حرب الشبهات اعلم أن حرب الشبهات، حربٌ قديمة حديثة؛ تُشن دومًا على دعوة الإسلام، وتهدف هذه الحرب إلى إحداث القلاقل في النفوس والبلابل في العقول؛ بحيث يتردد التابع، ويتشكك الساكت، ومن ثم تتصدع الكلمة، وتذهب ريح الدعوة . وقلما سلمت دعوة شريفة ـ عبر التاريخ ـ من هذا النوع من الحرب، وأنت ترى الآن الأنظمة المستبدة ووسائل الإعلام المتصهينة تبذل الجهد الكبير في تشويه صورة الحركة الإسلامية، واصطناع الاتهامات لها، واختلاق الأساطير حولها، بحيث تنفر الجماهير منها . وتجد دومًا الأبواق الإعلامية الماسونية تستهدف الرموز والقيادات الإسلامية على شتى مذاهبها بالطعن والتجريح، والتشكيك في نزاهتها، والعمل الحثيث لوضع دائر حمراء حول تحركاتهم وأعمالهم وتاريخهم . نفس الحرب يمارسها الغرب في حربه على الإسلام عامة، من حملات التشويه التي يقوم بها غربيون من حين إلى آخر ـ على الإسلام . وإليك جملة من هذه الحرب التي تعرضت لها الدعوة : التشكيك في البعث جاء أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ إلَى النبي – صلى الله عليه وسلم - بِعَظْمٍ بَالٍ قَدْ ارْفَتّ، وقد سمع الأول أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتحدث عن يوم القيامة، ذلك اليوم الذي يجمع فيه اللهُ الأولين والآخرين؛ فيثيب الصالحين ويعاقب المفسدين- : فَقَالَ أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ – منكرًا يوم البعث - : "يَا مُحَمّدُ ! أَنْتَ تَزْعُمُ أَنّ اللّهَ يَبْعَثُ هَذَا ؟ ! بَعْدَ مَا أَرَمّ"..ثُمّ فَتّهُ فِي يَدِهِ ثُمّ نَفَخَهُ فِي الرّيحِ نَحْوَ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ -. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- في حسم وحزم - : " نَعَمْ أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ ، يَبْعَثُهُ اللّهُ وَإِيّاكَ بَعْدَ مَا تَكُونَانِ هَكَذَا ، ثُمّ يُدْخِلُك اللّهُ النّارَ " !! فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِيهِ: " وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . قُلْ يُحْيِيهَا الّذِي أَنْشَأَهَا أَوّلَ مَرّةٍ وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيمٌ . الّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ "[يس: 78 – 80][1]. الشراكة الباطلة اعترض محمدًا – صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ نفرٌ من سادات قريش ، فقالوا : يا محمد ! هَلُمّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ ، وَتَعْبُد مَا نَعْبُدُ، فَنَشْتَرِكُ نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الأمر، فَإِنْ كَانَ الّذِي تَعْبُدُ خَيْرًا مِمّا نَعْبُدُ، كُنّا قَدْ أَخَذْنَا بِحَظّنَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَا نَعْبُدُ خَيْرًا مِمّا تَعْبُدُ كُنْت قَدْ أَخَذْت بِحَظّك مِنْهُ . فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِيهِمْ سورة " الكافرون " ليعلِّم نبيه الرد الأمثل في هذه القضية الخطيرة، فقال تعالى: " قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ " [ سورة الكافرون][2] . قال سيد قطب – رحمه الله - : "فنزلت هذه السورة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة، ومنهج ومنهج، وتصور وتصور، وطريق وطريق، نعم نزلت نفيًا بعد نفي، وجزمًا بعد جزم، وتوكيدًا بعد توكيد، بأنه لا لقاء بين الحق والباطل، ولا اجتماع بين النور والظلام، فالاختلاف جوهري كامل يستحيل معه اللقاء على شيء في منتصف الطريق، والأمر لا يحتاج إلى مداهنة أو مراوغة، نعم فالأمر هنا ليس مصلحة ذاتية، ولا رغبة عابرة، ولا سمًّا في عسل، وليس الدين لله والوطن للجميع كما تزعم الجاهلية المعاصرة، ويدعي المنافقون والمستغربون الذين يتبعون الضالين والمغضوب عليهم، ولا كما يعتقد الملحدون أعداء الله سبحانه في كل مكان، كان الرد حاسمًا على زعماء قريش المشركين، ولا مساومة، ولا مشابهة، ولا حلول وسط، ولا ترضيات شخصية، فإن الجاهلية جاهلية والإسلام إسلام، في كل زمان ومكان، والفارق بينهم بعيد كالفرق بين التبر والتراب، والسبيل الوحيد هو الخروج عن الجاهلية بجملتها إلى الإسلام بجملته عبادة وحكما، وإلا فهي البراءة التامة والمفاصلة الكاملة والحسم الصريح بين الحق والباطل في كل زمان ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) .."[3] . التنازل عن بعض الثوابت جاء وفدٌ آخرَ إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - بعد فشل الوفد السابق، يتألف من عبد الله بن أبي أمية، والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس، والعاص بن عامر، وقد جاء هذا الوفد ليقدم عرضًا آخر للتنازل عن بعض ما في القرآن، فطلبوا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ينزع من القرآن ما يغيظهم من ذم آلهتهم الحجرية، فقط ما عليه إلا أن يحذف عدد من الآيات القليلة التي تندد بالوثنية ، فأنزل الله لهم جوابًا حاسمًا: " وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ، قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) [يونس: 15][4]. الإغراءات في قصة شهيرة، تُعد ـ بحق ـ من روائع السيرة النبويةورد فيها أَنّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ـ وَكَانَ سَيّدًا من سادات قريش ـ ذهب إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتحدث بحديث طويل يريد أن يثنيه عن دعوته، وكان مما قال: أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ فسكت النبي، تأدبًا وإعراضًا عن الجاهلين ! فواصل عتبة قائلاً : إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فقل يسمع لقولك، لقد أفضحتنا في العرب حتى طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، ما تريد إلا أن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى[5] . فلما عاين عتبةُ هذا الأدب الجم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، خفف من حدة الحديث، وقال: يا بن أخى، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذى يأتيك رئيًا [ يعني جنون أو مس ] تراه لا تستطيع رده عن نفسك؛ طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه. و لا زال عتبة يتحدث إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بهذا الحديث الذي لا يخلوا من التعريض أو من التجريح، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أنصات واستماع بكل احترام للشيخ .. حتى إذا فرغ عتبة، قال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أدب ورفق ـ: "أفرغت يا أبا الوليد ؟ " قال: نعم. قال: "اسمع منى". قال: أفعل. فقرأ عليه النبي أول سورة فصلت[6] . الحق المُر ولقد صدَعَ النبيُ – صلى الله عليه وسلم – بقولة الحق وهو في أشد الظروف وأصعبها، فيقول الحق ولو على حساب مصلحته وأمنه، أو على حساب الوشائج والصلات العائلية.. ومثال ذلك موقفه – صلى الله عليه وسلم – من عمه أبي لهب الذي أخذته حمية العصبية، والقرابة العائلية، فتدخل لحمياته بعد وفاة أبي طالب، فساء ذلك قريشًا، ورتبت خطة أنهت بها تلك الحماية بإيقاع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـفي موقف حرج، إذ ذهب عقبة بن أبي معيط وأبو جهل بن هشام إلى أبي لهب فقالا له: أخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك؟ فقال له أبو لهب: يا محمد أين مدخل عبد المطلب؟ قال: مع قومه، فخرج أبو لهب إليهما فقال: قد سألته فقال مع قومه، فقالاً: يزعم أنه في النار، فقال: يا محمد أيدخل عبد المطلب النار؟ فقال رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم ـ: "نعم، ومن مات على مثل ما مات عليه عبد المطلب دخل النار"، فقال أبو لهب: والله لا برحت لك عدواً أبداً، وأنت تزعم أن عبد المطلب في النار! فاشتد عليه هو وسائر قريش[7]. المناظرات العقيمة كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـإذا جلس مجلسًا، للدعوة والعلم، وتلا فيها القرآن وحذر قريشًا ما أصاب الأمم الخالية؛ خلفه في مجلسه النضر بن الحارث، بهدف التشويش والصد عن دعوة محمد بطريقة إعلامية جذابة شيقة، فيحدثهم عن أساطير رستم السِنديد، وعن أسفنديار ، وملوك فارس ، ثم يقول : والله ما محمد بأحسن حديثا مني ، وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها ..وفي يوم جلس رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يومًا مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم في المجلس، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش ، فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله حتى أفحمه ، ثم قرأ : " إِنّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ " [ الأنبياء: 98] [انظر : ابن هشام 1/358] فبُهت النضر وانخذل ! قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمّ قَامَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَعْرَى السّهْمِيّحَتّى جَلَسَ، فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَعْرَى : وَاَللّهِ مَا قَامَ النّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ لابْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ آنِفًا وَمَا قَعَدَ، وَقَدْ زَعَمَ مُحَمّدٌ أَنّا وَمَا نَعْبُدُ مِنْ آلِهَتِنَا هَذِهِ حَصَبُ جَهَنّمَ ! فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَعْرَى : أَمَا وَاَللّهِ لَوْ وَجَدْته لَخَصَمْته ، فَسَلُوا مُحَمّدًا : أَكُلّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ فِي جَهَنّمَ مَعَ مَنْ عَبَدَهُ ؟ فَنَحْنُ نَعْبُدُ الْمَلائِكَةَ، وَالْيَهُودَ تَعْبُدُ عُزَيْرًا، وَالنّصَارَى تَعْبُدُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السلام !! فَعَجِبَ الْوَلِيدُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَعْرَى ، وَرَأَوْا أَنّهُ قَدْ احْتَجّ وَخَاصَمَ . فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـمِنْ قَوْلِ ابْنِ الزّبَعْرَى .. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "كُلّ مَنْ أَحَبّ أَنْ يَعْبُدَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَهُوَ مَعَ مَنْ عَبَدَهُ إنّهُمْ، إنّمَا يَعْبُدُونَ الشّيَاطِينَ وَمَنْ أَمَرَتْهُمْ بِعِبَادَتِهِ" .. فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ :" إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ{101} لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ{102} " [الأنبياء: 101 - 102][8]. قال السهيلي: لو تأمل ابن الزبعرى وغيره من كفار قريش الآية لرأى أن اعتراضه غير لازم من وجهين: أحدهما: أنه خطاب متوجه على الخصوص لقريش عبدة الأصنام، وقوله (إنا نعبد الملائكة) حيدة، وإنما وقع الكلام والمحاجة في اللات والعزى وهبل وغير ذلك من أصنامهم. والثاني: أن لفظ التلاوة: (إنكم وما تعبدون) ولم يقل (ومن تعبدون) فكيف يلزم اعتراضه بالمسيح وعزير والملائكة، وهم يعقلون والأصنام لا تعقل ؟ ومن ثم جاءت الآية بلفظ ما الواقعة على ما لا يعقل[9] . تعنت، وأطروحات غبية لقد كان من منهجه عدم الإكتراث بكلام السفهاء فضلاً عن تشويشهم أوتصفيرهم أو شتمهم، كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يمضي قدمًا في دعوته، جادًا ، رزينًا ، واثقًا، يفتح قلبه للناس، يخطب ودهم في عفة ، يتحبب إليهم في تواضع، وهو السيد ابن السيد.. وقد تطرق تفكير المشركين أن يطلبوا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مطالب، ليس الغرض منها التأكد من صدقه، ولكن غرضهم منها التعنت بل السفاهة والاستهزاء به ، ومثال ما طلبوه : أ- أن يفجر لهم من الأرض ينبوعا: أي يجري لهم الماء عيونًا جارية. ب- أو تكون له جنة من نخيل وأعناب يفجر الأنهار خلالها تفجيرًا، أي تكون له حديقة فيها النخل والعنب، والأنهار تتفجر بداخلها. ج- أو يسقط السماء كسفًا: أي يسقط السماء قطعًا كما سيكون يوم القيامة. د- أو يأتي بالله والملائكة قبيلاً. هـ- أو يكون له بيت من زخرف: أي ذهب. و- أو يرقى في السماء: أي يتخذ سلمًا يرتقي عليه ويصعد إلى السماء. ز- إنزال كتاب من السماء يقرؤونه، يقول مجاهد: أي مكتوب فيه إلى كل واحد صحيفة: هذا كتاب من الله لفلان ابن فلان؛ تصبح موضوعة عند رأسه ! ح- وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم فيسير لهم الجبال، ويقطع الأرض، ويبعث من مضى من آبائهم من الموتى [10]. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه التعنتات والرد عليها في قوله سبحانه: "وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيرًا . أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً . أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرُؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً . وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا رَّسُولاً . قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولاً . قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا " [الإسراء: 90-96]. وكان رد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكفى به جوابًا وشرحًا : "مَا بِهَذَا بُعِثْتُ إلَيْكُمْ ! إنّمَا جِئْتُكُمْ مِنْ اللّهِ بِمَا بَعَثَنِي بِهِ وَقَدْ بَلّغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْت بِهِ إلَيْكُمْ؛ فَإِنْ تَقْبَلُوهُ فَهُوَ حَظّكُمْ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدّوهُ عَلَيّ أَصْبِرُ لأمْرِ اللّهِ تَعَالَى ، حَتّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ"[11] . توصيات عملية : 1ـ تعلَّمْ كيف تدفع الشبهات التي تستهدف دينك وشريعتك ودعوتك، تعلم الخطابة، أو الكتابة الصحفية، أو إدارة حلقة نقاشية، أو دروة تدريبية في فنون التواصل. 2ـ شاهد المناظرات المسجلة للداعية الكبير أحمد ديدات، وغيره من الدعاة الفصحاء المخلصين .. ومناظرات الشيخ ديدات بالذات ستثقلك، وستكسبك مهارات جديدة. --------------------------- [1] ابن هشام ج 1 / ص 361 [2] ابن هشام ج 1 / ص 362 [3] انظر: سيد قطب: في ظلال القرآن 6/3991 [4] الواحدي : أسباب النزول، ص200، والسيرة للصلابي 1/170 [5] السيرة الحلبية 1/456 [6] انظر: ابن كثير : السيرة النبوية 1/504 [7] ابن سعد، ج 1/ 211 [8] السهيلي ج 2 / ص 143 [9] السهيلي ج 2 / ص 143 [10] انظر: سميرة محمد جمجوم : المعوقون للدعوه الاسلاميه ، ص171، 172 [11] انظر: ابن هشام : 1/459