1. المقالات
  2. الرسول المعلم وأساليبه في التعليم _ عبد الفتاح أبو غُدّة
  3. سؤالُه صلى الله عليه وسلم أصحابَه ليَكشِف ذكاءهم ومعرفتهم

سؤالُه صلى الله عليه وسلم أصحابَه ليَكشِف ذكاءهم ومعرفتهم

سؤالُه صلى الله عليه وسلم أصحابَه ليَكشِف ذكاءهم ومعرفتهم

وتارةً كان صلى الله عليه وسلم يَسألُ أصحابَه عن الشيء وهو يَعلَمُه ، وإنما يَسْألُهم ليُثيرَ فِطْنَتَهم ، ويُحرِّك ذكاءَهم ، ويَسقِيَهم العلمَ في قالَب المُحاجاة ليَختَبِر ما عندهم من العلم .

 

53 ـ روى البخاري ومسلم6، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : ((بَيْنا نحنُ عند النبي صلى الله عليه وسلم جُلوس ، إذْ أُتِيَ بِجُمّارِ نَخْلَة7، فقال وهو يأكُلُه : إنَّ من الشَّجَر شَجَرة خضراءُ ، لَما بَرَكَتُها كبَرَكَةِ المسلم8، لا يَسْقُطُ وَرَقُها ، ولا يَتَحاتُّ9، وتُؤتي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذْنِ رَبِّها10، وإنها مِثْلُ المُسْلِم11، فحدِّثوني ما هي؟

قال عبد الله : فوقَعَ الناسُ في شَجَر البَوادي ، فقال القوم : هي شَجَرةُ كذا ، هي شجرةُ كذا ، ووَقَع في نَفْسي أنَّها النَّخلة ، فجَعَلْتُ أُريدُ أن أقولَها ، فإذا أَسنانُ القوم ، فأهابُ أن أتكلَّم وأنا غلامٌ شابّ ، ثم التَفَتُّ فإذا أنا عاشِرُ عَشْرٍ أنا أَحدَثُهم أصغَرُ القوم ، ورأيتُ أبا بكر وعمر لا يَتكلَّمان ، فسَكَتُّ .

فلما لم يتكلَّما ، قالوا : حدِّثنا ما هِيَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النَّخلة .

فلما قُمنا قُلتُ لعمر أبي : واللهِ يا أبَتاهُ ، لقد كان وَقَع في نفسي أنها النخلة ، فقال : ما منَعَك أن تقولَها؟ قلتُ : لم أرَكم تتكلَّمون ، لم أرَكَ ولا أبا بكر تكلَّمتُما ، وأنا غلامٌ شابّ ، فاستَحيَيْتُ ، فَكرِهتُ أن أتكلَّم أو أقولَ شيئاً ، فسكتُّ . قال عمر : لأن تكون قُلتَها أحبُّ إليَّ من أن يكونَ لي كذا وكذا))1.

 

-----------------------------------

6 ـ سيأتي بيانُ موضعه عند البخاري ومسلم تعليقاً عند نهاية الحديث لطول التخريج .

7 ـ الجُمّار بوَزْن رُمّان : قَلْبُ النَّخْلَةِ وشَحْمُها ، تَموتُ بقطعه ، ويُستَخْرَجُ منها بعد قَطْعِها . ويقال له : الجامور أيضاً . وقال أبو بكر بن العربي في ((عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي)) : 10 :310 : ((الجُمّار شحْمُ النخلة الذي يؤكل بالعَسَل)) . وللأستاذ عباس العَزّاوي العراقي كتاب ((النَّخل في تاريخ العراق)) في 134 صفحة ، استوفى فيه كلَّ ما يتعلق بالنخلة من جميع أحوالها ، وقال فيه في ص 128 : ((والجُمّار من النَّخْلَةِ كالمُخِّ من الغنسان)) .

8 ـ بَرَكَتُها أي خَيْرُها ونَفْعُها .

9 ـ أي لا يَتَساقَطُ ورقُها ولا يتناثر .

