1. المقالات
  2. الفتنة
  3. مختصر قصة الفتنة

مختصر قصة الفتنة

الكاتب : موقع قصة الإسلام
تحت قسم : الفتنة
3441 2008/03/13 2024/03/28
 غضب علي ـ رضي اللَّه عنه ـ

أتى عثمان إلى عليّ بمنزله ليلًا فقال له‏:‏ إني غير عائد وإني فاعل‏.‏ فقال له عليٌّ‏:‏ بعد ما تكلَّمت على منبر رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ وأعطيت من نفسك، ثم دخلت بيتك فخرج مروان إلى الناس يشتمهم على بابك ويؤذيهم‏.‏ فخرج عثمان من عنده وهو يقول‏:‏ خذلتني وجرأت الناس عليَّ‏.‏ فقال عليٌّ‏:‏ واللَّه إني لأكثر الناس ذبًَّا عنك، ولكني كلما جئت بشيء أظنه لك رضا جاء مروان بأخرى فسمعت قوله وتركت قولي ولم يعد علي يعمل كما كان يعمل‏

 الجرأة على عثمان

قيل‏:‏ إن إبلًا من إبل الصدقة قدم بها على عثمان فوهبها لبعض بني الحكم، فبلغ ذلك عبد الرحمن ببن عوف فأرسل إلى المِسْوَر بن مَخْرَمَة‏ وإلى عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، فأخذها فقسمها عبد الرحمن في الناس وعثمان في الدار ولا بدَّ أن هذه الحادثة التي رواها الطبري وابن الأثير كانت قبل سنة 35 هـ، لأن عبد الرحمن بن عوف توفي في سنة 32 هـ‏.‏

وقيل‏:‏ كان أول من اجترأ على عثمان بالقول جَبَلة بن عمرو الساعدي، مرَّ به عثمان وهو في نادي قومه وبيده جامعة ‏[‏الجامعة‏:‏ الغل، لأنها تجمع اليدين إلى العنق‏.‏ ‏[‏القاموس المحيط، مادة‏:‏ جمع‏]‏‏.‏‏]‏، فسلم، فرد القوم‏.‏ فقال جبلة‏:‏ لمَ تردون على رجل فعل كذا وكذا‏.‏ ثم قال لعثمان‏:‏ واللَّه لأطرحن هذه الجامعة في عنقك، أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة‏:‏ مروان وابن عامر وابن سعد‏.‏ منهم من نزل القرآن بذمه وأباح رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ دمه‏.‏ فاجترأ الناس عليه‏.‏

وقد تقدَّم قول عمرو بن العاص له في خطبته‏.‏ قيل‏:‏ وخطب يومًا وبيده عصا كان النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ وأبو بكر وعمر يخطبون عليها فأخذها جهجهاه الغفاري من يده وكسرها على ركبته اليمنى فدخلت شظية منها فيها فبقي الجرح حتى أصابته الأكلة في ركبته‏.‏

  طلب المهلة ثلاثة أيام

عاد المصريون إلى عثمان وكتبوا له‏:‏

‏"‏بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏.‏ أما بعد، فاعلم أن اللَّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فاللَّه اللَّه، ثم اللَّه اللَّه فإنك على دنيا فاستتم إليها معها آخرة، ولا تنس نصيبك من الآخرة فلا تسوغ لك الدنيا‏.‏ واعلم إنا واللَّه، للَّه نغضب وفي اللَّه نرضى‏.‏ وإنا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى يأتينا توبة مصرَّحة، أو ضلالة مجلحة مبلّجة‏.‏ فهذه مقالتنا لك وقضيتنا إليك واللَّه عذيرنا منك والسلام‏.‏‏"‏

وكتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ويحتجون ويقسمون له باللَّه لا يمسكون عنه أبدًا حتى يقتلوه، أو يعطيهم ما يلزمه من حق اللَّه‏.‏ فلما خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته‏.‏ فقال لهم‏:‏ قد صنع القوم ما قد رأيتم فما المخرج‏؟‏‏.‏ فأشاروا عليه أن يرسل إلى عليِّ بن أبي طالب فيطلب إليه أن يردهم عنه ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى يأتيه أمداده، لأنه كان كتب إلى معاوية كتابًا قال له فيه‏:‏ ‏"‏فابعث إليَّ من قبلك من مقاتلة أهل الشام‏"‏‏.‏

فقال عثمان‏:‏ إن القوم لن يقبلوا التعليل، وقد كان مني في قدمتهم الأولى ما كان، فمتى أعطهم ذلك يسألوني الوفاء به‏.‏

