قصة أم معبد: وطرقها ما بين ضعيفة وواهية إلا طريقاً واحدة يرويها الصحابي قيس بن النعمان السكوني ونصها: ((لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يستخفيان نزلا بأبي معبد فقال: والله ما لنا شاة، وإن شاءنا لحوامل فما بقي لنا لبن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبه: فما تلك الشاة؟ فأتى بها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة عليها، ثم حلب عُسًّا فسقاه، ثم شربوا، فقال: أنت الذي يزعم قريش أنك صابئ؟ قال: إنهم ليقولون، قال: أشهد أن ما جئت به حق، ثم قال: أتبعك، قال: لا حتى تسمع أنّا قد ظهرنا، فاتبعه بعد)). الترتيبات والاحتياطات التي اتخذت للهجرة: لقد جاءت خطة الهجرة والترتيب لها في غاية الإحكام والدقة في أخذ الحيطة وقد تمثلت في النقاط التالية: 1- اختيار الصاحب المناسب وهو أبو بكر الصديق اختاره من بين جميع الصحابة كما في البخاري. 2- التعريض له بالخبر، فلم يقطع له النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الصحبة في الهجرة وإنما قال: ((لعل الله يجعل لك صاحباً)) كما في البخاري. 3- إعداد راحلتين قبل مدة طويلة من الهجرة، إذ لو اشترى الراحلتين قبيل الهجرة فربما لفت أنظار قريش إلى ذلك، وماذا يريد أبو بكر بهاتين الراحلتين إلا لأمر بيته مع محمد؟ وبخاصة بعد تفاقم الأزمة واشتداد الوحشة بعد بيعة العقبة الثانية، وهذه رواية البخاري. 4- دفع الراحلتين إلى الدليل قبل الهجرة، كما في البخاري. 5- زيارة أبي بكر كل يوم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخطئه يوم أن يأتي أبا بكر غدوة وعشية، وعلى هذا لم يكن الأمر غريباً على قريش في مجيئه إليه وقت التخطيط للهجرة، كما في البخاري. 6- تغيير الوقت المعتاد للزيارة، ولعل ذلك بسبب الرصد من قبل قريش لزياراته في الوقت المعتاد، كما في البخاري. 7- اختيار الوقت المناسب للزيارة وهو وقت الظهيرة حيث يستظل الناس ويكونون في بيوتهم، كما في البخاري. 8- الخروج إلى أبي بكر متنكراً بالقناع حتى لا يعرف، كما في البخاري. 9- الإسرار لأبي بكر بخبر الهجرة، وكتمان ذلك عن أهل بيته في بداية الأمر حيث قال له: أخرج من عندك، كما في البخاري. 10- الإسراع في إعداد الزاد وتجهيزه، كما في البخاري. 11- مبيت علي على الفراش، كما في المسند لأحمد. 12- الخروج من خوخة في ظهر بيت أبي بكر ولم يخرجوا من الباب المعتاد، كما في رواية ابن إسحاق. 13- الخروج من الطريق المعاكس لطريق المدينة، فالأصل أن يخرجوا من جهة الشمال حيث طريق المدينة، فخرجوا جهة الجنوب، كما في البخاري. 14- اختيار الغار حيث البعد عن الأنظار للاختفاء فيه، كما في البخاري. 15- البقاء في الغار ثلاثة أيام حتى يسكن الطلب عنهما، كما في البخاري. 16- التخطيط للتعرف على كيد العدو ومتابعته وإعطاء هذا الأمر أهمية كبيرة. 17- اختيار الرجل المناسب لهذه المهمة في متابعة أخبار قريش وترتيباتها للقبض عليهما، فقد اختاروا شاباً قد لا يلفت نظرهم، ويمتاز بالذكاء والفطنة فيلتقط كل خبر ولا يفوته شيء، كما في البخاري. 18- متابعة الأخبار أولاً بأول حيث يأتي بالخبر كل يوم، فالحدث لا يستحمل التأخير أكثر من هذا، كما في البخاري. 19- ترتيب مجيء المخبر وانصرافه، سواء في وقت المجيء والانصراف، أو في طريقة الذهاب والإياب، كما في البخاري. 20- إسناد مهمة الإتيان باللبن للرجل المناسب وهو الراعي عامر بن فهيرة، كما في البخاري. 21- ترتيب حضور عامر بن فهيرة وانصرافه، كما في البخاري. 22- اتباع عامر بن فهيرة أثر عبد الله بن أبي بكر بالغنم حتى تعمي أثره، كما هو عند ابن إسحاق. 23- اختيار الدليل ذي الكفاءة العالية، كما في البخاري. 24- الخروج من الغار آخر الليل، كما في البخاري وعند موسى بن عقبة. 25- سلوك طريق غير الطريق المعتاد للمدينة، كما في البخاري. 26- اصطحاب عامر للخدمة. 27- مواصلة السير بدون توقف، كما في البخاري. 28- تأخير وقت الراحة، كما في البخاري. 29- حمل أبي بكر جميع ماله، ومن فوائد ذلك أن أبا بكر كان رجلاً غنياً فربما لحقهم الطلب فاستطاع أن يفدي أنفسهما بذلك المال، وكان مبلغاً كبيراً قدر بخمسة آلاف، كما عند ابن إسحاق، وتقدير المبلغ رواه أحمد والحاكم.