مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة رضوان الله عليهم: لقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنموذج الذي اختاره الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، فكانوا مصداقاً حقيقياً لوصف القرآن :" محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكَّعاً سُجَّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلُهم في التوراة ومَثَلُهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقِه يعجب الزُرَّاع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالجات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً"، لقد أحاط الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسياج المحبة والحرص، والتوقير والتعظيم، فلم يكونوا يصدرون إلا عن أمره، ولا يتقدمون بين يديه، وفي حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه في مرض موته قال :" ...وما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أَجَلَّ في عينَي منه، وما كنت أطيق أن أملأ عينَي منه إجلالاً له، ولو سُئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عينَي منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة"، وعن أسامة بن شريك يقول:" أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أصحابه عنده كأن على رؤوسهم الطير"، وأرسلت قريش عروة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية:" فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه؛ لا يتوضأ وضوءاً إلا ابتدروه، ولا يبصق بصاقاً إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه، فرجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش، إنى جئت كسرى في مُلكه، وجئت قيصر والنجاشي في مُلكهما، والله ما رأيت مُلكاً قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً"، قلت: فما بالنا اليوم نُسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونخذله أمام شرذمة حقيرة من زبالات البشر...