قلما نرى في تاريخ الحروب صورة تعبر عن العدل بيت القادة والجنود، فالتاريخ الإنساني حافل بصور استبداد القادة العسكريين وظلمهم للجنود.. أما محمد فنراه في أرض المعركة يقف أمام جندي من جنوده ليّقتص الجندي منه .. أما الجندي فهو ِسَوَادِ بْنِ غَزِيّةَ، لما اسْتَنْتِل من الصف، غمزه النبي غمزة خفيفة في بَطْنِهِ - بالسهم الذي لا نصل له - وقال : " اسْتَوِ يَا سَوّادُ !" .. قال : يا رسول الله ! أوجعتني ! وقد بعثك الله بالحق والعدل؛ فَأَقِدْنِي ! فكشف رسول اللّهِ ~ صلى الله عليه و سلم ~ عَنْ بَطْنِهِ، وَقَالَ : " اسْتَقِدْ" .. فَاعْتَنَقَهُ فَقَبّلَ بَطْنَهُ ! فَقَالَ النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ : " مَا حَمَلَك عَلَى هَذَا يَا سَوّادُ ؟ " ، قال : حضر ما ترى، فَأَرَدْتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك ! فدعا له رسول الله بخير [1] ------------------------------------------------------------------------------------------------------------- [1] ابن هشام - (ج 1 / ص 626)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، 2835