البحث
سد الذريعة إلى الغلو في أولاده صلى الله عليه وسلم
•سد الذريعة إلى الغلو في أولاده صلى الله عليه وسلم :
لما خسفت الشمس في يوم وفاة ولد النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم ، زعم الناس أن سبب ذلك هو موت إبراهيم ، وبدئوا يخوضون في تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان ، ولما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فند ما كانوا يعتقدونه من الباطل ، وزيف ما علق في عقولهم من الخرافة .
قال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : انكشفت الشمس يوم مات إبراهيم ، فقال الناس : انكسفت لموت إبراهيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينكشفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي )) [1].
قال النووي رحمه الله تعالى : قال العلماء : والحكمة في هذا الكلام أن بعض الجاهلية الضلال كانوا يعظمون الشمس والقمر ، فبين أنهما آيتان مخلوقتان لله تعالى ، لا صنع لهما ، بل هما كسائر المخلوقات ، يطرأ عليهما النقص والتغير كغيرهما ، وكان بعض الضلال من المنجمين وغيرهم يقول : لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو نحو ذلك ، فبين أن هذا باطل ، لا يغتر بأقوالهم ... )) [2].
قلت : وهناك بعض المسلمين الجهلة في زماننا يعتقدون في الشمس والقمر وسائر الكواكب عقيدة أولئك الجاهليين والمنجمين ، فمتى ما انخسفت الشمس أو القمر ، أو شاهدوا نجما هوى ، أو مطر نزل ، وصادف ذلك ميلاد أو موت أحد من الناس ، أو كان في يوم معظم عندهم ، تحدث الناس أن ذلك إنما حدث لكذا وكذا .
وفي هذا مخالفة صريحة و مجانبة واضحة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في تفسير هذه الحوادث الكونية ، حيث بين صلى الله عليه وسلم بما يدع مجالا للشك أن ليس هناك علاقة بين هذه الحوادث وما يقدره في خلق الله .
قال المفكر الإسلامي الكبير أبو الحسن الندوي رحمه الله : ولو كان مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المناسبة الحزينة العاطفية أي داعية من الدعاة ، أو زعيم من الزعماء ، أو قائد دعوة وحركة وجماعة ، كان أقل مواقفه من هذا التعليق أو التفسير للحادث أو السكوت ، لأنه كان في صالح دعوته وحركته ، ولأنه يضفي على شخصه و أسرته ما يستطيع أن يستعين به في بسط نفوذه على قلوب الناس وعقولهم وتقوية ثقتهم به وإعجابهم له )) [3].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]صحيح البخاري ( 1 / 353 )
[2]شرح صحيح مسلم للنووي ( 6 / 201 )
[3]السيرة النبوية للندوي ص 442