قال إبراهيم:
الزهد في الرياسة، أشد من الزهد في الذهب والفضة، لأنك تبذلهما في تحصيلها (1).
كان إبراهيم بن أدهم من أهل النعم بخراسان. فبينما هو يشرف من قصر له ذات يوم، إذ نظر إلى رجل في فناء القصر، وفي يده رغيف يأكله، فلما أكل نام.
فقال لبعض غلمانه: إذا قام فجئني به.
فلما قام جاء به إليه.
فقال إبراهيم: أيها الرجل، أكلت الرغيف وأنت جائع؟.
قال: نعم.
قال: فشبعت؟
قال: نعم.
قال: ثم نمت طيباً؟
قال: نعم.
فقال إبراهيم في نفسه: فما أصنع أنا بالدنيا، والنفس تقنع بهذا القدر؟! (1).
قال إبراهيم:
والله ما الحياة بثقة فيرجى يومها، ولا المنية تغدر فيؤمن غدرها.
ففيم التفريط والاتكال والتأخير والإبطاء؟ وأمر الله جد! (2).
نظر إبراهيم إلى رجل قد أصيب بمال ومتاع، ووقع الحريق في دكانه، فاشتد جزعه، حتى خولط في عقله. فقال:
وأخذه منك إذ شاء، فاصبر لأمره ولا تجزع، فإن من تمام شكر الله على العافية، والصبر له على البلية، ومن قدم وجد، ومن أخر فقد وندم (1).
قال إبراهيم:
لا تجعل بينك وبين الله منعماً، وعد نعمة من غيره عليك مغرماً (2).
قال إبراهيم:
أقل ما في العزلة عن الناس: أن الإنسان لا يرى منكراً فينكره (3).
وقيل له:
ألا تخالط الناس فتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر؟
فقال: عدم لقائهم يسقط عني ذلك (1).
قال ابن بشار:
مررنا مع إبراهيم بن أدهم بمقبرة، فتقدم إلى قبر، فوضع يده عليه ثم قال: رحمك الله يا فلان، ثم تقدم إلى آخر فقال مثل ذلك.
فعل ذلك بسبعة قبور، ثم قام قائماً بين ذلك القبور فنادى: يا فلان، يا فلان، بأعلى صوته، لقد متم وخلفتمونا، ونحن بكم سريعاً لاحقون.
ثم بكى وغرق في فكره، ثم رجع بعد ساعة، فأقبل إلينا بوجهه، ودموعه تنحدر كاللؤلؤ، وقال:
إخوتي، عليكم بالمبادرة والجد والاجتهاد، سارعوا وسابقوا، فإن نعلاً فقدت أختها سريعة اللحاق بها (2).