عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يَفْرِك مؤمنٌ مؤمنةً؛ إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر" رواه مسلم. هذا الإرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم ، للزوج في معاشرة زوجته من أكبر الأسباب والدواعي إلى حسن العشرة بالمعروف، فنهى المؤمن عن سوء عشرته لزوجته. والنهي عن الشيء أمر بضده. وأمره أن يلحظ ما فيها من الأخلاق الجميلة، والأمور التي تناسبه، وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها؛ فإن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة، والمحاسن التي يحبها، ونظر إلى السبب الذي دعاه إلى التضجر منها وسوء عشرتها، رآه شيئاً واحداً أو اثنين مثلاً، وما فيها مما يحب أكثر. فإذا كان منصفاً غض عن مساوئها لاضمحلالها في محاسنها. وبهذا: تدوم الصحبة، وتؤدّى الحقوق الواجبة والمستحبة وربما أن ما كره منها تسعى بتعديله أو تبديله. وأما من غض عن المحاسن، ولحظ المساوئ ولو كانت قليلة. فهذا من عدم الإنصاف. ولا يكاد يصفو مع زوجته. والناس في هذا ثلاثة أقسام: أعلاهم: من لحظ الأخلاق الجميلة والمحاسن، وغض عن المساوئ بالكلية وتناساها. وأقلهم توفيقاً وإيماناً وأخلاقاً جميلة: من عكس القضية، فأهدر المحاسن مهما كانت، وجعل المساوئ نصب عينيه. وربما مددها وبسطها وفسرها بظنون وتأويلات تجعل القليل كثيراً، كما هو الواقع. والقسم الثالث: من لحظ الأمرين، ووازن بينهما، وعامل الزوجة بمقتضى كل واحد منها. وهذا منصف. ولكنه قد حرم الكمال. وهذا الأدب الذي أرشد إليه صلى الله عليه وسلم ، ينبغي سلوكه واستعماله مع جميع المعاشرين والمعاملين؛ فإن نفعه الديني والدنيوي كثير وصاحبه قد سعى في راحة قلبه. وفي السبب الذي يدرك به القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة؛ لأن الكمال في الناس متعذر. وحسب الفاضل أن تعدَّ معايبه. وتوطين النفس على ما يجيء من المعاشرين مما يخالف رغبة الإنسان يسهل عليه حسن الخلق، وفعل المعروف والإحسان مع الناس. والله الموفق.