قال إبراهيم بن أدهم:
منَّ الله عليكم بالإسلام، فأخرجكم من الشقاء إلى السعادة، ومن الشدة إلى الرخاء، ومن الظلمات إلى الضياء.
فشبتم (2) نعمه عليكم بالكفران.
ومررتم (3) بالخطأ حلاوة الإيمان.
ووهنتم (4) بالذنوب عرى الإيمان.
وهدمتم الطاعة بالعصيان.
وإنما تمرون بمراصد الآفات، وتمضون على جسور الهلكات، وتبنون على قناطر الزلات وتحصنون بمحاصن الشبهات.
فبالله تغترون؟ وعليه تحترئون؟ ولأنفسكم تخدعون، ولله لا تراقبون، فإنا لله وإنا إليه راجعون (1).
كان إبراهيم بن أدهم من أشد الناس زجراً للمغتابين.
وقد دعاه رجل مرة إلى طعامه، فلما ذهب إليه وجده يذكر رجلاً بسوء، فقال له إبراهيم:
عهدُنا بالناس يأكلون الخبز قبل اللحم، وأنتم تأكلون اللحم قبل الخبز. ثم خرج ولم يأكل له طعاماً (2).
قال إبراهيم:
أقلوا معرفتكم من الناس، ولا تعرفوا إلى من لم تعرفوه، وأنكروا من تعرفوه وقال:
فروا من الناس، كفراركم من السبع الضاري، ولا تخلفوا عن الجمعة والجماعة (1).
قال إبراهيم بن أدهم:
إخوتي، عليكم بالمبادرة والجد والاجتهاد، وسارعوا وسابقوا، فإن نعلاً فقدت أختها، سريعة اللحاق بها (2).
قال إبراهيم بن بشار:
مضيت مع إبراهيم بن أدهم في مدينة يقال لها: طرابلس، ومعي رغيفين، مالنا غيرهما، وإذا سائل يسأل، فقال لي:
ارفع إليه ما معك.
فلبثت، فقال: مالك؟ أعطهز
قال: فأعطيته، وأنا متعجب من فعله.
فقال: يا أبا إسحاق، إنك تلقى غداً ما لم تلقه قط، واعلم أنك تلقى ما أسلفت، ولا تلقى ما خلفت، فمهد لنفسك، فإنك لا تدري متى يفجؤك أمر ربك.
قال: فأبكاني كلامه، وهوَّن عليَّ الدنيا.
قال: فلما نظر إلىَّ أبكي قال:
هكذا فكن (1).
ما شأنك لا تتزوج؟
قال بقية بن الوليد، لقيت إبراهيم بن أدهم بالساحل.
فقلت له: ما شأنك لا تتزوج؟
قال: ما تقول في رجل غرَّ امرأته وخدعها؟
قلت: ما ينبغي هذا.
قال: فأتزوج امرأة تطلب ما يطلب النساء؟ لا حاجة لي في النساء.
قال: فجعلت أثني عليه، ففطن.
فقال: لك عيال؟
فقلت: نعم.
قال: روعة من روعات عيالك، أفضل مما أنا فيه (1).
قال إبراهيم:
ما أدرك من أدرك (2)، إلا من كان يعقل ما يدخل جوفه.
وقيل له: لم لا تشرب من ماء زمزم؟
فقال: لو كان لي دلو (3) شربت منه (4).