1. المقالات
  2. حقوق الرسول على أمته - أبو يوسف محمد زايد
  3. وجـوب مناصحتـه

وجـوب مناصحتـه

وجـوب مناصحتـه

قال الله تعالى : (لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التوبة : 91 )
قال أهل التفسير : إذا نصحوا لله ورسوله : إذا كانوا مخلصين مسلمين في السر والعلانية .
~ قلت : قال القرطبي : قوله تعالى: "إذا نصحوا" النصح إخلاص العمل من الغش. ومنه التوبة النصوح. قال نفطويه: نصح الشيء إذا خلص. ونصح له القول أي أخلصه له. وفي صحيح مسلم عن تميم الداري أن النبي قال: (الدين النصيحة) ثلاثا. قلنا لمن؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). قال العلماء: النصيحة لله إخلاص الاعتقاد في الوحدانية، ووصفه بصفات الألوهية، وتنزيهه عن النقائص والرغبة في محابّه والبعد من مساخطه. والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوته، والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه، وتوقيره، ومحبته ومحبة آل بيته، وتعظيمه وتعظيم سنته، وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها، والتفقه فيها والذب عنها ونشرها والدعاء إليها، والتخلق بأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم. وكذا النصح لكتاب الله: قراءته والتفقه فيه، والذب عنه وتعليمه وإكرامه والتخلق به. والنصح لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، إرشادهم إلى الحق وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين، ولزوم طاعتهم والقيام بواجب حقهم. والنصح للعامة: ترك معاداتهم، وإرشادهم وحب الصالحين منهم، والدعاء لجميعهم وإرادة الخير لكافتهم. وفي الحديث الصحيح (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)...... 
 
قال القاضي أبو الفضل رحمه الله :*حدثنا القاضي الفقيه أبو الوليد بقراءتي عليه ، حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا يوسف بن عبد الله ، حدثنا ابن عبد المؤمن ، حدثنا أبو بكر التمار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن عطاء بن يزيد ، عن تميم الداري ، قال : قال رسول الله : إن الدين النصيحة . إن الدين النصيحة . إن الدين النصيحة . قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله و لكتابه و لرسوله ، و أئمة المسلمين و عامتهم .
 
 
~ قلت : رواه مسلم في كتاب الإيمان - باب بيان أن الدين النصيحة
* حدثنا محمد بن عباد المكي. حدثنا سفيان. قال: قلت لسهيل: إن عمرا حدثنا عن القعقاع، عن أبيك. قال: ورجوت أن يسقط عنى رجلا. قال فقال: سمعته من الذي سمعه منه أبي. كان صديقا له بالشام. ثم حدثنا سفيان عن سهيل، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري؛ أن النبي r قال: "الدين النصيحة" قلنا: لمن؟ قال "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم "
قال القاضي أبو الفضل رحمه الله :-قال أئمتنا : النصيحة لله ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم واجبة .
قال الإمام سليمان البستي : النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة إرادة الخير للمنصوح له ، وليس يمكن أن يعبر عنها بكلمة واحدة تحصرها . ومعناها في اللغة الإخلاص ، من قولهم : نصحت العسل ، إذا خلصته من شمعه .
وقال أبو بكر بن أبي إسحاق الخفاف : النصح فعل الشيء الذي به الصلاح والملاءمة ، مأخوذ من -النصاح ، وهو الخيط الذي يخاط به الثوب .
-وقال أبو إسحاق الزجاج نحوه .
فنصيحة الله تعالى صحة الاعتقاد له بالوحدانية ، ووصفه بما هو أهله ، وتنزيهه عما لا يجوز عليه ،     والرغبة في محابه ، والبعد من مساخطه ، والإخلاص في عبادته .
والنصيحة لكتابه الإيمان به ، والعمل بما فيه ، وتحسين تلاوته ، والتخشع عنده ، والتعظيم له ، وتفهمه والتفقه فيه ، والذب عنه من تأويل الغالين ، وطعن الملحدين .
والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته ، وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه ، قاله أبو سليمان .
وقال أبو بكر : ومؤازرته ونصرته وحمايته حياً وميتاً ، وإحياء سنته بالطلب ، والذب عنها ، و نشرها ، والتخلق بأخلاقه الكريمة وآدابه الجميلة .
-وقال أبو إبراهيم إسحاق التجيبي : نصيحة رسول الله التصديق بما جاء به ، والاعتصام بسنته ،    ونشرها ، والحض عليها ، والدعوة إلى الله وإلى كتابه وإلى رسوله ، وإليها وإلى العمل بها .
-وقال أحمد بن محمد : من مفروضات القلوب اعتقاد النصيحة لرسول الله .
-قال أبو بكر الآجري وغيره : النصح له يقتضي نصحين : نصحاً في حياته ، ونصحاً بعد مماته ، ففي حياته نصح أصحابه له بالنصر والمحاماة عنه ومعاداة من عاداه ، والسمع والطاعة له ، وبذل النفوس والأموال دونه ، كما قال الله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب : 23 )
وقال : (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحشر : 8 )
-وأما نصيحة المسلمين له بعد وفاته فالتزام التوقير والإجلال ، وشدة المحبة له ، والمثابرة على تعلم سنته ، والتفقه في شريعته ، ومحبة آل بيته وأصحابه ، ومجانبة من رغب عن سنته وانحرف عنها ،    وبغضه والتحذير منه ، والشفقة على أمته ، والبحث عن تعرف أخلاقه وسيره و آدابه ، والصبر على ذلك.
فعلى ما ذكره تكون النصيحة إحدى ثمرات المحبة ، وعلامة من علاماتها كما قدمنا .
-وحكى الإمام أبو القاسم القشيري أن عمرو بن الليث أحد ملوك خراسان ومشاهير الثوار المعرف بالصفار ـ رُئي في النوم ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي ، فقيل : بماذا ؟ قال : صعدت ذروة جبل يوماً فأشرفت على جنودي ، فأعجبتني كثرتهم ، فتمنيت أني حضرت رسول الله فأعنته ونصرته فشكر الله لي ذلك و غفر لي .
-وأما النصح لأئمة المسلمين فطاعتهم في الحق ، ومعونتهم فيه ، وأمرهم به ، وتذكيرهم إياه على أحسن وجه وتنبيههم على ما غفلوا عنه وكتم عنهم من أمور المسلمين ، وترك الخروج عليهم ، وتضريب الناس وإفساد قلوبهم عليهم .
-والنصح لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم ، ومعونتهم في أمر دينهم ودنياهم بالقول والفعل ،      وتنبيه غافلهم ، وتبصير جاهلهم ، ورفد محتاجهم ، وستر عوراتهم ، ودفع المضار عنهم ، وجلب المنافع إليهم .
المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day