البحث
حديث القرآن عن نشأته عليه الصلاة و السلام " وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ "
حديث القرآن عن نشأته عليه الصلاة و السلام " وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ "
قوله تعالى : " وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ (7) " [سورة الضحى] فيه ستة أقوال .
أحدهما : ضالاً عن معالم النبوة ، و أحكام الشريعة ، فهداك إليها ، قاله الجمهور منهم الحسن ، و الضحاك .
و الثاني : أنه ضل و هو صبي صغير في شعاب مكة ، فرده الله إلى جده عبد المطلب ، رواه أبو الضحى عن ابن عباس .
و الثالث : أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته فعدل به عن الطريق ، فجاءه جبريل ، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة ، ورده إلى القافلة ، فمن الله عليه بذلك ، قاله سعيد بن المسيب .
و الرابع : أن المعنى : ووجدك في قوم ضُلال ، فهداك للتوحيد و النبوة ، قاله ابن السائب .
و الخامس : ووجدك نسياً فهداك إلى الذكر ، و مثله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ) [282 سورة البقرة ] قاله ثعلب .
و السادس : ووجدك خاملاً لا تذكر ولا تعرف ، فهدى الناس إليك حتى عرفوك ، قاله عبد العزيز بن يحي ، ومحمد بن على الترمذي . (1)
و الراجح هو القول الأول ، و يقرب منه القول الخامس . أما بقية الأقوال فمتكلفة . ولا دليل على صحتها .
وليس المراد بالضلال هنا اتباع الباطل ، فإن الأنبياء معصومون من الشرك قبل النبوة باتفاق اهل العلم . (2)
و لم يختلف المحققون من العلماء أن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يصدر منه ما ينافي أصول الدين قبل رسالته ، و لم يزل العلماءيجعلون ما تواتر من حال استقامته و نزاهته عن الرذائل قبل نبوته دليلا من جملة الأدلة على رسالته ، بل قد شافه القرآن به المشركين بقوله :" فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)" [ يونس ] و قوله : "أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) " [ المؤمنون ] و لأنه لم يؤثر أن المشركين أفحموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما أنكر عليهم من مساوئ أعمالهم بأن يقولوا فقد كنت تفعل ذلك معنا (3).
------------------------
(1) زاد المسير في علم التفسير ج 9 ص 158 ، 159
(2) التحرير و التنوير : ج 30 ص 400
(3) انظر التحرير و التنوير ج 30 ص 400