10 ـ أي تُعطي ثَمَرَها كلَّ وقتٍ أَقَّتَه الله تعالى لذلك الثمر ، بإرادةِ خالقها سبحانه .

11 ـ رُوي لفظ (مِثْل) بكسر الميم وسكون الثاء ، كما روي (مَثَلُ المسلم) بفتح الميم وفتح الثاء ، وكلاهما بمعنى واحد . قال الجوهري في ((الصحاح)) : ((مِثْلُ الشيءِ ، ومَثَلُه : كلمةُ تسوية ، كما يقال : شِبْهُه وشَبَهُه بمعنى واحد)) .

وجاء في بعض روايات البخاري ومسلم : ((مَثَلُها كمَثَل المُؤْمِن)) .

ووجْهُ تشبيهِ النخلة بالمسلم أو المؤمن قائمٌ من جهات كثيرة ، وذلك في أنها تُعَدُّ أشرَفَ الشجرَ وأعلاها مرتبة ، وفي كثرةِ خيرها ، ودَوامِ ظلِّها ، وطيبِ ثَمَرِها ، ووُجودِهِ على الدوام ، فإنه من حين يَطلُعُ ثَمَرُها لا يَزالُ يؤكل أنواعاً حتى يُجَدَّ تَمْراً ويُقطَع .

وإذا يَبِسَتْ النَّخْلة يُتَّخَذُ منها منافعُ كثيرة ، فخَشَبُها ، ووَرَقُها ، وأغصانُها ، تُستعمَلُ جُذوعاً وحَطَباً وعِصِيّاً وحِبالاً ومَخاصِرَ وأوانيَ وغيرَ ذلك . ثم آخِرُ ذلك . ثم آخِرُ شيء يُنتَفَعُ به منها هو نَواها ، فإنه يُتَّخَذُ عَلَفاً للإبِل .

أما جَمالُ نباتِها ووَرَقِها ، وحُسْنُ خِلْقَتها وثَمَرِها ، وفارغُ طولِها وانبساقِها ، ودوامُ خُضرة أوراقِها ، وتماسُكُ جِذْعها أن تَلعَبَ به الرياح والاعاصير ، وكريمُ ظِلِّها وفَيْئِها ، لمن كان في جزيرة العرب : فمنافعُ مشهودة ، ومُتَعٌ متكاثرةٌ معروفة محمودة . وقد مدَحَها الله في القرآن بآياتٍ كثيرة أيَّما مَدْح .

وكذلك المسلم أو المُؤْمِن كلّه خيرٌ ونَفْع ، وبَرَكتُه عامّة في جميع الاحوال ، ونفعُه مستمِرٌّ له ولغيرِه حتى بعد موته . فهو ذو عَمَلٍ صالح ، وقولٍ حسن ، كثيرُ الطاعات على ألوانها ، ما بين صائمٍ ، ومُصَلٍّ ، وتالٍ للقرآن ، وذاكرٍ لله ، ومُذكِّرٍ به ، ومُتَصَدِّقٍ ، وآمرٍ بالمعروف ، وناهٍ عن المنكر . =

= يُخالِطُ الناس ويَصبِرُ على أذاهم ، آلِفٌ مألوف ، ينفعُ ولا يَضُرُّ ، جميلُ المَظهر والمَخبَر ، مَكارمُ أخلاقِه مبذولة للناس ، يُعطي ولا يَمنع ، ويُؤْثرُ ولا يَطمَع ، لا يَزيده طولُ الأيام  إلاّ بُسوقاً وارتفاعاً عن الدنايا ، ولا تَجِدُ فيه الشَّدائِدُ والأهوالُ إلاّ رُسوخاً على الحق وثباتاً عليه ، وسُمُوّاً إلى الخيرِ والنفع ، وشُفوفاً عن السَّفاسِف .

