في هديه في علاج القمل الذي في الرأس وإزالته في الصحيحين عن كعب بن عجرة قال كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول الله والقمل يتناثر على وجهي فقال ما كنت أرى الجهد قد بلغ بك ماأرى وفي رواية فأمره أن يحلق رأسه وأن يطعم فرقا بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام ، القمل يتولد في الرأس والبدن من شيئين خارج عن البدن وداخل فيه فالخارج الوسخ والدنس المتراكم في سطح الجسد والثاني من خلط رديء عفن تدفعه الطبيعة بين الجلد واللحم فيتعفن بالرطوبة الدموية في البشرة بعد خروجها من المسام فيكون منه القمل وأكثر ما يكون ذلك بعد العلل والاسقام وبسبب الأوساخ وإنما كان رؤوس الصبيان اكثر لكثرة رطوباتهم وتعاطيهم الأسباب التي تولد القمل ولذلك حلق النبي رؤوس بني جعفر ومن أكبر علاجه حلق الرأس لتنفتح مسام الأبخرة فتتصاعد الأبخرة الرديئة فتضعف مادة الخلط وينبغي ان يطلى الرأس بعد ذلك بالأدوية التي تقتل القمل وتمنع تولده وحلق الرأس ثلاثة أنواع أحدها نسك وقربه والثاني بدعة وشرك والثالث حاجة ودواء فالأول الحلق في أحد النسكين الحج أو العمرة والثاني حلق الرأس لغير الله سبحانه كما يحلقها المريدون لشيوخهم فيقول احدهم أنا حلقت رأسي لفلان وأنت حلقته لفلان وهذا بمنزلة أن يقول سجدت لفلان فإن حلق الرأس خضوع وعبودية وذل ولهذا كان من تمام الحج حتى إنه عند الشافعي ركن من أركانه لا يتم إلا به فإنه ةضع النواصي بين يدي ربها خضوعا لعظمته وتذللا لعزته وهو من أبلغ انواع العبودية ولهذا كانت العرب إذا أرادت إذلال الاسير منهم وعتقه حلقوا رأسه وأطلقوه فجاء شيوخ الضلال والمزاحمون للربوبية الذين أساس مشيختهم على الشرك والبدعة فأرادوا من مريديهم أن يتعبدوا لهم فزينوا لهم حلق رؤوسهم لهم كما زينوا لهم السجود لهم وسموه بغير اسمه وقالوا هو وضع الرأس بين يدي الشيخ ولعمر الله إن السجود لله هو وضع الرأس بين يديه سبحانه وزينوا لهمأن ينذروا لهم ويتوبوا لهم ويحلفوا بأسمائهم وهذا هو اتخاذهم اربابا وآلهة من دون الله قال تعالى ( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ) آل عمران 80-79 وأشرف العبودية عبودية الصلاة وقد تقاسمها الشيوخ والمتشبهون بالعلماء والجبابرة فأخذ الشيوخ منها أشرف ما فيها وهو السجود وأخذ المتشبهون بالعلماء منها الركوع فإذا لقي بعضهم بعضا ركع له كما يركع المصلي لربه سواء واخذ الجبابرة منهم القيام فيقوم الأحرار والعبيد على رؤوسهم عبودية لهم وهم جلوس وقد نهى رسول الله عن هذه الأمور الثلاثة على التفصيل فتعاطيها مخالفة صريحة له فنهى عن السجود لغير الله وقال لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد فأنكر على معاذ لما سجد له وقال مه وتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة وتجويزمن جوزه لغير الله مراغمة لله ورسوله وهو من ابلغ انواع العبودية فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر فقد جوز العبودية لغير الله وقد صح أنه قيل له الرجل يلقى أخاه أينحني له قال لا قيل ايلتزمه ويقبله قال لا قيل ايصافحه قال نعم وأيضا فالانحناء عند التحية سجود ومنه قوله تعالى ( وادخلوا الباب سجدا ) البقرة 58 أي منحنين وإلا فلا يمكن الدخول على الجباه وصح عنه النهي عن القيام وهو جالس كما تعظم الاعاجم بعضها بعضا حتى منع من ذلك في الصلاة وامرهم إذا صلى جالسا أن يصلوا جلوسا وهم أصحاء لا عذر لهم لئلا يقوموا على رأسه وهو جالس مع أن قيامهم لله فكيف إذا كان القيام تعظيما وعبودية لغيره سبحانه أن النفوس الجاهلة الضالة أسقطت عبودية الله سبحانه وأشركت فيها من تعظمه من الخلق فسجدت لغير الله وركعت له وقامت بين يديه قيام الصلاة وحلفت بغيره ونذرت لغيره وحلقت لغيره وذبحت لغيره وطافت لغير بيته وعظمته بالحب والخوف والرجاء والطاعة كما يعظم الخالق بل أشد وسوت من تعبده من المخلوقين برب العالمين وهؤلاء هم المضادون لدعوة الرسل وهم الذين بربهم يعدلون وهم الذين يقولون وهم في النار مع آلهتهم يختصمون ( تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) الشعراء 98 وهم الذين قال فيهم ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ) البقرة 165 وهذا كله من الشرك والله لا يغفر أن يشرك به فهذا فصل معترض في هديه في حلق الرأس ولعله أهم مما قصد الكلام فيه والله الموفق