"أَعْطُوهُ" فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ:
"أَعْطُوهُ" فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا
فَقَالَ:
"أَعْطُوهُ". فَقَالَ: "أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ". قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً"
(2).
وفي رواية عند مسلم عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرة فقدمت عليه إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكرة، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا رباعياً فقال:
"أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً"
(3).
_______________________
هذا الحديث فيه دلالة على جواز أن يرد المقترض نظير ما اقترضه أو خيراً منه. بل يستحب لمن عليه دين من قرض وغيره، أن يرد أجود من الذي عليه، وهذا من السنة ومكارم الأخلاق، وليس هو من قرض حر منفعة فإنه منهي عنه؛ لأن المنهي عنه ما كان مشروطاً في عقد القرض (1).
وكذلك يُستحب أيضاً الزيادة في الأداء عما عليه، ويجوز للمقترض أخذها سواء زاد في الصيغة أو في العدد، فمثلاً أقرضه عشرة فردها عليه أحد عشر (2).
قوله: "كان لرجل (3) على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الإبل (4) فجاءه يتقاضاه" أي: يطلب منه قضاء الدين.
قوله: "إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً" وفي رواية ابن مبارك "أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً" (5).
أي: أنه خيرهم في المعاملة.
وقال بعض العلماء: في هذا الحديث من الفقه:
1- جواز المطالبة بالدين إذا حل الأجل.
2- حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم، وعظم حلمه وتواضعه وإنصافه.
3- أن من عليه دين لا يجب عليه مجافاة صاحب الحق.
_______________________
4- جواز استقراض الإبل، ويلتحق بها جميع الحيوانات وهو قول أكثر أهل العلم (1).