1. المقالات
  2. شرح الأربعين في التربية والمنهج_عبد العزيز بن محمد
  3. الحديث السابع والعشرون: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم

الحديث السابع والعشرون: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم

الحديث السابع والعشرون: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم


وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم  أخرجه مسلم.

 

جاء في رواية بلفظ آخر فهو أهلكَهم، يعني أهلكُهم وأهلكَهم، أهلكُهم أشدهم هلاكا، أهلكَهم تسبب في إهلاكهم، في الحديث ذم التشاؤم وتقنيط النفس، واليأس، لا تقنطوا من روح الله  إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ   قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ  ذم التشاؤم، القنوط، اليأس، كلها تورِّث العجز والخمول، والقعود والضعف والتخلف عن الخير، وفيه أن المتشاءم يحرم نفسه وغيره من الخير، ليت أن الأمر وقف على المتشائم، هو سوء، فيه سوء، لكن المصيبة أن يتعدى الأمر إلى غيره، والضرر إلى غيره؛ لأن من قنت الناس أدخل الضيم عليهم.

ودعاة الخير أولى الناس بالاجتناب عن هذا الأمر والحذر والبعد عنه، قال رجل للإمام أحمد كما ذكر ابن الجوزي في المناقب: يا إمام ظهر الباطل على الحق، لما قامت المعتزلة بالفتنة، قال: كلا بما أن قلوبنا على الحق فالحق ظاهر. فبعض الناس ينظر إلى الخير الكبير بمنظار صغير، وينظر إلى الشر الصغير بمنظار كبير، كلما أخبر بخير زهَّد فيه وهوَّن من شأنه، ولو كان الخير عظيما، وكلما بلغته شائعة عن شيء عن أمر سوء ضخمه وأشاعه وأذاعه، وزاد نفسه وغيره تقنيطا وتيئيسا، إن دخل بيته فأخطأ أحد أولاده أو أهله في أمر، رماهم بأسوأ الألفاظ بالبعد عن الخير، بالفسق، بالفجور، ولو أحسنوا ما أحسنوا واجتهدوا لم يبال بهم، ينظر إلى الناس بمنظار مظلم، منظار شؤم، هذا لا يعيش عيشة هنيئة، هذا لا يرتاح في عبادته، ولا يطمئن في تلاوته ولا في دعائه؛ لأن الشيطان قد غلبه وقيده وأسره فأصبح مأسورا مقادا تابعا لا متبوعا، تابعا للشر للشيطان لا متبوعا في الخير.

وفيه الحذر أيضا من تزكية النفس لأنه إذا ذم الناس فهو يزكي نفسه، كأنه هو الذي على الحق وما سواه على الباطل، هو الذي ينقد الناس، وهو الذي يقيم المجتمع، فهذا من الجهل ومن الضعف، وضعف الهمة بل ودناءة النفس  فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى  قد يكون في هؤلاء الذين يأستهم أو قنطتهم قد يكون أضعفهم خيرا منك  فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى   أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ  .

قال صلى الله عليه وسلم:  لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم  كأن من زكى نفسه يبعد من خصال أهل البر والصلاح، وللعلماء في هذه المقولة تخريجان: من قالها تقنيطا وتيئيسا، وقعد مع الخالفين فهذا المذموم، أما من قالها بحق تحزنا على ما أصاب مجتمعه أو بلده وقصد بذلك إعلاء همة نفسه وهمة غيره بتوفيق الله ثم بكلامه فنعم، لكن المحذور التقنيط والتيئيس، إن سمع شرا أذاعه ونشره، وإن سمع خيرا قبره ودفنه، فإذا المحذور هذا الأمر.

أما من قاله من باب حث الناس، يا إخوان كثر الشر، يا إخوان أهل البدع ظهرت رءوسهم، اجتهدوا، ظهر التقصير في بر الوالدين، ظهر الفحش في الغيبة والمجلات والقنوات، اجتهدوا، بقصد بعث الهمة، لا تقنيط الناس أو التشاؤم بقصد إضعاف الهمة، ثم أيضا أيها الأكارم ينبغي أيضا أن نعلم أن المسلمين فيهم خير وأن أهل المعاصي تبقى عندهم الفطر فينبغي أن يترفق بهم، فأنت يا داعي الخير طبيب، والذي تلبث بالمعصية مريض فالرفق الرفق، والعلم العلم، كم من أسلوب حسن غير مجرى حياة رجل، كم من أسلوب طيب على علم وبصيرة أدخل رجلا في الإسلام بعد أن كان كافرا، وكم من أسلوب سيئ بغض كثيرا من الناس في الإسلام وغير المسلمين.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day