَّ من يحبُّه .
 
~ قلت : رواه الشيخان ، وأحمد ، وابن ماجه ،والترمذي ، والحاكم ، والبسهقي ، ...ففي صحيح مسلم :
في كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم - باب فضائل الحسن والحسين، رضي الله عنهما
 
1* حدثني أحمد بن حنبل. حدثنا سفيان بن عيينة. حدثني عبيدالله بن أبي يزيد عن نافع بن جبير، عن أبي هريرة، عن النبي ؛ أنه قال لحسن "اللهم إني أحبه. فأحبه وأحبب من يحبه".
 
2* حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن عبيدالله بن أبي يزيد، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي هريرة. قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار. لا يكلمني ولا أكلمه. حتى جاء سوق بني قينقاع. ثم انصرف. حتى أتى خباء فاطمة فقال "أثم لكع؟ أثم لكع؟" يعني حسنا. فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخابا. فلم يلبث أن جاء يسعى. حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه. فقال رسول الله "اللهم! إني أحبه. فأحبه وأحبب من يحبه".
 
3* حدثنا عبيدالله بن معاذ. حدثنا أبي. حدثنا شعبة عن عدي (وهو ابن ثابت). حدثنا البراء بن عازب قال: رأيت الحسن بن علي على عاتق النبي . وهو يقول "اللهم إني أحبه فأحبه".
 
4* حدثنا محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع. قال ابن نافع: حدثنا غندر. حدثنا شعبة عن عدي (وهو ابن ثابت)، عن البراء، قال: رأيت رسول الله واضعا الحسن بن علي على عاتقه. وهو يقول: "اللهم إني أحبه فأحبه".
 
5* حدثني عبدالله بن الرومي، اليمامي وعباس بن عبدالعظيم العنبري. قالا: حدثنا النضر بن محمد. حدثنا عكرمة (وهو ابن عمار). حدثنا إياس عن أبيه. قال: لقد قدت بنبي الله والحسن والحسين، بغلته الشهباء. حتى أدخلتهم حجرة النبي . هذا قدامه وهذا خلفه.
 
-وقال : من أحبهما فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله .
~ قلت: رواه الإمام أحمد
1*حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن أبي الجحاف عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله : من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد ابغضني يعنى حسنا وحسينا
 - شعيب الأرنؤوط : إسناده قوي رجاله ثقات رجال الشيخين
                    - وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة
 
2*حدثنا عبد حدثني أبي ثنا بن نمير قال أنا حجاج يعني بن دينار عن جعفر بن إياس عن عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله ومعه حسن وحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم هذا مرة ويلثم هذا مرة حتى انتهى إلينا فقال له رجل يا رسول الله انك تحبهما.. فقال :من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني
 
3*حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن سالم قال سمعت أبا حازم يقول اني لشاهد يوم مات الحسن فذكر القصة فقال أبو هريرة سمعت رسول الله يقول : من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن
 
-وقال : الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه .
 ~قلت : رواه الترمذي في سننه، قال :
*حدثنا محمد بن يحيى حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا عبيدة بن أبي رائطة عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله : الله الله في أصحابي الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه
قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه  
-وقال رسول الله  في فاطمة رضي الله عنها : إنها بضعة مني ، يغضبني ما أغضبها .
~قلت : رواه البخاري في كتاب النكاح - باب: ذب الرجل على ابنته في الغيرة والإنصاف.
 
* حدثنا قتيبة: حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة قال: سمعت رسول الله يقول وهو على المنبر: (إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما أذاها). هكذا قال.
 
 وفي كتاب فضائل الصحابة باب: مناقب قرابة رسول الله ، ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي .
 
*حدثنا أبو الوليد: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة: أن رسول الله   قال: (فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني).
 
وفي كتاب فضائل الصحابة - باب: ذكر أصهار النبي ، منهم أبو العاص ابن الربيع رضي الله عنه.
 
* حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني علي ابن حسين: أن المسور بن مخرمة قال: إن عليا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل. فقام رسول الله ، فسمعته حين تشهد يقو ل: (أما بعد، أنكحت أبا العاص بن الربيع، فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني اكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد). فترك علي الخطبة.وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن مسور: سمعت النبي وذكر صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال: (حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي).
 