فقال مروان بن الحكم‏:‏ يا أمير المؤمنين مقاربتهم حتى تقوى طاولوك‏.‏ فإنما بغوا عليك فأرسل إلى عليّ فلما جاء قال‏:‏ يا أبا الحسن إنه قد كان من الناس ما قد رأيت، وكان مني ما قد علمت، ولست آمنهم على قتلي فارددهم عني، فإن لهم اللَّه عز وجل أن أعتبهم من كل ما يكرهون، وأن أعطيهم الحق من نفسي ومن غيري، وإن كان في ذلك سفك دمي

فقال له عليّ‏:‏ الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك‏.‏ وإني لأرى أقوامًا لا يرضون إلا بالرضى وقد أعطيتهم في قدمتهم عهدًا من اللَّه لترجعن عن جميع ما نقموا فرددتهم عنك، ثم لم تف لهم بشيء من ذلك، فلا تغرني هذه المرة من شيء، فإني معطيهم عليك الحق‏.‏ قال‏:‏ نعم فأعطهم، فواللَّه لأوفين لهم‏.‏ فخرج علي إلى الناس فقال‏:‏

‏"‏أيها الناس إنكم إنما طلبتم الحق فقد أعطيتموه‏.‏ إن عثمان قد زعم أنه منصفكم من نفسه ومن غيره وراجع عن جميع ما تكرهون‏.‏ فاقبلوا منه ووكدوا عليه‏.‏‏"‏

قال الناس‏:‏ قد قبلنا فاستوثق منه، فإنا واللَّه لا نرضى بقول دون فعل‏.‏ فقال لهم عليّ‏:‏ ذلك لكم‏.‏ ثم دخل عليه فأخبره الخبر‏.‏ فقال عثمان‏:‏ اضرب بيني وبينهم أجلًا يكون لي فيه مهلة فإني لا أقدر على ردِّ ما كرهوا في يوم واحد‏.‏ قال له عليّ‏:‏ ما حضر بالمدينة فلا أجل له‏.‏ وما غاب فأجله وصول أمرك‏.‏ قال‏:‏ نعم، ولكن أجلني فيما بالمدينة ثلاثة أيام .‏ قال عليّ‏:‏ نعم‏.‏ فخرج إلى الناس فأخبرهم بذلك، وكتب بينهم وبين عثمان كتابًا أجَّله فيه ثلاثًا على أن يرد كل مظلمة، ويعزل كل عامل كرهوه‏.‏ ثم أخذ عليه في الكتاب أعظم ما أخذ اللَّه على أحد من خلقه من عهد وميثاق وأشهد عليه أناسًا من وجوه المهاجرين والأنصار‏.‏ فكفَّ المسلمون عنه ورجعوا إلى أن يفي لهم بما أعطاهم من نفسه‏.‏

هذه الرواية تدل على أن عثمان إنما طلب المهلة حتى يأتيه المدد، وفي الطبري عدا ذلك أنه كان يستعد للقتال بالسلاح وقد كان اتخذ جندًا عظيمًا من رقيق الخُمس‏.‏

  كتاب عثمان إلى عامله بمصر

جاء المصريون يشكون من ابن أبي سرح، فكتب إليه عثمان كتابًا يتهدده فيه، فأبى ابن أبي سرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان، وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل مصر فقتله، فخرج من أهل مصر جماعة فنزلوا المسجد وشكوا إلى الصحابة في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم فقال طلحة بن عبيد اللَّه، فكلم عثمان بكلام شديد وأرسلت عائشة ـ رضي اللَّه عنه ـا إليه فقالت‏:‏ تقدم إليك أصحاب رسول اللَّه وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت، فهذا قد قتل منهم رجلًا فأنصفهم من عاملك، ودخل عليه عليّ بن أبي طالب فقال‏:‏ إنما يسألونك رجلًا مكان رجل وقد ادعوا قِبَلَه دمًا، فاعزله عنهم، واقض بينهم فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه‏.‏ فقال لهم‏:‏ اختاروا ‏[‏ص 167‏]‏ رجلًا أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر‏.‏ فقالوا‏:‏ استعمل علينا محمد بن أبي بكر فكتب عهده وولاَّه‏.‏

