بين مرثد وعثمان بن طلحة ! مرثد بن أبي مرثد .. عَلَمًَا في العفة كَانَ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ – رضي الله عنه - يَحْمِلُ الأسْرَى مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِمْ الْمَدِينَةَ، فيستنقذ المستضعفين "من الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً ".. وَكَانَتْ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ [تعمل في الدعارة ]بِمَكَّةَ يُقَالُ لَهَا عَنَاقٌ، وَكَانَتْ صَدِيقَةً لَهُ، أيام الجاهلية، وَإِنَّهُ كَانَ وَعَدَ رَجُلاً مِنْ أُسَارَى مَكَّةَ يَحْمِلُهُ .. قَالَ مرثد : فَجِئْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى ظِلِّ حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَجَاءَتْ عَنَاقٌ، فَأَبْصَرَتْ سَوَادَ ظِلِّي بِجَنْبِ الْحَائِطِ، فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَيَّ، قالت : مَرْثَدٌ ؟ فَقُلْتُ : مَرْثَدٌ ! فَقَالَتْ : مَرْحَبًا وَأَهْلاً ! هَلُمَّ فَبِتْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ ! قُلْتُ : يَا عَنَاقُ ! حَرَّمَ اللَّهُ الزِّنَا! قَالَتْ : يَا أَهْلَ الْخِيَامِ ! هَذَا الرَّجُلُ يَحْمِلُ أَسْرَاكُمْ ! قَالَ مرثد : فَتَبِعَنِي ثَمَانِيَةٌ، وَسَلَكْتُ الْخَنْدَمَةَ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى كَهْفٍ أَوْ غَارٍ، فَدَخَلْتُ، فَجَاءُوا، حَتَّى قَامُوا عَلَى رَأْسِي؛ فَبَالُوا ! فَظَلَّ بَوْلُهُمْ عَلَى رَأْسِي وَأَعْمَاهُمْ اللَّهُ عَنِّي ! ثُمَّ رَجَعُوا، وَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي فَحَمَلْتُهُ، وَكَانَ رَجُلاً ثَقِيلاً، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الإذْخِرِ؛ فَفَكَكْتُ عَنْهُ كَبْلَهُ، فَجَعَلْتُ أَحْمِلُهُ، وَيُعْيِينِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحُ عَنَاقًا ؟ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا، حَتَّى نَزَلَتْ: " الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ " [ النور : 3] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " يَا مَرْثَدُ ..( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ) .. فَلا تَنْكِحْهَا"[1]. غار العفة ولا دار الفسَقة لقد رفض مرثد أن ينصاع لطلب هذه الداعرة، رغم ظلمة الليل، وشدة الموقف، وهو في أمس الحاجة إلى مخبإ يواري فيه نفسه، ولكنه – رضي الله عنه – قالها صريحة لطالبة المتعة: " يَا عَنَاقُ ! حَرَّمَ اللَّهُ الزِّنَا! " ولعله استحضر في ونفسه آيات بينات تَربى عليها في تلك المجموعات المكية الإيمانية: "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً " [ الإسراء32] "وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ" [الشورى37] "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" [الأعراف33]. فلما غضبت العاهرة، لرغبته عنها، إذا بها تريد فضح أمره، وهتك سره، وتهييج الناس عليه، فصاحت : يَا أَهْلَ الْخِيَامِ ! هَذَا الرَّجُلُ يَحْمِلُ أَسْرَاكُمْ ! فما انصاع لها عندئذ، ولم يتسغفرها، ولم يطاوعها ولا على سبيل المداهنة، بحيث يدخل بيتها دون فعل الفاحشة، بل قطع حبائل الشيطان، وسد باب الفتنة، وأوصد منفذ الشبهة. ولاذ هذا الطاهر العفيف بغار، ففضل الاختباء بكهف على النوم في أحضان محرمة