بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة لا بشعرون من هو حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أتدرون من أخذتم؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفي [وكان سيد أهل اليمامة] أحسنو إساره) فربطوه بسارية من سواري المسجد. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: "اجمعوا ما كان عندكم من طعام، فابعثوا به إليه، وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها ويراح". فجعل لا يقع من ثمامة موقعاً. فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ماذا عندكم يا ثمامة؟". فقال: عندي يا محمد خير: إن تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال؛ فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد، فقال: ما عندكم يا ثمامة. فأعاد عليه مقالته. فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كان من الغد، فقال له كما قال له في اليوم الأول، فأعاد عليه ثمامة مقالته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطلقوا ثمامة". فانطلقق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبعض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليَّ، والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليَّ، والله ما كان من بلد أبعض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ. وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى. فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر. فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت. قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنظة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم.