في الحث علي الإكثار من قراءة القرآن في رمضان

تحت قسم: في الحث علي الإكثار من قراءة القرآن في رمضان


الخطبة الأولى

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلـٰه إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ؛ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ، فَسَمِعَهُ جارٌ له، فقالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَل.ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَهو يُهْلِكُهُ في الحَقِّ، فقالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ.[4]

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد، فاعلموا رحمكم الله أن المؤمن إذا جمع بين كثرة قراءة القرآن والصيام؛ كان حريا بأن يكون ممن تدركه شفاعة هـٰذين العملين يوم القيامة في رفع درجاته وتكفير سيئاته، فـــــعن عبــد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: (أَيْ ربِّ، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فَشَــفِّــعني فيه).

ويقول القرآن: (منعته النوم بالليل، فشفِّعني فيه)، فيشفعان.[13]

عباد الله، الله الله في العمل، فقد مضى نصف شهركم، وأقبل الثلث الأخير منه، ألا وإن مِن نِعم الله على المؤمن أن ينشط للجمع في شهر رمضان بين جهادين، جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هـٰذين الجهادين، وصبر عليهما؛ فهو حرِيٌّ بالدخول في قول الله تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم فقال (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم عليه السلام، وفيه قُبِــــض، وفيه النفخة[14]، وفيه الصَّعقة[15]، فأكثروا عليَّ من الصلاة، فإن صلاتكم معروضة علي)[16]، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. 

المراجع

  1.  رواه أحمد (4/107)، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (1575).
  2. رواه الترمذي (2910)، وصححه الألباني. 
  3. رواه البخاري (5427)، ومسلم (797).
  4. رواه البخاري (5026). 
  5.  رواه البخاري (4937) ومسلم (798)، واللفظ للبخاري. 
  6.  الـخَـلِـفـة هي الحامل من النوق، وجمعها خَـلِـفات. 
  7. رواه مسلم (802).
  8. الـصُّـفة؛ مكان مُـظلل في المسجد النبوي، يأوي إليه فقراء المهاجرين. انظر «النهاية».
  9. بُطحان؛ وادٍ بالمدينة.
  10.  العقيق؛ وادٍ بالمدينة.
  11. واه مسلم (803).
  12. رواه مسلم (804). 
  13. رواه أحمد (2/174)، وصححه الألباني في «صحيح الترغيب» (984) و «صحيح الجامع» (7329).
  14. أي النفخة الثانية في الصور، وهو قرنٌ يَنفخ فيه إسرافيل، وهو الـمَـلك الـمُـوكَل بالنفخ في الصور، فيقوم الخلائق من قبورهم. 
  15.  أي يُصعق الناس في آخر الحياة الدنيا، فيموتون كلهم، والصعقة تكون بسبب النفخة الأولى في الصور، وبين النفختين أربعون عاما.
  16. رواه أحمد (4/8) وغيره، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود»، ومحققو «المسند» برقم (16162)