جولدتسيهر ، أغناطيوس : " y.goldziher " 1850-1921" شبهة التشكيك فى الحديث النبوى وأول مستشرق قام بمحاولة واسعة شاملة للتشكيك فى الحديث النبوى كان المستشرق اليهودى "جولد تسيهر" الذى يعده المستشرقون أعمق العارفين بالحديث النبوى، كما وصفه بذلك "بفانموللر" وقال : وبالأحرى كان "جولد تسيهر" يعتبر القسم الأعظم من الحديث بمثابة نتيجة لتطور الإسلام الدينى والتاريخى والاجتماعى فى القرن الأول والثانى0 فالحديث بالنسبة له لا يعد وثيقة لتاريخ الإسلام فى عهده الأول : عد طفولته، وإنما هو أثر من آثار الجهود التى ظهرت فى المجتمع الإسلامى فى عصور المراحل الناضجة لتطور الإسلام0 كما بارك جولدتسيهر موقف المعتزلة من السنة النبوية، ورأى أن وجهتهم فى رد الأحاديث بالعقل هى الوجهة الصحيحة التى يجب أن تناصر وتؤيد ضد المتشددين الحرفيين الجامدين على النصوص وعلى درب "جولد تسيهر" فى موقفه من السنة صار المستشرقون ورددوا شبهاته واعتبروا أنفسهم مدينين له فيما كتبه من شبهات حول السنة0 وفى هذا يقول عنه كاتب مادة (الحديث) فى دائرة المعارف الإسلامية : "إن العلم مدين ديناً كبيراً لما كتبه (جولد تسيهر) فى موضوع الحديث، وقد كان تأثير "جولدتسيهر" على مسار الدراسات الإسلامية الاستشراقية أعظم مما كان لأى من معاصريه من المستشرقين فقد حدد تحديداً حاسماً اتجاه وتطور البحث فى هذه الدراسات"0 السنة مصدر مهم من مصادر التشريع فى الإسلام ، فالرسول مبلغ للدعوة وشارحها ومُبينها ، قال تعالى : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " (المائدة : 17 ) . وقال : " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم "( النحل : 43 ) وقال : " وما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا " ( الحشر : 7 ) . والسنة فى التشريع تشمل ناحيتين أساسيتين ، الناحية الأولى تفسير أيات القرآن وتأويلها وبيان معناها ، وتفصيل المجمل منها ، ومن أمثلة تفسير أيات القرآن الكريم التى بها نوع من الإبهام والغموض ، قوله تعالى " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " ( الأنعام : 82 ) ففسر الرسول الظلم بالشرك . ومن أمثلة توضيح المجمل موضوع الصلاة فقد أورد القرآن الكريم عدة مرات قوله تعالى : " وأقيموا الصلاة " فوضح الرسول عدد الصلوات وعدد الركعات وكيفية الصلاة وقال : صلُوا كما رأيتمونى أصلى . ومن أمثلة تخصيص العام أن الرسول فى نظام الميراث الذى أورده القرآن بين أن الميراث يجرى بشرط اتحاد الدين وعدم القتل والرق . ومن أمثلة تقييد المطلق أن قطع يد السارق تكون مرتبطة بنصاب معين وشروط ضرورية وهكذا . والناحية الثانية تشرع السنة أحكاما جديدة لم يرد لها ذكر فى القرآن الكريم مثل : ميراث الجدة ، واشتراط الشهود لصحة عقد الزواج ، وتحريم الجمع بين المرآة وعمتا وغير ذلك . وقد كثرت الأحاديث بالحجاز وشرحت كل ما وُجد من أحداث ، وكان المحدُّثون كثيرين بالحجاز ، وكان العراق على عكس ذلك فقد قلت فيه الأحاديث لأنه لم يجذب المحدثين بسبب ما كان به من ثورات . ومن هنا فقهاء العراق اعتمدوا على الرأى والقياس لقلة الأحاديث عندهم ، ثم لشيوع القول بوضع أحاديث بالعراق بواسطة الشيعة لتغطية النقص الذى كان موجودا . وقد تصدى علماء المسلمين للأحاديث فاستبعدوا الأحاديث الموضوعة ، ووُجدت طبقات من المحدثين الذين بذلوا غاية الجد والاجتهاد لتنقية الأحاديث وتدوين ماصح منها . وقد بدأ هذا الاتجاه فى عهد عمر بن عبد العزيز فى آخر القرن الهجرى الأول ن ثم فى منتصف القرن الهجرى الثانى نشط تدوين الحديث وتحقيقه بواسطة الإمام مالك ( الموطأ ) وسفيان الثورى وحماد والأوزاعى والليث بن سعد ثم أحمد بن حنبل الذى جمع ( مسند أحمد ) . وفى القرن الثالث الهجرى نشطت حركة النقد وتمييز الصحيح من الضعيف ، وتعديل الرجال وتجريحهم ، ووضعت أسس مصطلح الحديث ، فأخذ علماء الحديث بناء على ذلك يجمعون الأحاديث ويزنونها بهذه المقاييس ، ويختارون منها الصحيح فيدونونه ويستبعدون ما عدا ذلك ، ومن أشهر العلماء الذين أسهموا فى هذه الحركة الأمام البخارى ومسلم ، وابن ماجه ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى . وتطهرت الأحاديث الصحيحة تماما من الأحاديث المكذوبة أو الموضوعة . ويبدو أن وضع الأحاديث قد بدأ فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه واجه هذا بقوة عندما قال " من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " وعلى هذا فالأحاديث الصحيحة يجب الأخذ بها ، ولا يوجد تعارض بين هذه الأحاديث والقرآن الكريم ، ولا بين هذه الأحاديث بعضها والبعض .