الناقض السادس: ارتكاب السحر

تحت قسم: خطبة مختصرة عن الناقض السادس من نواقض الإسلام - السحر


إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلـٰه إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

تعريف السحر وأقسامه مع ذكر الأمثلة

الأدلة على كفر الساحر وتحريم تعاطي السحر

كما جاء ذم السحرة في قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام ﴿ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين﴾، فالآية نص في أن الساحر مفسد في الأرض.

وعن عِمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ليس منا من تَـطـيَّر أو تُطُــيِّرَ [6]له ، أو تَــكهَّــنَ أو تُــكُـهِّنَ له ، أو سَحَرَ أو سُحِرَ له ، ومن أتى كاهناً فصدَّقه بـما يقول فقد كفر بما أُنـزل على محمد (صلى الله عليه وسلم).[7]

وروى البيهقي عن قَتادة أن كعبا قال: قال الله عز وجل: ليس من عبادي من سَحر أو سُحِر له، أو كَـهَن أو كُـهِن له، أو تَــطَـــيَّـــرَ أو تُطِــيِّر له[8]، لكن من عبادي من آمن وتوكل علي.[9]

الساحر جمع بين الشرك في توحيد الربوبية والشرك في توحيد العبادة

ماذا استفاد الساحر من الشيطان الذي يعينه على سحره وماذا استفاد من الناس؟

واجب المسلمين وولاة الأمور تجاه السحرة

قال ابن تيمية رحمه الله: وكذا ينبغي إزالة كل ما يعينهم على فعلهم، وأن يُـمنعوا من الجلوس في الطرقات، وألا يؤجِّر صاحب الدار داره عليهم، هذا من أفضل الجهاد في سبيل الله.[12] 

الخطبة الثانية في أسباب الوقاية من السحر وأسباب العلاج منه بعد وقوعه

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن من أسباب الوقاية من السحر التحصن بالأذكار الشرعية الصباحية والمسائية، وأما أسباب العلاج من السحر بعد وقوعه فتكون بثلاثة أمور؛ أولها وأهمها ذكر الأذكار الصباحية والمسائية، والثاني وهو من أنفع العلاج؛ بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عُرِف واستُخرِج وأُتلِف بَـــطَــلَ السحر. والثالث وهو علاج نافع للرجل إذا حُـبِس من جماع أهله؛ أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه، ويجعلها في إناء، ويصب عليها مـن الماء ما يكفيه للغُـسل، ويقرأ فيها آية الكـرسي، و ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون﴾، و ﴿قُلْ هُـوَ اللَّهُ أَحَد﴾، و ﴿قُلْ أَعُـوذُ بِرَبِّ الْفَلَق﴾، و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس﴾، وآيات السحر التي وردت في سورة الأعراف وسورة يونس وسـورة طـٰه[13]، ثم يشرب من الـماء الذي قرأ فيه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء.

ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم فقال )إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما(، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، الأئمة الحنفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم احفظ علينا عقيدتنا، واحفظ علينا أمننا، واحفظ علينا رزقنا. اللهم إنا نعوذ بك من شر الأشرار، ومن كيد الفجار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرُق بخير يا رحمـٰن. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.



 

المراجع

  1. انظر «المغني»، كتاب المرتد، فصل في السحر، (9/299). 
  2. القصة مذكورة في البخاري (5766) ومسلم (2189). 
  3.  انظر «بدائع الفوائد»، ص 736 – 737 ، تحقيق علي بن محمد العمران ، الناشر: دار عالم الفوائد – مكة. 
  4.  انظر ما قاله العلامة الشنقيطي رحمه الله في تقرير مسألة كفر الساحر استدلالا بهذه الآية عند تفسير قوله تعالى ﴿ولا يفلح الساحر حيث أتى﴾ (سورة طـٰه: 69) 
  5. رواه البخاري (2766)، ومسلم (89)
  6.  التطير في الأصل هو التشاؤم باتجاه الطيور يمينا أو شمالا، ثم استُــــعمِل المعنى في عموم التشاؤم. 
  7. رواه البزار كما في «كشف الأستار» (3044)، و الطبراني في «الكبير» ( 18/162)، ولفظه: عن عمران بن حصين أنه رأى رجلا في عضده حلقة من صُفْرٍ (أي النحاس الأصفر)، فقال له: ما هذه؟ قال: نُـعِـــتت لي من الواهنة. قال: أمَا إن مِتَّ وهي عليك وُكِلت إليها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من تطير أو تطير له ... الحديث. قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع وهو ثقة. انظر «مجمع الزوائد» (5/117). ورواه البزار أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في «كشف الأستار» (3043)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع الصغير» (5435) و «السلسلة الصحيحة» (2195). 
  8.  أي: طلب من أحد أن يتطير بالنيابة عنه ثم يخبره بالنتيجة.
  9.  انظر «شعب الإيمان» (1176).
  10. انظر «مجموع الفتاوى» (35/171) 
  11. واه ابن ماجه (2538)، وهو عند النسائي (4919) بنحوه، وابن حبان (4398)، وأحمد (2/362)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (231). 
  12.  انظر «مجموع الفتاوى» (35/94 – 97)، باختصار وتصرف يسير. 
  13. وهي الآيات في سورة الأعراف (117 – 120)، وسورة يونس (79 – 82)، وسورة طـٰه (65 – 69).