السؤال نرجو من فضيلتكم إفادتنا عن مدى صحة الأخذ بما في الأحاديث الثلاثة التالية، وهل يدل الحديثان الأول والثاني على جواز سؤال الله بحق محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن بعض الزملاء يحتجّ بهذه الأحاديث، نرجو سرعة الإفادة، شكر الله لكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين. 1 - قوله – تعالى -: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم" أخرج الطبراني في (المعجم الصغير) والحاكم (4286) وأبو نعيم، والبيهقي في (الدلائل)، وابن عساكر عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لما أذنب آدم بالذنب الذي أذنبه، رفع رأسه إلى السماء، فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي، فأوحى الله إليه: ومَنْ محمد؟ فقال: تبارك اسمك. لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك، فإذا فيه مكتوب"لا إله إلا الله محمد رسول الله"فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك، فأوحى الله إليه: يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك، ولولا هو ما خلقتك". 2- وأخرج الحاكم (3096) والبيهقي في (الدلائل) بسند ضعيف عن ابن عباس – رضي الله عنهما -، قال: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا هزمت يهود، فعاذت بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم، فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فهزموا غطفان، فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - كفروا به، فأنزل الله: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) يعني: وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد إلى قوله: (فلعنة الله على الكافرين). 3-قال - صلى الله عليه وسلم - :"حياتي خير لكم وموتي خير لكم، أما حياتي فأسنّ لكم السنن، وأشرع لكم الشرائع، وأما موتي فإن أعمالكم تعرض علي فما رأيت منها حسناً حمدت الله عليه، وما رأيت منها سيئاً استغفرت الله – تعالى- لكم"أخرجه البزار في مسنده (1925) من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - ورجاله رجال الصحيح، إلا أن عبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي داود وإن أخرج له مسلم، ووثقه ابن معين والنسائي، فقد ضعفه كثيرون، ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (953) من حديث أنس – رضي الله عنه - بنحوه بإسناد ضعيف. الجواب الأحاديث الثلاثة مما لا يصح الاحتجاج بها أصلاً، فهي تالفة السند، منكرة المتن، مخالفة للنقل والعقل.وليس للعباد حق على ربهم إلا أن يشاء - سبحانه -: ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع وحديث "حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" أخرجه البخاري (2856) ومسلم (30) من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه - فهذا مما كتبه الله على نفسه تفضلاً وكرماً وجوداً .وقول: "ولولا هو ما خلقتك" معارض لقوله - تعالى -: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56].حتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلق لهذا، أي: للعبادة ، وهذا من الغلو المذموم أن يتصور أحد أن الله ما خلق الخلق إلا لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.وكيف يسميه اليهود بالأمي، وهم كانوا يتصورون أن يبعث فيهم؟ ثم كيف يحتج بفعل اليهود؟ وهل ينفع اليهود أو غيرهم دعاء إذا فرطوا في حق الله وقصروا في فعل الأسباب؟ وهاهي حال المسلمين اليوم كما نرى، وقد يوجد فيهم الصالحون، ثم يدعون فلا يستجاب لهم، - والله المستعان - فكيف باليهود ؟فهذا مما يـجزم المتأمل أنه مختلق لا أصل له، أما الحديث الثالث فمع ضعف إسناده ونكارة متنة إلا أنه ليس فيه ما في الحديثين قبله، والله أعلم .