وفي مستدرك الحاكم :
 * أخبرني أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله بن جعفر حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن عبيد الله بن أبي رافع عن المسور أنه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته فقال له قل له فيلقاني في العتمة قال فلقيه فحمد الله المسور وأثنى عليه ثم قال أما بعد وأيم الله ما من نسب ولا سبب ولا صهر أحب إلي من نسبكم وسببكم وصهركم ولكن رسول الله قال: فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري وعندك ابنتها ولو زوجتك لقبضها ذلك ؛ فانطلق عاذرا له..
 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجا
-وقال رسول الله  لعائشة في أسامة بن زيد : أحبيه فإني أحبه .
~ قلت : رواه  الترمذي في كتاب المناقب – باب منلقب أسامة ، قال :
*   حدثنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت أراد النبي  أن ينحي مخاط أسامة ، قالت عائشة : دعني حتى أكون أنا الذي أفعل... قال : يا عائشة ، أحبيه فإني أحبه...
 قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب..  
 
 
 
-وقال : آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغضهم .
~ قلت : رواه البخاري في كتاب الإيمان – باب: علامة الإيمان حب الأنصار.
* حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنسا، عن النبي r قال: (آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار).
 
ورواه مسلم في كتاب الإيمان - باب الدليل على أن حب الأنصار وعلى رضي الله عنهم من الإيمان وعلاماته. وبغضهم من علامات النفاق
 
1* حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن عبدالله بن عبدالله بن جبر، قال: سمعت أنسا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق بغض الأنصار. وآية المؤمن حب الأنصار".
 
2* حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد (يعني ابن الحارث) حدثنا شعبة عن عبدالله بن عبدالله، عن أنس، عن النبي r أنه قال: "حب الأنصار آية الإيمان. وبغضهم آية النفاق".
 
3* وحدثني زهير بن حرب. قال: حدثني معاذ بن معاذ. ح وحدثنا عبيدالله بن معاذ (واللفظ له) حدثنا أبي. حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت، قال: سمعت البراء يحدث عن النبي rأنه قال، في الأنصار "لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق. من أحبهم أحبه الله. ومن أبغضهم أبغضه الله". قال شعبة: قلت لعدي: سمعته من البراء؟ قال: إياي حدث.
 
4* حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا يعقوب (يعني ابن عبدالرحمن القاري) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله rقال: "لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر".
 
5* وحدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة. حدثنا جرير. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة. كلاهما عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد؛ قال: قال رسول الله r : "لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر".
 
 
وأخرجه السيوطي وعزاه إلى (حم تخ) عن معاوية وإلى (هـ حب) عن البراء.
1*.‌من أحب الأنصار أحبه الله ومن أبغض الأنصار أبغضه الله . ‌ 
 
وإلى (حم طب) عن الحارث بن زياد الأنصاري.
2*.‌إن الناس يهاجرون إليكم ولا تهاجرون إليهم والذي نفسي بيده لا يحب الأنصار رجل حتى يلقى الله إلا لقي الله وهو يحبه ولا يبغض الأنصار رجل حتى يلقى الله إلا لقي الله وهو يبغضه . ‌ 
 
-وفي حديث ابن عمر : من أحب العرب فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم .
 ~ قلت : أخرجه السيوطي في الجامع الصغير ، وعزاه إلى الحاكم ؛ عن ابن عمرو.
 .‌إن الله اختار من بني آدم العرب واختار من العرب مضر ومن مضر قريشا واختار من قريش بنى هاشم واختارني من بني هاشم فأنا من خيار إلى خيار فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم .
(ضعفه الألباني) 
 
وأخرج رواية أخرى عزاها إلى الطبراني في الأوسط ؛ عن أنس.
 ‌حب قريش إيمان وبغضهم كفر وحب العرب إيمان وبغضهم كفر ومن أحب العرب فقد أحبني ومن أبغض العرب فقد أبغضني .
(ضعفه الألباني) 
قال القاضي أبو الفضل رحمه الله :  فبالحقيقة من أحب شيئاً أحب كل شيء يحبه . وهذه سيرة السلف حتى في المباحات و شهوات النفس .
-وقد قال أنس حين رأى النبي يتتبع الدباء من حوالي القصعة : فما زلت أحب الدباء من يومئذ .
-وهذا الحسن بن علي ، وعبد الله بن عباس ، وابن جعفر ـ أتوا سلمى وسألوها أن تصنع لهم طعاماً مما كان يعجب رسول الله .
-وكان ابن عمر يلبس النعال السبتية ، ويصبغ بالصفرة ، إذ رأى النبي   يفعل نحو ذلك .
المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day