اعلم حبيبي في الله أن من سنن الله عز و جل الكونية و الشرعية ألا يترك الناس بغير قائد يقودهم و لا سائس يسوسهم ، فعلى مدار الحياة البشرية على ظهر الأرض لم تخل أمة من نبي لإقامة الحجة ، و تعبيد الناس لرب الناس ، و إصلاح الأرض ، و البشارة و النذارة ،قال الله عز و جل : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ " (النحل : 36) ،و قال عز و جل : "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً " ( الإسراء : 15) . و قال عز و جل : "وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ " ( الكهف : 56) . و هكذا كان تعاقب الأنبياء على مدار التاريخ يدعون إلى الله و يذكرون بالله ، و يوقظون الفطرة السليمة في البشر ، و يصلحون ما أفسد الناس منها ، قال تعالى : " وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ " (فاطر:24)و قال عز و جل : " ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا" (المؤمنون : 44) ، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، و إنه لا نبي بعدي " (1) ، و قد دامت النبوة في بنى اسرائيل قرونا طويلة حتى كان آخرهم عيسى عليه السلام ، و مرت بعد رفع عيسى عليه السلام إلى السماء خمسة قرون من الظلام . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيرا الى هذه الفترة : " إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم و عجمهم" (2) ، نعم لقد مقت الله سكان هذا الكوكب الأرضي أشد المقت في هذا الوقت ، فالظلام الذي ران على الأفئدة و العقول في غيبة أنوار التوحيد طوى في سواده كل خير ، فكان المقت ، لقد عمت الدنيا حينها قبل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم حيرة و بؤس فكانت الأرض مذأبة يسود فيها الشر كله . أتيت و الناس فوضى لا تمر بهم إلا على صنم قد هام في صنمفعاهل الروم يطغى في رعيته و عاهل الفرس من كبر أصم عمىالمراجعمتفق عليه ، أخرجه البخاري : (3268) ، ك : أحاديث الأنبياء ، باب : ما ذكر عن نبي إسرائيل ، مسلم (1842) ، ك : الإمارة ، باب : وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول .أخرجه مسلم : ( 2865) ، ك : الجنة و صفة نعيمها و أهلها ، باب : الصفات التى يعرف بها في الدنيا أهل الجنة و أهل النار .