الحفاظ على الأمانة .......حفاظ على الحياة

تحت قسم: منظومه الاخلاق في الأسلام


الأمانة مسؤولية عظيمة، وحمل ثقيل إلا مَن قدّره الله على ذلك، وحقيقتها: أداء حق الله بعبادته، وإخلاص الدين له، والقيام بحقوق الخلق من غير تقصير. ولها شأن في حياة المسلم كبير، فهي أحد الأعمدة الرئيسة للنظام الأخلاقي في الإسلام، حيث ربط النبي صلى الله عليه وسلم بينها وبين الإيمان، وكان كثيرا ما يعلن عن ذلك في خطبه، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَلَّمَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ».

فهي أصلٌ في جميع العبادات والمعاملات، فالصلاة أمانة في عنقك، تؤديها في أوقاتها كاملة الشروط والواجبات، والصيامُ أمانةٌ بينك وبين الله، والزكاةُ أمانة والله مُطَّلِعٌ عليك في أدائها كاملةً أو ناقصةً، والأيمانُ والعهود والمواثيق والالتزامات والمواعيد أمانة كذلك، والصحة أمانة، وسمعك وبصرك ولسانك وفؤادك أمانةٌ عندك، وسوف تسأل عنها،

قال تعالى:

{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}

[الإسراء: 36]

فمجالاتها متعددة، وصورها متنوعة، إذ هي تشمل أصول الدين عقيدة وشريعة، وهي تشمل المعاملات والعلاقات الفردية والجماعية بين المسلمين، فهي منتظمة لكل حياة المسلم؛ إذ المسلم يعيش بالأمانة في كل أحواله.

يقول الله -جل وعلا-:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}  

[التحريم6].

إن الله -جل وعلا- يقول:

{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}

[البقرة182].

فكلنا مسؤول ومؤتمن، وفي الحديث: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته"؛ فعلينا أن نحافظ على هذه الأمانة وأن نؤديها حقا.

المسلم الحق لا ينظر لهذا الدين من زاوية معينة، فهذا الدين ليس خاصا بالصلوات والعبادات؛ بل هو دين يشمل جميع شؤون الحياة، ينظمها قليلها وكثيرها؛ فالأمانة شاملة لعباداتنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا الداخلية والخارجية وشؤون حياتنا، هذه كلها أمانة في أعناق الجميع؛ فليتقِ العبد ربه فيما يأتي ويذر.

فهناك أمانة تتعلَّق بحق الوالدين، وأمانةٌ تتعلَّق بحق الأبناء، وأمانة تتعلَّق بحق الجيران، وأمانة تتعلق بحق التجار، والموظفون مؤتمنون، والمعلمون مؤتمنون، وكُلٌّ في مجاله مؤتمن، والله تبارك وتعالى سائلٌ كلًّا عمَّا ائتمنه عليه، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكم راعٍ وكُلُّكم مسئولٌ عن رعيَّتِه»، وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلَّا حرَّم اللهُ عليه الجنة»، وفي رواية: «فلم يحطها بنصحه، لم يرح رائحة الجنة»

إنها تشمل الدين كله، والأعراض، والأموال، والأجسام، والأرواح، والمعارف، والعلوم، والولاية، والوصاية، والشهادة، والقضاء، والكتابة، ونقل الحديث، وكتم الأسرار، والرسالات، والسمع، والبصر، وسائر الحواسِّ، إنها الأمانة؛ لذا عرضها ربنا على السماوات والأرض والجبال فلم تستطع حملها،

يقول الله تعالى:

  {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}

[الأحزاب72]

ويقول جل وعلا:

{فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}

[البقرة283]