خطبة مختصرة عن الناقض الثالث من نواقض الإسلام - من اعتقد أن هدي المشركين أفضل من الهدي

تحت قسم: خطبة مختصرة عن الناقض الثالث من نواقض الإسلام - من اعتقد أن هدي المشركين أفضل من الهدي


الناقض الثالث: (من اعتقد أن غير هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) خير من هديه فقد كفر، ومن اعتقد أن حكم غير الله خير من حكم الله، كالذين يفضلون حكم الطواغيت والقوانين الوضعية على حكم الله)

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلـٰه إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. 

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي وأكمله

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي في جانب الاعتقاد

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي في جانب العبادة

وقال عليه الصلاة والسلام لأحد الصحابة وكان يريد أن يُـــنهِك نفسه في العبادة: (وإن لنفسك عليك حقا)[2]، ولما قال بعض الناس إنه لا يأكل اللحم، وقال بعضهم لا أتزوج النساء، وقال الثالث: أصوم ولا أفطر، وقال الرابع: أقوم الليل ولا أنام؛ قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أما أنا فآكل اللحم، وأتزوج النساء، وأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، فمن رغب عن سنتي فليس مني.[3]

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي في جانب الأخلاق

ومن تأمل خلق النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أهله وأصحابه وجيرانه؛ علِم ذلك، فقد كان لا يُرى إلا متبسما، وكان يعفو ويصفح، حتى عفا عن اليهودية التي وضعت له السم في طعامه ومات على إثرها، وكان رحيما بالناس، حتى مع أعدائه في الحرب والغزو والجهاد، فقد كان ينهى عن قتل من لم يشارك في الحرب، من الشيوخ والنساء والأطفال، وينهى عن نَـهب المال، وينهى عن الغُــلول، وهو أخذ المال قبل تقسيم الغنائم، وكان يقسم الغنائم كما أمر الله، وينهى عن الـمُثلة بالمقتول، وهو تشويهه والانتقام منه وهو ميت، وكان ينهى عن الغدر، وكان يَـمُـنُّ[4]  على الأسرى بالعِــــتق، ويقتل بعضهم، ويُفادي بعضَهم بالمال، ويفادي بعضَهم بأسرى المسلمين، يفعل ذلك كله بحسب المصلحة.

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي في جانب المعاملات

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي في جانب السياسة

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي في جانب القضاء

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أفضل هدي في جانب الطب

الخطبة الثانية

تقرير أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) صالح لكل زمان ومكان

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) صالح لكل زمان ومكان، ثابت لا يتغير ولا يتبدل، لأنه وحي تلقاه من لدن الله عز وجل، الكامل في علمه، الكامل في حكمته، الكامل في رحمته، الكامل في إرادته الخير بالناس، ثم نقله النبي (صلى الله عليه وسلم) للناس، فهو صراط الله المستقيم، ودينه القويم، الذي رضيه الله لعباده، ولا يرضى سواه.

تقرير أن من اعتقد أن غير الهدي النبوي أفضل من الهدي النبوي فهو كافر، أو أن حكم غير الله خير من حكم الله، كالذين يفضلون حكم الطواغيت والقوانين الوضعية على حكم الله

وبناء على ما تقدم؛ فمن اعتقد أن غير الهدي النبوي أفضل من هدي النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ فقد كفر، لأنه طعن في حكمة الله وتشريعه في الحقيقة، كمن يفضل المناهج البشرية كالعلمانية والليبرالية والديموقراطية على الشريعة الإسلامية، أو يعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبـيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سببا في تخلف المسلمين، أو أن يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى، أو يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر، أو يعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما، فهذا كافر، لأنه بذلك فضل حكم المخلوق على حكم الخالق، ورضي بحكم الجاهلية، ورضي بالطاغوت وفضله على حكم الله ورسوله، ولم يكفر به كما أمره الله بذلك في قوله (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها)، واستباح ما حرم الله إجماعا، وكل من استباح ما حرم الله فهو معاند لله، وكافر بإجماع المسلمين.[8]

عباد الله، إن من تولى عن طاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين وليس بمؤمن، قال تعالى(وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون)، قال ابن تيمية رحمه الله: فبين سبحانه أن من تولى عن طاعة الرسول وأعرض عن حكمه؛ فهو من المنافقين وليس بمؤمن، وأن المؤمن هو الذي يقول (سمعنا وأطعنا)، فالنفاق يثبت ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيره.[9]

خاتمة الخطبة

ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم فقال (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، الأئمة الحنفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. 


المراجع

  1.  رواه البخاري (39) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
  2. رواه أحمد (6/268) وغيره عن عائشة رضي الله عنها، وحسنه محققو «المسند» (26308)، وأصله في الصحيحين من حديث أبي جُحيفة رضي الله عنه وغيره من الصحابة. 
  3. رواه البخاري (5063)، ورواه مسلم (1401) بنحوه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
  4. الـمَـنُّ هو العطاء بلا عِوض ومقابل. 
  5. الحرز هو الموضع الذي يتحصن به الإنسان من أسباب الهلاك، والمقصود أن من اتبعه من الأميين وهم العرب فقد نجا من الهلاك، وسمي العرب بالأميين لأن الكتابة كانت في وقتهم قليلة. انظر «النهاية» لابن الأثير.
  6. السَّخَب هو الصِيَّاح، والمقصود التساخب على الدنيا شحا وحرصا.
  7. رواه البخاري (2125).
  8. نظر «مجموع فتاوى ومقالات متنوعة» (1/ 132)، للشيخ ابن باز رحمه الله.
  9. الصارم المسلول، ص 38 ، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد.