شبهة أنالرسول يشرب الخمر فى المسجد زعم بعض أعداء الإسلام أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يشرب الخمر فى المسجد فكيف يفعل ذلك وقد نهى أصحابه عن شرب الخمر دليل الشبهة (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَاوِلِينِى الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ) الرد على الشبهة إن أى إنسان متأمل فى اللغة العربية على دراية بمعانيها لن يقف أمام تلك الشبهة إلا متعجبا من الجهل والضلال الذى يشع من قائلها ولكن قل هو تضليل للمسلمين وصرف لهم عن معرفتهم بقواعد اللغة العربية الحكم على الحديث هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة فى كثير من كتب السنة النبوية المطهرة ([1]) وهذا الذى استدلوا به على شبهتهم هذه إنما هو جزء منحديث نبوى شريف ونصه كالتالى (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَاوِلِينِى الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَتْ : فَقُلْتُ : إِنِّى حَائِضٌ فَقَالَ : إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِى يَدِكِ) معنى كلمة الْخُمْرَةَ الواردة فى الحديث معنى الْخُمْرَةَ اسم يطلق على شيء من جريد أو خوص يستعمل فى السجود عليه فى الصلاة فالْخُمْرَةُ إذا أشبه ما تكون بسجادة الصلاة التى يسجد عليها الإنسان فى صلاته ([2]) ولاحظ تشكيل الكلمة فهى بضم الخاء وسكون الميم وليس المعنى بها الخَمْرَة المحرمة شرعا لأن الأخيرة بفتح الراء وسكون الميم لأجل ذلك قلت فى البداية إن تلك الشبهة تنم عن جهل واضح من قائلها لأن الفرق بين الكلمتين هو الضمة علىالخاء فى الأولى التى وردت فى الحديث النبوى الشريف والفتحة على الخاء فى الخمر المحرمة شرعا الدليل على أن الْخُمْرَةَ للسجود عن ابن عباس قال جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فذهبت الجارية تزجرها (فقال النبى صلى الله عليه وسلم دعيها قال فجاءت بها فالقتها بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التى كان عليها قاعدا فأحرقت منها مثل موضع درهم فقال صلى الله عليه وسلم إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم)([3]) وجه الدلالة يبين هذا الحديث النبوى الشريف أن فأرة أرادت أن تلقى أو تعبث بالمصباح وكانت المصابيح وقتها تضاء بمواد مشتعلة كالجاز مثلا فى عصرنا هذا فأرادت الجارية أن تمنعالفأرةَ من ذلك فأمرها النبى صلى الله عليه وسلم أن تكف عن ذلك فتركت الجارية الفأرةَ فنقل المصباح من مكانه وألقى به على الخمرة موضع جلوسه صلى الله عليه وسلم فإن قلبت فأحرقت مكانها موضع درهم فأمر الحبيب صلى الله عليه وسلم بعدم ترك المصابيح مضاءة طالما أنه لا يجلس أحد بجوارها لأن الشياطين تدل الفئران عليها لتدفع بها ويحترق بها المؤمنون الشاهد فى هذا الحديث والشاهد هو أنه صلى الله عليه وسلم كان جالسا على الحمرة أى ما يعرف فى عصرنا بسجادة الصلاة كما أسلفنا إذا فهو صلى الله عليه وسلم لم يكن ليشرب الخمر فى المسجد كما زعموا وإنما أراد صلى الله عليه وسلم أن تناوله السيدة عائشة سجادة صلاته التى يصلى عليها حكم شرب الخمر قال تعالى فى محكم كتابه العزيز:ـ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)([4]) وقال تعالى:ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ )([5]) وجه الدلالة أفادت الأدلة الشرعية الجزم بتحريم الخمر وإنها تجر إلى مفاسد وأنها من الكبائر إذا فهناك فرق بين الخمرة بضم الخاء والخمرة بفتح الخاء ----------------- [1]ـ صحيح مسلم جـ 1 ص 244 [2]ـ شرح النووى على صحيح مسلم جـ 3 صـ 209 [3]ـ صحيح بن حبان جـ 12 صـ 227 حديث رقم 5519 وهذا سنده أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أحمد بن آدم الجرجانى غندر قال حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة قال حدثنا أسباط عن سماك عن عكرمة [4]ـ من الآية 219 من سورة البقرة [5]ـ المائدة آية 90-