مع امرأة حسناء، وفي دار قوراء ، وأحب قرصة البرد على لذة الفُجر، ومكابدة العقارب والحيات على ملاعبة بنات الليل والداعرات. لقد أدرك أن لذة ساعة قد تجلب عليه ألم دهر، والحياة بين صرخة وأنَّة - بين صرخة الوضع وأنَّة النزع - وبحسب الإنسان من ذلك العبرة، فلعل بعد العرس رمس، ونفس تذوب كمدًا وندمًا على الذنب، وجثة تطَحْطَحها الأمراض الجنسية كالزهري والسيلان والإيدز.. بخ . بخ ! لقد نجا مرثد من وكسة شوهاء، لو كان قد واقعها – لا قدر الله – لتأففت من ريح ركسها الطيور في وُكُناتها، والوحوش في أوجراتها، والإبل في معاطنها، والشاء في مراتعها. ويأبى الله أن يذوق المؤمن عسيلة الفاجرة، أو يذوق العربيد عسيلة العفيفة، "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ "[ النور : 3] "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ " [النور26] . عثمان بن طلحة .. في ركب العفة ليس الزاهد الذي يتقشف ويتخفف ويتلفف، إنما الزاهد الذي يتعفف.. وليس العفيف بقَشَفِ الهيئة ولا شَعَثِ اللِّمّة، ولكنه ظَلْفُ النفّس عن الشهوة والشهرة والشبهة ! ولقد ضرب الصحابة المثل في العفة وطهر النفس، فهذا عثمان بن طلحة – رضي الله عنه – يرافق امرأة مسلمة – هي أم سلمة – في هجرتها، وصاحبها من مكة إلى المدينة، يكلؤها ويحفظها ويصونها ولم يصدر منه فعلة أو قولة مشينة، فكان من أخلاقه ما أطنب الناس في ذكره . تقول أم سلمة : لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لى بعيره ثم حملني عليه وجعل معى ابني سلمة بن أبى سلمة في حجري، ثم خرج يقود بى بعيره. فلم رأته رجال بنى المغيرة قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ قالت: فنزعوا خطام البعير من يده وأخذوني منه. قالت: وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد - رهط أبى سلمة-، وقالوا: والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا. قالت: فتجاذبوا ابني سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة. قالت: ففُرق بينى وبين ابني وبين زوجي. قالت: فكنت أخرج كل غداة فأجلس في الأبطح، فما أزال أبكى حتى أمسى، سنة أو قريبا منها! حتى مر بى رجل من بنى عمى أحد بنى المغيرة، فرأى ما بى فرحمني، فقال لبنى المغيرة: ألا تحرجون من هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها ؟ !. قالت: فقالوا لى: الحقى بزوجك إن شئت. قالت: فرد بنو عبد الأسد إلىّ عند ذلك ابني، قالت: فارتحلت بعيرى، ثم أخذت ابني فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة. قالت: وما معى أحد من خلق الله. حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة ابن أبى طلحة أخا بنى عبد الدار، فقال: إلى أين يا ابنة أبى أمية ؟ قلت: أريد زوجي بالمدينة. قال: أو ما معك أحد ؟ قلت: ما معى أحد إلا الله وبنى هذا. فقال: والله ما لك من مترك. فأخذ بخطام البعير فانطلق معى يهوى بى، فو الله ما صحبت رجلا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بى، ثم استأخر عنى حتى إذا نزلت استأخر ببعيرى فحط عنه ثم قيده في الشجر، ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها. فإذا دنا الرواح قام إلى بعيرى فقدمه فرحله، ثم استأخر عنى وقال: اركبي. فإذا ركبت فاستويت على بعيرى أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى ينزل بى. فلم يزل يصنع ذلك بى حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بنى عمرو بن عوف بقباء قال: زوجك في هذه القرية، وكان أبو سلمة بها نازلاً، فادخليها على بركة الله. ثم انصرف راجعا إلى مكة. فكانت تقول: ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبى سلمة، وما رأيت صاحبًا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة[2] . وهذا الموقف الزاخر بفضائل جمة، من الأمانة والشهامة والرجولة والنجدة والمنعة والصدق والعفة والصبر والثبات والوفاء- نرى فيه المعادن الكريمة التي يستخلصها الله للإسلام، وقد صدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين قال : " خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا"[3] . فعثمان بن طلحة في هذا الموقف لم قد يكن أسلم بعد – فقد أسلم بعد الحديبية... فانظر كيف يصطفي الله لدعوته ومن يختار لها ! إنه يختار أمثال هؤلاء رواد العفة، ممن يحفظون فروجهم عن الحرام وأبصارهم عن الحرام . "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " [ النور30] . وقد أفلحوا – والله – وركبوا المجد بهذه الأخلاق، ونالوا الجنة بهذه الشيم . قد أفلحوا . " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{7}" [ المؤمنون]. ثم تأمل سلوك عثمان بن طلحة خلال هذه الرحلة، وكانت أخلاقه كما وصفت أم سلمة: " فو الله ما صحبت رجلاً من العرب قط ! أرى أنه كان أكرم منه"، فكان إذا بلغ منزلاً في هذه الرحلة أناخ الدابة، واستأخر عن المرأة، واضجع متواريًا، بحيث تتمكن المرأة من قضاء حاجتها وكأنها في خلوتها، فإذا دنا الرواح؛ قام فقدم البعير إليها وتأخر لكي لا يرى عورتها إذا اعتلت ظهر البعير، فإذا اعتلت؛ تقدم أمام البعير، فأخذ بخطامه، وهكذا على مدار الرحلة، ولعله بذلك لم ينظر إليها نظرة واحدة ! إنها معايشة العفة ! لحظة بلحظة، وحركة بحركة، وسكنة بسكنة، صباح مساء، في السفر وفي الحضر، في الخلوة وفي الجمعة، وهكذا المسلم، يعيش العفة كما يعيش الحياة، لا يقع بصره على الحرام من عورات وفجرات، أو القراءة في أدب المرحاض والمقدمات والمؤخرات مما يؤجج الشهوة ويحرك الغرائز، ولا تسمع أذنه كلام النوكى والفساق، أوحديث الخنا وفحش القول وهُجره، ولا تمشي قدمه إلى وقر عهر، أوبيت فجر، أو موضع سُكر، لا تقع يده على رقعة لحم لا يحل له مساسها. حتى القلب ....! ينَّظّفه، ويجلو ما به من أنات العشق، ورنات الشهوة، وخطرات الجنس، فيطفىء المؤمنُ ذلك بدلو الذكر الفياض، والصيام والقيام، والصلة والبر، وصدقة السر، فيقر القلب، ويسكن، ويطمأن بذكر الله . ولو قُدر لرجل خليع أن يكون في موقف عثمان بن طلحة – رضي الله عنه – مع فتاة من بنات زماننا؛ لسمعنا عما تمخضت عنه هذه الرحلة من قصة عشق آثم، ومخادنة محرمة، ويكون الشاب الخليع هو الحبيب الحقيقي للسيدة، ويكون زوجها هو الحبيب الرسمي أمام المجتمع والقانون . ومثل هذه العلاقات؛ يأتي منها خراب البيوت، ودمار الأُسر، ولسمعنا في ذلك العجب العجاب، وإذا زُفت الفتاة الفاسدة إلى زوجها، فإن عليها أن تقسم بالأيمان المغلظة أنها ستكون لعشيقها بعد الزواج، بل نسمع أن منهن من تكتب لعشيقها ( وثيقة حب ) تعاهده فيها أنها له لا لزوجها . قالوا في العفة : قال قدامة بن جعفر : من أقسام العفة: القناعة، وقلة الشره، وطهارة الإزار، وغير ذلك مما يجري مجراه. قال أبو الحسن علي بن عيسى الرماني الشيخ الصالح: العفة واسطة بين المقارفة والعصمة " العفة جيش لا يهزم " وقيل للأحنف: ما المروءة؟ قال: العِفة والحِرْفة وقال القلقشندي : وأما العفة فيدخل تحتها: القناعة، وقلة الشره، وطهارة الإزار، وغير ذلك مما لا يستغني عنه رجل ولا امرأة، وإذا ركب العقل مع العفة حدث عنهما صفات أخرى مما يتمدح به: كالنزاهة، والرغبة عن المسألة، والاقتصار على أدنى معيشة، ونحو ذلك مما ينخرط في هذا السلك. وقال الشاعر : خلوت بها ليلاً ولم أقض حاجةً ... ولست على ذاك العفاف بنادم وقال المتنبي : عفيف تروق الشمس صورة وجههِ ... ولو نزلت شوقا لحادَ إلى الظلِ قال الواحدي في شرح هذا البيت : يقول الشمس تستحسن صورة وجهه فلو نزلت إليه الشمس شوقا إليه؛ لمال عنها وعف، يريد أنه عفيف عن كل أنثى حتى عن الشمس نساء عفيفات قال الراغب الأصفهاني – صاحب محاضرات الأدباء - : كانت قرشية رأى شعرها رجل فحلقته وقالت: لا أريد شعراً اكتحل به نظر غير ذي محرم.. دعاء في العفة كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - : "اللهم إنا نسألك العفاف والغنى ، والتقى والهدى ، وحسن عاقبة الآخرة والدنيا ، ونعوذ بك من الشك والشقاق ، والرياء والسمعة في دينك ، يا مقلب القلوب لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ، إنك أنت الوهاب "[4] وكان من دعاء أحد الصالحين : اللهم ثبّت أقدام أدياننا على سَنَن العفّة والورع، ألبِسنا جلباب الصيانة والنزاهة عن الهوى المتَّبع، زيِّن قلوبنا بزينة اعتقاد الحق، حَلِّ ألسنتنا برونق قول الصدق، اجعل جواهر عقائدنا منظومة في سلك الكتاب والسنة، محفوظة بحُسن متابعة السلف الصالح أعلام الأمة. توصيات عملية : 1- أن تحرص على نشر قيمة العفة والحجاب، من خلال الكتيبات والأشرطة والملصقات وغيرها من الوسائل . 2-أن تحذّر أهلك وجيرانك من عواقب التبرج والعري والعشق المحرم والاختلاط والانحلال الأخلاقي، التحذير مما تقوم به بعض وسائل الإعلام من نشر الميوعة والفجور والعهر والدُعر والفُجر، في إطار مسلسل تلفزيوني هابط، أو فيلم سينيمائي ساقط ... 3-أن تحذرْ الشباب من إطلاق البصر ومن العادة السرية ، فمن فعل الأولى وقع في الثانية، ومن ملك خطراته ملك بصره ومن ملك بصره ملك زمام نفسه . فهذه العادة الخبيثة وغيرها من الأفعال الجنسية الشنيعة هي مما يَرْنُق العيش، ويطيل السهد، ويقلق المضجع، ويغبر الوجه، ويشحب الجسم. إن كانت الغُلْمَة[5]هاجت بكم ... فعالج الغلمة بالصوم ليس بك الحب ولكنما ... تدور من هذا على الكوم 4- أن تحرص على الزواج – والله في عون قاصد العفاف - أو الصوم بنية الاستعفاف، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ "[6] . 5- وأخيرًا، إذا أردت أن يصطفيك الله لمهمة، وإذا أردت أن يجتبيك الله لرسالة، فاحرص على العفة – كما اصطفى الله عثمان بن طلحة - وتعلم فضائلها، وتعرف على فوائدها وثمراتها، التي من أهمها : النجاة من الأمراض الجنسية، والظفر بالصحة وسلامة الجسم، وطهارة النفس والمجتمع، وقوة الإرادة والعزيمة، والسعادة الزوجية، وصيانة البيوت، والطمأنينة وراحة البال، وفوق كل هذا الفوز برضا الله وجنته . ------------------------ [1] أخرجه الترمذي (3101)، وحسنه الألباني [2] ابن كثير ( السيرة) : 2/215- 217، والقصة ثابتة. [3] أخرجه أحمد : 9905، وصححه الألباني، انظر حديث رقم : 3267 في صحيح الجامع [4] الطبراني في الأوسط:7787 [5]الغلمة هي الرغبة في الجماع [6] أخرجه البخاري : 1772