مختصرة عن خصائص يوم عرفة

تحت قسم: مختصرة عن خصائص يوم عرفة


إن الحمدلله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلـٰه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، واعلموا أن من مظاهر ربوبية الله تعالى على مخلوقاته تفرده بتعظيم ما شاء منها، سواء ما كان منها من الأشخاص أو الأمكنة أو الأزمنة أو العبادات، لحكمة يعلمها الله سبحانه، قال تعالى ﴿وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، وفي هذه الخطبة نتكلم بإذن الله عن تعظيم الله ليوم عرفة، وما اختصه الله به من خصائص عشرة؛

  1. فأولها أن يوم عرفة يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، فعن طارق بن شهاب أن رجلاً من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب فقال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها، لو علينا نَزَلت معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: وأي آية؟ قال ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعرفات، في يوم جمعة.[1]

  2. ومن خصائص يوم عرفة أن الله أقسم به في موطنين من القرآن، والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود الوارد في قوله تعالى: ﴿وشاهد ومشهود، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، والموعود يوم القيامة).[2]

عباد الله، ويوم عرفة هو الوَتر الذي أقسم به في قوله ﴿والشفع والوَتر، فعن جابر رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: إن العشر عشر الأضحى، والوَتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر.[3]

3.ومن خصائص يوم عرفة أن صيامه يكفر سنتين، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: صيام يوم عرفة، أَحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.[4]

4.ومن خصائص يوم عرفة أنه في شهر حرام، وقبله شهر حرام، وبعدَه شهر حرام.

5.ومن خصائص يوم عرفة أنه يوم العتق من النار، وأن الله يدنو فيه، وأن الله يباهي بأهل الموقف ملائكتَه، وهذه ثلاث خصائص في حديث واحد، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليَدنو ثم يُباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟[5]

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً.[6]

قال ابن رجب رحمه الله: ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيُعتق الله فيه من النار من وَقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيداً لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شَهد الموسم منهم ومن لم يشهده، لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة. انتهى كلامه رحمه الله.[7]

6.ومن خصائص يوم عرفة أن الدعاء فيه قريب للإجابة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إلـٰه إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.[8]

7.ومن خصائص يوم عرفة أنه من أيام عشر ذي الحجة، التي هي أفضل أيام الدنيا، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما مِن أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء.[9]

8.ومن خصائص يوم عرفة ما يكون فيه من القيام بركن الحج الأعظم، وهو الوقوف بعرفة، كما قال (صلى الله عليه وسلم): الـحج عرفة.[10]

9.ومن خصائص يوم عرفة ما يحصل فيه من اجتماع المسلمين من أنحاء المعمورة في مكان واحد لأداء شعيرة واحدة ما لا يحصل في غيره من الأيام ولا الأمكنة ولا العبادات، وهذا من ظهور شعائر الإسلام، وعلامات علوه، ومن أسباب اندحار الشيطان، لما يرى من تنزل الرحمات، والتجاوز عن السيئات. 

الخطبة الثانية

المراجع

  1. رواه البخاري (45) ومسلم (3017)، واللفظ له، عن طارق بن شهاب. وللفائدة؛ فقد روى محمد بن جرير الطبري في «تفسيره» في تفسير هذه الآية عن كعب الأحبار أنه قال: لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أُنزِلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه، فقال عمر: أيُّ آية يا كعب؟ فقال (اليوم أكملت لكم دينكم)، فقال عمر: قد علمتُ اليوم الذي أُنزِلت فيه، والمكان الذي أُنزِلت فيه؛ يوم جمعة، ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد. 
  2. واه أحمد (7973)، وصححه محققو «المسند».
  3. رواه أحمد (14511)، وحسنه محققو «المسند».
  4.  رواه مسلم (1162). 
  5. رواه مسلم (1348)
  6.  رواه أحمد (2/224)، وصححه الألباني في «تخريج الترغيب والترهيب» برقم (1153). 
  7.  «لطائف المعارف» - المجلس الثاني في يوم عرفة مع يوم النحر.
  8.  رواه الترمذي (3585)، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (1503). 
  9. أخرجه البخاري (969) وأحمد (1/338-339)، واللفظ له.
  10. رواه النسائي (3016) وغيره ، عن عبد الرحمـٰن بن يعمر رضي الله عنه، وصححه الألباني.