قلت: ما سرّه؟.
قال: إن سرّ عظمة محمد المتفرِّدة، لست أنا أول من اكتشفه، لقد سبقني إليه باحثون غربيون آخرون.. لكنهم قِلَّة.. منهم من اعتنق الإسلام، ومنهم من لم يعتنقه. وكان من أوائل هؤلاء، الشاعر الفرنسي (لامارتين) الذي يقول في كتابه (السفر إلى الشرق): «إن محمداً فوق البشر، ودون الإله، فهو رسول بحكم العقل». ثم يقول: «إن اللغز الذي حله محمد في دعوته، فكشف فيه عن القيم الروحية.. هو أعلى ما رسمه الخالق لبني البشر»[1].
وأردف الأب ستيفانو قائلاً بابتهاج:
-هذا هو السر.. إن محمداً نبي مرسل من الله سبحانه، إن محمداً رسول الله إلى بني البشر، حمل إليهم رسالة فيها أعلى ما رسمه الخالق لبني البشر. ولهذا وجده دارسوه من هذه الفئة ذات الروح الإيجابية من الغربيين، لهذا وجدوه دائماً في قمة العظمة، بجميع مظاهر وصفات العظمة التي يعرفونها.
إنه نبي، وصفات النبي تقصِّر دونها مقاييس البشر، لأن عظمة الأنبياء مستمدة من وحي الله تعالى. وتحت عنوان (رسول الله) تحت هذا العنوان فقط يجب أن تدرس شخصية محمد، لأن النبوة والرسالة هي التي وصلت به إلى ما وصل إليه، وإغفالها من دراسة شخصيته هو إغفال للركن الأساس الذي بنيت عليه هذه الشخصية هكذا يقول العقل.
قلت: لقد أَنصفتَ أيها الأب ستيفانو، وأصبتَ كبد الحقيقة، وإنَّ ما توصلت إليه أنت وبعض الباحثين الغربيين عن طريق العقل، هو عين ما جاءت به النصوص الأصلية التي اتفقنا على الاحتكام إليها.
قال: ماذا تقول النصوص الأصلية؟
قلت: تقول الآية القرآنية مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم : ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾[2]. وتقول الآية القرآنية: ﴿ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾[3].
أي أن ما يتميز به محمد عنكم أيها الناس، لا يكمن في صفاته البشرية، إنما يكمن في كونه رسول الله، الذي يوحي إليه الله سبحانه.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ص47.
[2] الكهف /110 - فصلت/6.
[3] الأحزاب /40.