عَمَلُه صاعِدٌ إلى ربِّه بالقبول والرضوان ، إنْ جالسْتَه نَفَعَك ، وإن شاركْتَه نَفَعَك ، وإن صاحَبْتَه نَفَعك ، وإن شاوَرْتَه نَفَعك ، وكلُّ شأن من شؤونه مَنْفَعة ، وما يَصْدُر عنه من العلوم فهو قُوْتٌ للأرواح والقلوب ، لا يزالُ مستوراً بدِيْنِه ، لا يَعْرى من لِباسِ التقوى ، ولا يَنقطِعُ عملُه في غِنىً أو فقر ، ولا في صِحّةٍ أو مرض .

بل لا يَنقطع عملُه حتى بعدَ موتِه ، إذا نَظَر من حياتِه لآخِرتِه ، واغتَنَم من يومِه لِغَدِه ، يُنتَفَعُ بكل ما يَصْدُرُ عنه حَيّاً وميتاً ، إذْ مَبْعَثُ تصرُّفاتِه كلِّها الإيمانُ بالله ، والنفعُ لعبادِ الله ، سبحان الله ما أعظَمَ المؤمن؟!

1 ـ رواه البخاري في أحد عشر موضعاً في ((صحيحه)) ، وانا أُشيرُ إليها مع ذكر عناوين الأبواب التي رواه فيها ، لأن تلك العناوين تُعَدُّ بمثابةِ شرحٍ وجيزٍ لمعاني الحديث .

رواه في أربعة مواضع من كتاب العِلْم ، في (باب قول المحدِّث : حدَّثَنا وأخبَرَنا وانبَأَنا) 1 :133 ، وفي (باب طَرْح الإمام المسألة على أصحابه ليَختَبِرَ ما عندهم من العلم) 1 :136 ، وفي (باب الفَهْم في العلم) 1 :151 ، وفي (باب الحياء في العلم) 1 :203 . وفي كتاب البيوع ، في (باب بَيْع الجُمّارِ وأكْلِه) 4 :337 . وفي كتاب التفسير ، في (تفسير سورة إبراهيم) 8 :286 . وفي موضعين من كتاب الاطعمة ، في (باب أكْلِ الجُمّار) 9 :492 ، وفي (باب بركةِ النخلة) 9 :495 . وفي ثلاثة مواضع من كتاب الادَب ، في (باب ما لا يُسْتَحْيى من الحقّ للتفقُّه في الدين) 10 :435 ، ورواه مرةً أخرى فيه بلفظ آخر ، وفي (باب إكرام الكبير ، ويَبدأُ بالأكبر بالكلامِ والسُّؤال) 10 :443 .

ورواه مسلم في ((صحيحه)) من خمس طرق ، في أواخر (كتاب صِفَةِ القيامة والجنّةِ والنار) ، قبلَ (كتاب الجنة وصِفَةِ نعيمها واهلها) 17 :153 ـ 155 . وبوَّب عليه الإمامُ النووي في ((شرح صحيح مسلم)) بقوله : (باب مَثَلِ المُؤمِنِ مَثَلُ النَّخلة) .

وقد جَمَعْتُ في الرواية المذكورة هنا بين رواياتِ البخاري ومسلم ، لاستيفاء ما فيها من المعاني لهذا الحديث الكريم .

ورواه غيرُ البخاري ومسلم من أصحاب ((الكتب الستة)) ، والإمامُ أحمد في ((المسند)) ، وغيرُه من المحدِّثين .

وهو حديثٌ جليلُ القدر ، غزيرُ العلم ، كبيرُ الصلة بالتعليم وأسبابه وقد جَمَعْتُ رواياتِه من تلك الكتب أيضاً ، وشرحتُه مستقلاً في محاضرة عامّة ، ألقيتها في الرباط بالمغرب الأقصى في رمضان سنة 1387 ، بدعوة من عاهل المغرب الحسن الثاني ، أرجو من الله تعالى تيسير نَشْرِها للناس .

وقد رأيتَ فيما تقدَّم أن الإمام البخاري رحمه الله تعالى رواه في ((صحيحه)) في أحد عشر موضعاً .

