هل تحمل هم الآخرة؟

تحت قسم: مقالات و خواطر

-       قال الإمام مالك: بقدر ما تحزن للدنيا كذلك يخرج هم الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة كذلك يخرج هم الدنيا من قلبك.

-   فإن القلب إذا امتلأ من الدنيا والاهتمام بها، وضعف فيه هم الآخرة والاستعداد لها، لم يكن فيه محل لتدبر كلام اللـه عز وجل. فالتعلق بالآخرة وعدم الانشغال بالدنيا هو رأس كل خير.

-   قال ابن القيم: اعلم أن القلب إذا خلى من الاهتمام بالدنيا والتعلق بما فيها من مال أو رياسة أو صورة، وتعلقَ بالآخرة والاهتمام بها من تحصيل العُدَّة.

-    والتأهب للقدوم على اللـه عز وجل: فذلك أول فتوحه، وتباشير فجره. فعند ذلك يتحرك قلبه لمعرفة ما يرضى به ربه منه، فيفعله ويتقرب به إليه، وما يسخطه منه فيجتنبه. وهذا عنوان صدق إرادته.

-       قال سفيان الثوري: كنت أرمق سفيان في الليلة بعد الليلة ، ينهض مرعوباً ينادي : النار النار ، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات.

-   مر ابن مسعود على نافخ كير فوقع من خوفه في هذه النار، وكان يمر على الحدادين فيبصر الحديدة وقد أحميت فيبكي رضي اللـه عنه من تذكر الآخرة، وهكذا كان الصحابة والسلف على مثل هذا الأمر.

فَقَالَ : أوصني فَقَالَ : دع الدُّنْيَا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها ، وكن فِي الدُّنْيَا كالنحلة ، إن أكلت أكلت طيباً ، وإن أطعمت أطعمت طيباً ، وإن سقطت عَلَى شَيْء لم تكسره ولم تخدشه .

-       اجعلِ الهم هما واحدا هم الآخرةِ،وهو هم لقاء اللـه عز وجل،و هم الوقوفِ بين يديه.

-   أن يتذكر العبد أنه إلى اللـه صائر، أن يتذكر أن لكل بدايةٍ نهاية، وأنه ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار، فإذا تذكر الإنسان أن الحياة زائلة، وأن المتاع فانٍ وأنها غرورٌ حائل، دعاه واللـه ذلك إلى أن يحتقر الدنيا ويقبل على ربها إقبال المنيب الصادق وعندها يرق قلبه، ومن نظر إلى القبور، ونظر إلى أحوال أهلها انكسر قلبه، وكان قلبه أبرأ ما يكون من القسوة ومن الغرور والعياذ باللـه.

1- إصلاح النفس: هذه مهمتهم في الدنيا العبادة للـه وحده لا شريك له هم يعلمون أن اللـه يرحم ويغفر ويعفوا إلا أنهم لم يتكلوا على ذلك بل يندموا على كل تفريط وتقصير وذنب يقترفونه في جنب اللـه مهما صغر لأنهم علموا أن الذي يُعصى هو اللـه العظيم الجليل جل في علاه وتراهم يحزنون لمصاب المسلمين وما يقع عليهم من ظلم وجور وما يصيبهم من بلاء.إنها نفوس ملئت رحمة ورأفة بسبب حملهم  هم الآخرة الذي غلب على قلوبهم.

2-  المحاسبة الدائمة للنفس: فترى صاحب الهم الأخروي دائماً محاسباً لنفسه على كل قول أو فعل.

قال الحسن البصري في تفسير قوله تعالى: (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) هي واللـه نفس المؤمن، ما يرى المؤمن إلا يلوم نفسه ما أردت بكلامي ؟ ما أردت بحديث نفسي ؟ والفاجر لا يحاسب نفسه .

وهذا الحزن وتلك المراقبة، لم تكن قيداً يكبلهم في زوايا المساجد أو البيوت يبكون على أنفسهم ويتركون أهل الباطل والضلال دون إصلاح وإنكار لأنفسهم ولمن حولهم كلا بل الحزن الذي في قلوبهم هو المحرك لهذا العمل فيصلحون أنفسهم ويصلحون غيرهم ويصبرون على البلاء والأذى الذي يلاقونه.

3-      تأثرهم بمشاهد الموتى وحالاتهم: فهم بسبب حياة قلوبهم يربطون كل أمر في الدنيا بالآخرة فالموت يذكرهم بدنو الأجل مما يجعلهم يدأبون في العمل للآخرة حتى يقدموا لأنفسهم عملاً صالحاً يرفعهم إلى أعلى الدرجات في الجنات.