ويقال‏:‏ إن بعض أهل المدينة من مبغضي عثمان حرَّض مروان بن الحكم أن يكتب عن لسانه كتابًا إلى والي مصر بقتل محمد ورفاقه وأرسلوا الكتاب مع غلام لعثمان‏.‏ فسار الغلام على بعير يسرع في مشيه‏.‏ فلما خرج من المدينة وبلغهم سألوه عن وجهته، فقال‏:‏ أنا غلام أمير المؤمنين‏.‏ قالوا‏:‏ أمعك كتاب‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ففتشوه، فوجدوا الكتاب في أنبوبة من الرصاص، ففتحوه، فإذا فيه‏:‏ ‏"‏إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتل في قتلهم، وأبطل كتابه، وقرّ على عملك حتى يأتيك رأيي في ذلك إن شاء اللَّه تعالى‏.‏‏"‏

فلما قرأ محمد الكتاب رجع إلى المدينة مع من معه والغلام، ودخل على عثمان ومعه عليّ بن أبي طالب‏.‏ فقال عليّ‏:‏ هذا الغلام غلامك‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ نعم، والبعير بعيرك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فأنت كتبت هذا الكتاب‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ لا واللَّه ما كتبت هذا الكتاب، ولا أمرت به، ولا علم لي به‏.‏ قال عليّ‏:‏ والخاتم خاتمك‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فكيف يخرج غلامك ببعيرك بكتاب عليه خاتمك ولا تعلم‏؟‏‏.‏ فحلف أنه لا يعلم شيئًا من ذلك‏.‏ فقال عليّ‏:‏ لا يحلف عثمان إلا صادقًا فهو بريء من هذا الأمر‏.‏ ولكنهم عرفوا أن الخط خط كاتبه مروان بن الحكم، وكان عنده في الدار فسألوه أن يدفعه إليهم فأبى خوفًا عليه أن يقتل‏.‏ فطلب إليه المصريون أن يخلع نفسه فأبى، فارتفعت الأصوات‏.‏ فقام عليّ وأخرج المصريين وخرج معهم، ثم رجع المصريون، وانضم إليهم أشياعهم، فحاصروه في داره ومنعوه الماء‏.‏

وجاء في الطبري أنهم وجدوا في الكتاب‏:‏ ‏"‏بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏.‏ أما بعد، فإذا قدم عليك عبد الرحمن بن عديس فاجلده مائة جلدة، واحلق رأسه ولحيته، وأطل حبسه حتى يأتيك أمري، وعمرو بن الحمق فافعل به مثل، وسودان بن حمران مثل ذلك، وعروة بن النباع الليثي مثل ذلك‏.‏‏"‏

فلما كلمه المصريون في ذلك قال‏:‏

‏"‏واللَّه ما كتبت، ولا أمرت، ولا شوورت، ولا علمت‏"‏‏.‏ فقال المصريون‏:‏ فمن كتبه‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ لا أدري‏.‏ قال‏:‏ أَفَيُجترأ عليك فيُبعث غلامك، وجمل من صدقات المسلمين، ويُنقش على خاتمك، ويُكتب إلى عاملك بهذه الأمور العظام وأنت لا تعلم‏؟‏‏!‏ قالوا‏:‏ فليس مثلك بوَلي‏.‏ اخلع نفسك من هذا الأمر كما خلعك اللَّه منه، قال‏:‏ لا أخلع قيمصًا ألبسنيه اللَّه عز وجل ‏[‏روى ابن ماجه في ‏(‏حديث 112‏)‏ عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏يا عثمان إن ولاَّك اللَّه هذا الأمر يومًا، فأرادك المنافقون أن تخلع قيمصك الذي قَمَّصَك اللَّه فلا تخلعه‏"‏‏.‏ يقول ذلك ثلاث مرات‏.‏ قال النعمان‏:‏ فقلت لعائشة‏:‏ ما منعك أن تُعْلِمِي الناس بهذا‏؟‏‏.‏ قالت‏:‏ أُنْسِيتُهُ‏.‏

كما أورد البلاذري في أنساب الأشراف ج 5/ص 76، من حديث نافع عن ابن عمر، أنه دخل على عثمان فقال له عثمان‏:‏ انظر ما يقول هؤلاء، يقولون‏:‏ اخلع نفسك أو نقتلك‏.‏ فقال له ابن عمر‏:‏ أَمُخَلَّدٌ أنت في الدنيا‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ هل يزيدون على أن يقتلوك‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ هل يملكون لك جنة أو نار‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فلا تخلع قميص اللَّه عنك، فتكون سُنَّة كلما كره قومٌ خليفتهم خلعوه أو قتلوه‏.‏‏

وعلى كل حال أنكر عثمان علمه بالكتاب، وتبرأ منه، وحلف أنه لا يعلم شيئًا عنه، ولا بدَّ أنه صادق، وأن الكتاب مفتعل‏.‏

المقال السابق

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day