ترجمة الإمام الأوزاعي

تحت قسم: مَوَاعِظُ الإمَامِ الأوزَاعِي

ترجمة الإمام الأوزاعي (1)

هو عبدالرحمن بن عمرو بن يُحمد الأوزاعي الدمشقي. 

ولد سنة ثمان وثمانين للهجرة في محلة بدمشق تسمى الآن بالعقيبة. وقال ابن ناصر: ولد في بعلبك. 

قال العباس بن الوليد: سمعت أبي يقول: كان مولد الأوزاعي ببعلبك، ومنشؤه بالبقاع، ثم نقلته أمه إلى بيروت. فما رأيت أبي يتعجب من شيء مما يراه في الدنيا، تعجبه منه. 

فكان يقول: سبحانك تفعل ما بلد إلى بلد، وقد جرى حكمك فيه، بأن بلَّغته حيث رأيته، ثم يقول: يا بني، عجزت الملوك أن تؤدب أنفسها وأولادها أدبه في نفسه. ما سمعت منه كلمة قط فاضلة إلا احتاج مستمعها إلى إثباتها عنه، ولا رأيته ضاحكاً قط حتى يقهقه، ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد أقول في نفسي: أترى في المجلس قلب لم يبك؟! 

قال الأوزاعي: مات أبي وأنا صغير، فذهبت ألعب مع الصبيان، فمرَّ بنا فلان - وذكر شيخاً من العرب جليلاً - قال: ففر الصبيان حين رأره، وثبت أنا، فقال: ابن من أنت؟ فأخبرته، فقال: ابن أخي، يرحم الله أباك، فذهب بي إلى بيته، فكنت معه حتى بلغت فألحقني في الديوان، وضرب علينا بعثاً إلى اليمامة، فلما قدمت اليمامة، ودخلنا مسجد الجامع فلما خرجنا قال لي رجل من أصحابنا: رأيت يحيى بن أبي كثير معجباً بك، يقول: ما رأيت في هذا البعث أهيأ من هذا الشاب. قال: فجالسته وكتبت عنه أربعة عشر كتاباً، أو ثلاثة عشر، فاحترق كله. 

وقد عكف على العلم حتى صار شيخ الشام، فروى عن: الزهري، ويحيى بن أبي كثير، وعطاء وغيرهم كثير. . 

قال النووي - في "شرح المهذب" في باب الحيض-: وأما الأوزاعي فهو أبو عمر عبدالرحمن بن عمرو، من كبار تابعي التابعين وأئمتهم البارعين، كان إمام أهل الشام في زمنه، أفتى في سبعين ألف مسألة، وقيل ثمانين ألفاً. ا هـ. 

وفي "تهذيب النووي" عن عبدالرحمن بن مهدي قال: الأئمة في الحديث أربعة: الأوزاعي، ومالك، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد. ا هـ. 

وأول ما سئل الأوزاعي عن الفقه سنة ثلاث عشرة ومائة، وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، ثم لم يزل يفتي بعد ذلك بقية عمره إلى أن توفي رحمه الله. 

وانتشر مذهب الأوزاعي في بلاد الشام وغيرها، قال ابن كثير: وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه نحواً من مائتين وعشرين سنة. 

وقد تراجع مذهبه أمام المذاهب الأخرى بسبب ضعف تلاميذه، ونشاط أصحاب المذاهب الأخرى. 

ومن أخباره التي تلقي الضوء على شخصيته:

وكان عبدالله قد قتل من بني أمية نيفاً وسبعين. فقال الأوزاعي: ما تقول في دماء بني أمية؟

فقال: كان لهم عليك عهد.

قال: فاجعلني وإياهم ولا عهد، ما تقول في دمائهم؟

قال: حرام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ) الحديث. 

فقال: ولمَ ويلك، وقال: أليست الخلافة وصية من رسول الله، قاتل عليها عليٌّ بصفين؟

قال: لو كانت وصية ما رضي بالحكمين.

فنكس رأسه، قال الأوزاعي: ونكست رأسي فأطلت، ثم قلت: البول. فأشار بيده اذهب. فقمت فجعلت لا أخطو خطوة إلا قلت: إن رأسي يقع عندها.

تلك بعض الأخبار التي توضح بعض الصورة عن هذا العالم الجليل.

المراجع

  1. مراجع هذه الترجمة: "شذرات الذهب" (1/ 240، 242)؛ و"تاريخ مدينة دمشق" لابن عساكر (35/ 147 وما بعدها)؛ و"الجرح والتعديل" (1/ 184 وما بعدها)؛ و "سير أعلام النبلاء" (7/ 107 وما بعدها)؛ "البداية والنهاية" (10/ 111 وما بعدها).