33 ـ قصة العضباء ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم * عن عمران بن حصين قال : كانت العضباء لرجل من بني عقيل وكانت من سوابق الحاج ، فأسر الرجل فأخذت العضباء معه . قال : فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة فقال : يا محمد علام تأخذوني سابقة الحاج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نأخذك بجريرة حلفائك ثقيف " قال : وكانت ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيما قال : وإني مسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح " قال : ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إني جائع فأطعمني وإني ظمآن فاسقني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذه حاجتك " ثم فدى بالرجلين وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله . قال : ثم إن المشركين أغاروا على سحر المدينة فذهبوا بها وكانت العضباء فيه وأسروا امرأة من المسلمين. قال وكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم .قال : فقامت المرأة ذات ليلة بعد مانوموا فجعلت كلما أتت على بعير رغا حتى أتت على العضباء فأتت على ناقة ذلول مجرسة فركبتها ثم وجهتها قبل المدينة . قال : ونذرت إن الله انجاها عليها لتنحرنها ، فلما قدمت المدينة عرفت الناقة . فقيل : ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : بنذرها أو أتنه فأخبرته . فقال بئس ما جزيتها أو بئس ما جزتها أن أنجاها الله عليها لتنحرنها . قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم " .غريب القصة : ـ عمران بن حصين :كان إسلامه عام خيبر وغزا عدة غزوات ، كان من فضلاء الصحابة وفقهائهم مات سنة اثنتين وخمسين وقيل سنة ثلاث ( الإصابة 3/27) . - العضباء : مشقوقة الأذن ، ولكن لم تكن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم كذلك ، وإنما هذا اسم لها ، وقيل العضباء قصيرة اليد ، والله أعلم . - سوابق الحاج : لأنها كانت سريعة لا تسبق ، وكانت تسبق الحجاج في سفرها ، ومن الأحاديث الدالة على سرعتها حديث أنس قال : كانت ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء ، وكانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها ، فأشتد ذلك على المسلمين وقالوا . سبقت العضباء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن حقاً على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه " رواه البخاري ( 6 . 65 ـ فتح ) . - ـ وثاق : أي القيد . - ـ قطيفة : دثار من مخمل . - علام تأخذون سابقة الحاج ؟ : إنما سأله لان يعتقد أن له ولقبيلته عهداً من النبي صلى الله عليه وسلم . - جريرة حلفائك : الجريرة الذنب والجناية ، والمعني أني أخذتك بذنب حلفاتك وذلك أنهم أسروا رجلين من الصحابة . قلت : أختلفوا في تأويل هذا العبارة على أقوال انظر بتوسع " معالم السنن " للخطابي . - لو قلتها وأنت تملك أمرك : أي لو قلت كلمة الإسلام قبل الإسر وأنت تملك أمرك لأفلحت ونجوت في الدنيا من الأسر ، وفي الآخرة من العذاب ، ولكن الآن أسلمت بعدالأسر فيسقط الخيار في قتلك ويبقى خيار الأسترقاق أو المن ، أو الفداء . - ثقيف : قبيلة مشهورة ، وكانت منازلهم بالطائف ، وهي على مرحلتين من مكة وينسبون إلى أبيهم فيقال لهم ثقيف ، واسمه قيس بن منبه بن بكر بن هوزان . - أرحوا : أي لترتاح ، والمراح يكون ليلا . - رغا : أي ارتفع صوت ذلك البعير . - ذلول مجرسة : أي وطيئة مجربة في السير والركوب . الفوائد والعبر : 1- حسن معاملة الأسرى والرفق بهم . 2- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ورفقة بالآخرين . 3- الأمور بالظواهر والله يتولى السرائر . 4- يؤخذ الأسير بجريرة حلفائه أو التابع لهم . 5- الإسلام بعد الأسر لا ينافي الأسترقاق . 6- شجاعة المرأة وحسن تدبيرها . 7- لا وفاء لنذر في معصية الله ؛ قال النووي في شرح مسلم ( 11/101 ) : في هذا دليل على أن من نذر معصية كشرب الخمر ونحو ذلك فنذره باطل لا ينعقد " . 8- لا وفاء لنذر فيما لا يملكه الإنسان ؛ قال النووي في شرح مسلم (11/101) : " أما قوله صلى الله عليه وسلم :" ولا فيما لا يملك العبد : فهو محمول على ما إذا أضاف النذر معين لا يملكه بأن قال إن شفى الله مريض فلله على أن أعتق عبد فلان ، أو أتصدق بثوبه ، أو بداره ، أو نحو ذلك ، فأما إذا التزم في الذمة شيئاً لا يملكه فيصح نذره مثاله قال : إن شفى الله مريضي فلله على عتق رقبة وهو في ذلك الحال لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره ، وإن شفي المريض ثبت العتق في ذمته . 9- وفي الحديث حجة لمن قال بأن نذر المعصية لا كفارة فيه . 10- وفي الحديث دلي على أن العضباء غير القصواء ،لأن القصواء هي التي هاجر عليها النبي صلى الله عليه وسلم كما في شرح الزرقاني على الواهب ( 3/390 ) . 11- لا ينبغي للمؤمن أن يجازي بالإحسان إساءة ، حتى لو كان حيواناً . 12- رفق النبي صلى الله عليه وسلم .