قال الصَّديق المفضال العلاّمة الأريب الأديب والداعيةُ الكبير الشيخ أبو الحسن الحَسَني النَّدْوي حفظه الله تعالى ، في (تقديمه) لكتاب ((الأبواب والتراجم للبخاري)) لشيخنا الحافظ المحدِّث الكبير مولانا محمد زكريا الكانْدهْلَوي رحمه الله تعالى :

((اشتَهر بين العلماء أنَّ فِقْهَ البخاري في (تراجم صحيحه) ، ولتنوُّع مقاصد الإمام البخاري ، وبُعْدِ مَراميه ، وفَرْطِ ذكائه ، وحِدّةِ ذهنه ، وتعمُّقِه في فهم الحديث ، وحِرصِه على الاستفادة والإفادة منه أكبرَ استفادةٍ ممكنة : أورَدَ الحديثَ الواحدَ في مواضع كثيرة في أبواب متنوِّعةِ العنوانِ ، والمعنى ، والموضوع ، فهو كنَخْلَةٍ حريصة تَوّاقة ، تَجتهدُ أن تتََشرَّب من الزهرة آخِرَ قطرةٍ من الرَّحيق ، ثم تُحوِّلُها إلى عَسَلٍ مُصَفّىً فيه شِفاء للناس .

وشأنُ الإمامِ البخاري مع الحديث النبوي الصحيح : شأنُ العاشِقِ الصادق ، والمحبِّ الوامِق ، مع الحبيبِ الذي أَسبغ الله عليه نعمةَ الجمال والكمال ، وكساه ثوباً من الرَّوعة والجلال ، فهو لا يكاد يَملأ عينيه منه ، وهو كلما نَظَر إليه اكتَشَف جديداً من آيات جماله ، فازداد افتتاناً وهُياماً ، ورأى جمالَه يَتجدَّدُ في كل حين .

ولذلك نَرى الإمام البخاري ، لا يكاد يَشبع من استخراجِ المسائلِ ، واستنباطِ الفوائد ، والنزولِ إلى أعماق الحديث ، والتقاط الدُّرَر منه ، والخروجِ على قُرّائه بها ، حتى يَذكُرَ حديثاً واحداً أكثرَ من عشرين مرة . 

وقد روى (حديثَ بَريرَة عن عائشة) أكثرَ من اثنتين وعشرين مرة ، واستخراج منه أحكاماً وفوائدَ جديدة .

وروى (حديث جابر قال : كنتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فأبطأَ بي جَمَلي وأَعْيا ...) الحديث ، أكثرَ من عشرين مرة .

وروى (حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ، ورَهَنهُ دِرْعاً من حَديد) في أحدَ عشَرَ موضعاً ، وعَقَدَ له أبواباً وتراجمَ لها .

وروى حديثَ ابن عمر : إنَّ من الشَّجَر شَجَرةً لا يَسقُطُ وَرَقُها ...) الحديث ـ في أحد عشر موضعاً ـ واستخراج منها فوائد جديدة .

وسِرُّ ذلك أن الإمام البخاري لا يقتصر على ما يَتَبادَرُ إليه الذهنُ من الأحكام الفقهية المستخرجة من الاحاديث ، شأنَ أقرانِهِ ومن سَبَقَه من المؤلِّفين في علم الحديث والفقه ، بل يَستخرِجُ من الاحاديث فوائدَ عِلمية وعَمَلِيّة ، لا تَدخُلُ تحت باب من أبواب الفقه المعروفة ، رحمه الله تعالى)) . انتهى ملخصاً .

وأُشيرُ هنا إلى جُلِّ ما يُؤخَذ من هذا الحديث الشريف من الأمور التعليمية :

استحبابُ إلقاءِ العالم المسألة على أصحابه ، ليَختَبِرَ أفهامَهم ، ويُرغِّبَهم في الفِكر والاعتناء ، مع بيانِه لهم ما خفي عليهم إن لم يفهموه .

التحريضُ على الفهم في العلم .

