حديث مروج العرب ومناخ العالم يشهدان لمحمد صلى الله عليه وسلم بالوحى والرسالة نسوق سؤالين؛ الأول منهما نوجهه إلى علماء الجيولوجيا والجغرافيا: منذ متى نشأ علم البيئة القديمة وعلم الجغرافيا القديمة, وهل يوجد دورات مناخية مكررة عبر الزمن الماضى؟ والسؤال الثانى موجه لعلماء البيئة: ما هو تنبؤكم بمناخ العالم فى المستقبل, وما وضع مناخ بلاد العرب فى المستقبل؟ هنا فليصغى العلماء إلى حديث النبى صلى الله عليه وسلم الذى يحمل خبر بما كان ونبأ بما يكون.روى الإمام مسلم فى صحيحه بسنده عن أبى هريرة-رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لن تقوم الساعة حتى تعود بلاد العرب مروجا وأنهارا).ويتضمن الحديث حقيقة جيولوجية ونبوءة مناخية. أما الحقيقة فهى أن شبه الجزيرة العربية ( أرض العرب فى الحديث) كانت فى الماضى أرضا ذات مراع وغابات, تجرى خلالها الأنهار وتنتشر بها البرك والمستنقعات. والنبوءة أنها ستعود فى المستقبل كما كانت. والحقيقة أصبحت معلومة لدينا اليوم بعد تطور علم الجيولوجيا فى القرن الثامن عشر. ويخبرك الجيولوجيون اليوم بمنتهى الثقة أن أرض منطقة المغارة ( تقع جنوب مدينة العريش بستين كيلو متر) كانت فى العصرى الجوراسى منذ حوالى ... مليون سنة تغطيها غابات وأشجار وتشقها جداول الماء وتنتشر فيها المستنقعات بدليل وجود رواسب الفحم الحجرى الذى هو فى الأصل نباتات قد طمرت فى طين الأرض مدة ملايين السنين بعد موتها ودفنها. وهكذا كانت أرض العرب. فمن أدرى محمدا صلى الله عليه وسلم بذلك. لابد أنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى. وقد دلت الآثار التى سجلها العلماء, وتحليل الصور الجوية على وجود مجرى نهر قديم كبير يخترق شبه الجزيرة العربية من الغرب إلى الشرق تشغل دلتاه دولة الكويت. وقد كشف عن قلعة تعرف ب"حصن الغراب" على مقربة من عدن. وعثر فى أطلال القلعة على قطعة من الرخام نقش عليها التالى:"لقد قضينا دهورا بين أفنية هذه القلعة فى عيشة راضية لا يشوبها ضيق أو عسر, وتحيط بنا مياه البحر فى حالة طغيان المد, وأنهارها تفيض مندفعة غزيرة, وبين النخل الباسقات كان حارسها يغرس الرطب الجنى على ضفاف الجداول الدافقة بالماء أو الجافة, وكنا نصيد صيد البر بالحبال والغاب, كما كنا نخرج الأسماك من أعماق البحار, وكنا نختال فى مشيتنا,دافلين فى ملابسنا الحريرية الموشاة عند أطرافها, وثياب سندسية خالصة, وأودية ملونة بخطوط خضراء, وكان الملوك الذين يحكموننا منزهين عن الدناءة, أشداء على أهل الخديعة والغدر , وقد اختاروا لنا شريعة مستمدة من ديانة هود, وكنا نؤمن بالمعجزات والبعث وإحياء الموتى". وهنا ننتبه إلى أن من أوتى جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم لخص جيولوجية أرض العرب وآثرها فى فترة مضت من الزمن الجيولوجى فى كلمتين اثنتين (حتى تعود) لأن الإعادة تقتضى أنها كانت.كما كشفت دراسات الآثار فى منطقة سشعر فى ظفار بمنطقة الربع الخالى عن وجود طريق للقوافل مدفون تحت رمال الكثبان الرملية. وكشفت الحفريات عند تقاطع طريق القوافل على مكمن مائى قديم. وكانت المفاجاءة هى اكتشاف قلعة مثمنة الأضلاع, ذات أبراج وجدران شاهقة يصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار, وتضم عددا من غرف التخزين, وأماكن السكنى.وظهرت مدينة أسطورية وصفها مكتشفوها بأن "ليس لها مثيل فى البلاد", وأسموها مدينة أوبار.وأيضا اكتشفت قرية الفاو التى يرجع تاريخها إلى القرن الثانى الميلادى. فمن أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بأن أرض العرب كانت مروجا وأنهارا , علما بأن علم الجيولوجيا لم تقم له قائمه إلا بعد بعثة النبى صلى الله عليه وسلم بقرابة ألف عام.