أنا ثعبان وأعرف انكم تقولون: أعوذ بالله.... اطمئنوا، أنا بعيد فقد عشت منذ زمن بعيد، وكان بيتي عبارة عن شق في جدار دار في مدينة مكة اسمها " دار الندوة" يجتمع فيها الناس ويتحدثون في كل أمورهم وقد خرجت من بيتي يوما لأجد أمامي رجلا يلبس ملابس سوداء وعندما عرفته قلت له :”أنت الشيطان إبليس". قال لي :” أسكت لا أريد أن يسمعك أحد". سألته:”لماذا أنت هنا؟". أجاب: “ أريد محمدا. أريد أن أتخلص منه. هذا الرجل سيغير الدنيا كلها. يخرج من قلبه نور يعمي عيون الشياطين كلها. هل تستطيع يا ثعبان أن تساعدني؟" نظرت إليه طويلا دون أن أقول كلمة...لقد ساعدته من قبل كي ينجح في تنفيذ بعض جرائمه. ومنذ أزمان بعيدة والناس يكرهونني، بل يهربون جريا مني، ومن أذاي الشديد. وكان بودي أن أكفر عن أخطائي وأصلح منها، وأن أبعد ابليس عن محمد، لذلك كنت أرغب في أن يبتعد عنه. ولكني سمعت صوت جماعة قادمين يتحدثون، فأسرعت إلى بيتي لأختفي فيه. وجلس هؤلاء الناس، وسمعتهم يتكلمون عن طريقة يتخلصون بها من محمد. "قال واحد منهم: "ما رأيكم في أن نحبسه؟ "رد ابليس: "سيهرب منكم. "قال آخر: "تعالوا نخرجه من بلدنا. رد إبليس :” سيعود إليكم". ظل كل واحد يقول فكرة فلا يوافقون عليها، إلى أن قال إبليس:” أفضل شيء، نختار واحدا من كل قبيلة ويذهبون إلى بيته، وعندما يخرج منه يهجمون عليه ويخلصوننا منه، فلا تستطيع قبيلته أن تدافع عنه أو تأخذ بثأره. ووافق الحاضرون على فكرة إبليس وخرجوا لكي ينفذوها. وخرجتٌ من الشق الذي أعيش فيه، وزحفت ليلا حتى بيت محمد. ورأيتهم يحيطون به ينتظرون خروجه وكانوا ينظرون من ثقب الباب إلى الفراش الذي ينام فيه محمد ليجدوه في مكانه، وعليه الغطاء. وحدث أمر عجيب، لقد ثقلت أجفان الرجال الذين يحيطون ببيت محمد، وثقلت أجفاني أنا أيضا، واذا بنا جميعا في نوم عميق لم نستيقظ منه إلا عند الفجر. هب الرجال ينظرون من ثقب الباب، فيجدون ابن عم النبي علي بن أبي طالب على فراشه، وكان علي صغيرا شجاعا لم يخف أن يرقد مكان النبي ويضع غطاءه من فوقه. وحين خرج، أمسك الجميع به يسألونه دون أن يجدوا جوابا. “ لما انت في فراش محمد؟ وأين محمد؟ أين قضى محمد ليلته ؟ وأين هو الآن؟ كان علي يجيب بكلمة واحدة"لا أعرف" وفي هذه اللحظة كان محمد وصديقه أبو بكر قد خرجا من مكة التي لقيا فيها العذاب. وعندما علم إبليس بما حدث، راح يصرخ في الناس:”كيف يهرب؟!اتبعوه إ|لى كل مكان. ونظر إلي -أنا الثغبان- وقال لي:”أنت! لماذا لا تلحق به؟ لماذا لا تقطع عليه الطريق؟!” قلت:”لقد سبقني" صاح:” تستطيع ان توصي الثعابين والحيات ليلدغوه!” ونظر إلى حصان " سراقة بن مالك" وقال له:”وانت ،إسرع وابحث عن محمد ولك جائزة انت وصاحبك". وعندما وصل محمد عند الغار الذي اختفى فيه هو وصاحبه أبو بكرالصديق، كانت الثعابين والحيات في الشقوق تنتظر وصوله لتنفيذ أوامري واوامر إبليس. تنبه أبو بكر لهذا وحكت لي الثعابين والحيات أنه قطع ملابسه وراح يسد بها هذه الشقوق، فحبسها وبقي شق واحد لم يجد ما يسده به، فجلس من فوقه ووضع عليه كعب قدمه.ونجحت واحدة من الحيات في لدغ صديق النبي ورفيقه، وكان عليه السلام ينام على حجر أبي بكر، فبكى ابو بكر من الألم ونزلت دموعه على خذ الرسول فاستيقظ ليعرف ما حدث. فمسح بيده الكريمة على موضع اللدغة فذهب الالم واستطاع أبو بكر الوقوف مجددا كأن شيئا لم يكن. مضى بعدها النبي والصديق في طريقهما الطويل إلى المدينة المنورة. لم نستطع نحن الثعابين منعه أو اللحاق به فقد نجاه الله من إبليس ومن زملائي ومني؟ {وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين} صدق الله العظيم