لقد جعل النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ من الحب والإخاء في الإسلام عبادة رفيعة يُتقرب بها إلى الله تعالى، ويُستظل بها في ظل عرش الله يوم القيامة .. ومن جملة أحاديثه ~ صلى الله عليه و سلم ~ في ذلك : أولاً : المسلمون المتآخون المتحابون كالجسد الواحد روى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عن رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ أنه قال : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" [1] . ثانيًا: المسلمون المتآخون المتحابون كرجل واحد قال النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ : " الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ" [2] . ثالثًا: المسلمون المتآخون المتحابون في ظلال الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ~ صلى الله عليه و سلم ~ : " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ لِجَلَالِي ؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ." [3] . رابعًا: المسلمون المتآخون المتحابون وجبة لهم محبة الله عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ يقول : " قال الله تعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين فيّ" [4] . خامسًا: المسلمون المتآخون المتحابون يغبطهم الأنبياء والشهداء قال النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ :: " يقول الله تعالى : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء" [5] . وعن أبي الدرداء t قال : قال رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ " ليبعثن الله أقوامًا يوم القيامة في وجوههم النور، على منابر اللؤلؤ ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء ". قال : فجثا أعرابي على ركبتيه، فقال : يا رسول الله حلهم لنا نعرفهم ! قال : " هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه " [6] . هكذا رسّخ رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ قيم الحب والإخاء بين شعبه، ورسخها ~ صلى الله عليه و سلم ~ عملياً، فيرغبهم في الحب والإخاء وثوابهما، ويرهبهم من التباغض والشقاق وعواقبهما في الدنيا والآخرة . إن هذا مظهر من مظاهر رحمة النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ ، فلقد نجح النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ في تحقيق الأخوة والحب بين الشعب، حتى أصبح أبناء الدولة في عهده كالجسد الواحد أوكالرجل الواحد .. ------------------------------------------------------------------------------------------------ [1] صحيح – رواه مسلم، برقم 4685. [2] صحيح – رواه مسلم، برقم 4686 [3] صحيح – رواه مسلم، برقم 4655، ورواه مالك في الموطأ، برقم 1500 [4] صحيح - رواه مالك، برقم 1503، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم 5011. [5] صحيح – رواه الترمذي، برقم 2312، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، برقم 5011. [6] صحيح - رواه الطبراني بإسناد حسن، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1509