احترام جميع الأنبياء و تقديرهم • قدّم محمّد صلى الله عليه وسلم صورة مشرقة من صور الاحترام والتقدير لجميع الأنبياء الذين سبقوه ومنهم إبراهيم وموسى وعيسى ( عليهم الصلاة والسلام) ، بل أوحى الله إليه نصاً على أن من كذَّب أحداً منهم أو انتقصه فإنه ليس بمسلم فالأنبياء جميعاً إخوة يشتركون في دعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له .إنّ حديث النبي محمّد صلى الله عليه وسلم المحبّب عن إخوانه الأنبياء والمرسلين، كوصف أحدهم بـ « العبد الصالح »، أو بـ « أخي» ، وبتوجيه أمّته إلى تعظيمهم وتوقيرهم، وبنهيه لهم عن تفضيله على أحد منهم؛ وقبل هذا كله : ما نجده من حديث مستفيض في القرآن الذي أوحاه الله إليه عن الأنبياء والرّسل، والثناء عليهم ، وأمر النبي محمّد صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم يؤكد على معنى عظيم هو أخوة الأنبياء وعظم تقدير اللاحق للسابق واحترامه والثناء عليه، بل لقد جعل الله تعالى قصص الأنبياء السابقين البلسم الحاني لما كان يعانيه النبي محمّد صلى الله عليه وسلم في دعوته من أذى ونصب.وهذه بعض النصوص التي جاءت مقررة للمعاني التي تقدمت :قال الله تعالى : " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " [ البقرة: 285].وقد سُمّيت سورةٌ بكاملها باسم « الأنبياء» ، وبعد أن ذكر جملة طيبة منهم، وذكر ما امتازوا به من خصال وصفات عظيمة ختم قصصهم بقوله تعالى: " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين " [الأنبياء:90] . و قال صلى الله عليه وسلم : « أنا أوْلى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء أخوة لعلّات: أمهاتهم شتى ودينهم واحد » . رواه البخاري .و قال صلى الله عليه وسلم : «... فأقول كما قال العبد الصالح(أي: عيسى عليه السلام) {َوكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم : «... فذكرت قول أخي سليمان: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي.... ».رواه البخاري.فهذا الموقف الإيجابي من أنبياء الله ورسله في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، بل إن النبي محمّداً صلى الله عليه وسلم قد أرشد المسلمين جميعاً من خلال وحي الله إليه أن من كذّب بأحد من أنبياء الله السابقين فإنه ليس بمسلم، وهذا هو النص القرآني الوارد في ذلك: " إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا " [ النساء:150]. وفي المقابل نجد في وصفاً قبيحاً للذين قتلوا الأنبياء وطعنوا فيهم من اليهود، فسجّل القرآن العظيم موقفهم ذاك بقوله : " لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ۖ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ " [ المائدة :70].وقوله : " ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " [آل عمران :112].