فقد قال النَّبِي في أُسَارَى بدر: " لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ" [1] !! وذلك لأن المطعم قد أدخل النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ في جواره فور رجوعه من الطائف إلى مكة، وفي الوقت الذي تخلى فيه الناس عن حماية النبي خوفًا من بطش أبي جهل، قال المطعم : "يا معشر قريش، إني قد أجرت محمدًا فلا يهجه أحد منكم " .. وقد حفظ النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ للمطعم هذا الصنيع وهذه الشهامة . وقال النّبِيّ ~ صلى الله عليه و سلم ~ في هذا اليوم أيضًا: "مَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيّ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ ابْنِ أَسَدٍ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ الْعَبّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، فَلَا يَقْتُلْهُ، فَإِنّهُ إنّمَا أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا ." [2] وقد كان العباس في مكة بمثابة قلم المخابرات للدولة الإسلامية، وقد كان مسلمًا يكتم إيمانه .. أما أبو الْبَخْتَرِيّ فقد كان أكف المشركين عن المسلمين، بل ساند المسلمين في محنتهم أيام اعتقالهم في الشِعب، وكان ممن سعى في نقض صحيفة المقاطعة الظالمة، ومن ثم كانت له يد على المسلمين، فأرد النبي يوم بدر أن يكرمه. فالقيادة الإسلامية تحفظ الجميل لإصحاب الشهامة وإن كانوا من فسطاط المشركين . ------------------------------------------------------------------------------------------------------------- [1] البخاري، ح: 2906 [2] ابن سعد - (ج 4 / ص 10)