ضَرْبُ الأمثالِ والأشباه ، لزيادةِ الإفهام وتصويرِ المعاني لتَرْسُخ في الذهن ، ولتحديدِ الفكر في النظر في حكم الحادثة .

أنَّ تشبيه الشيء بالشيء ، لا يَلزَمُ منه أن يكون نظيرَه من جميع وجوهه ، فإنَّ المؤمن لا يُماثِلُه شيء من الجَمادات ولا يُعادِلُه .

استحبابُ الحياء ما لم يؤدِّ إلى تفويتِ مصلحة ، ولهذا تمنّى عمرُ أن يكون ابنُه لم يَسكت .

توقيرُ الكبير ، وتقديمُ الصغير أباه في القول ، وأنه لا يُبادِرُه بما فَهِمَه ، وإن ظَنَّ أنه الصواب . =

أنَّ العالِمَ  الكبير قد يَخفى عليه بعضُ ما يُدركه من هو دونه ، لأن العلم مَواهب ، واللهُ يُؤتي فضله منْ يَشاءُ .

ما استَدلَّ به الإمام مالك رضي الله عنه ، على أن الخواطر التي تقع في القلب ، من مَحبَّةِ الثناء على أعمالِ الخير ، لا يُقْدَحُ فيها إذا كان أصلُها لله تعالى وذلك مُستفاد من تمنّي سيدنا عمر رضي الله عنه أن يكون ابنُه قد قال ما فَهِمَهُ ووقَعَ في نفسه من الصواب .

ووَجْهُ تمنّي عمر رضي الله عنه : ما طُبِعَ الإنسانُ عليه من مَحبّةِ الخير لنفسه ولوَلَدِه ، ولِتَظهَرَ فضيلةُ الولد في الفَهْم من صِغَره ، وليزدادَ من النبي صلى الله عليه وسلم حُظوة ، ولعله كان يرجو أن يَدعوَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذْ ذاك بالفهم ، كما دعا صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس ، لمّا أَدْنى إليه الماءَ إلى بيت الخلاء ، مِن تلقاءِ نفسه دون سابق إشارةٍ منه صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((اللهم فَقِّهْهُ في الدّين وعَلِّمْه التأويل)) . فكان رضي الله عنه كذلك .

فَرَحُ الرجل بإصابةِ ولدِهِ وتوفيقِهِ للصواب .

الإشارةُ إلى حَقارةِ الدنيا في عينِ عمر رضي الله عنه ، لأنه قابل فَهْمَ ابنه لمسألةٍ واحدة بحُمُرِ النَّعَم ـ كما جاء في رواية ـ ، مع عِظَمِ قَدْرِها وغلاءِ ثمنها .

أنه لا يُكْرَهُ للوَلَد أن يُجيب بما عَرَف في حضرةِ أبيه ، وإن لم يَعرفه الأبُّ ، وليس في ذلك إساءةُ أدبٍ عليه .

ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الحياءِ من أكابرهم وأَجِلاّئِهم ، وإمساكُهم عن الكلام بين أيديهم .

وقد أورد الإمامُ ابن فَرْحون هذا الحديث الشريف في كتابه : ((دُرَّةُ الغَوّاص في مُحاضرة الخَواصّ)) ـ وهو المعروف بأَلغاز ابن فرحون ـ ، ثم قال : ((قال العلماء : وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنه ينبغي للعالم أن يُميِّز أصحابَه بإلغازِ المسائل العَويصات عليهم ، لِيَختبِرَ أذهانَهم ، في كشف المُعْضِلات وإيضاح المُشْكِلات .

وهذا النوع سَمَّتْهُ الفقهاءُ : الإلغاز ، وأهلُ الفرائض سَمّوه : المُعاياة ، والنحاةُ يُسمّونه : الأَحاجِيَّ ، وقد ألَّف العلماء في ذلك تصانيف عديدة)) . انتهى من ((التراتيب الإدارية)) 2 :232 لشيخنا محدِّث المغرب عبد الحي الكَتّاني رحمه الله تعالى .                    

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day